٣٠ يونيه.. الكسر الصامت لفقه التبعية وإسقاط نظرية الموت الآمن
د. دينا محسن | باحث وكاتبة مصرية
هل الثورة حرب أم أن الحرب ثورة؟!
بدت ثورة ٣٠ يونيه عام ٢٠١٣ م وكأنها بالفعل تغيير استراتيجى فى خريطة الشرق الأوسط الجديد، حيث تغيرت موازين وأنماط الصراع، بعد أن عمّ التشويش والضباب وفقدان الثقة أفكار الشباب العربى، عادت مصر لتضع النقاط على الأحرف، وتعيد مؤشر البوصلة العربية فى اتجاهه القويم الصحيح.
الطور الإخوانى الدولى الجديد الذى يندفع فى مرحلة جديدة، يقاوم عودة الطابع القومى لمصر، واكتساب ثقة التاريخ، بعد اهتزازه كبيرة ما بين المشروعية واللا مشروعية لمقاومة التنظيم الدولى للإخوان ومن يُحرّكه.
وفى ظل استمرار معركة الوعى والحقيقة، بعد أن جفت أنهار الدراما والمظلومية وظهر الوحش الغاضب، ترى الحقائق جليّة بأن الإخوان الشياطين العملاء يريدون احتساء الدماء، دون دفع الضريبة! لكن جدار الوحدة الوطنية الصلب والتربة الخصبة المصرية، مثلّت قوة الردع والصمود.
حذّر بنيامين فرانكلين ونبّه من خطورة سيطرة المنظمات اليهودية وسطوة اليهود على أمريكا، وكذلك عبد الناصر الذى حذر أيضاً من خطورة سيطرة الإخوان على الحكم السياسى العربى، لكن فى الحقيقة مازالت هناك أنظمة عربية فاقدة للوعى!
رغم أن الظروف تحولت أكثر من مرة، لتُشكّل مرحلة جديدة فى طور الاستعمار، معركة التحديث والاختراق والاستعمار البديل.
إبطال مفعول عمليات الخداع البصرى والمفاهيمى، استمرار نزيف انهيار البنية الحضارية والثقافية، ليأتى الربيع العربى أو الخريف العربى (تلك أسماء سميتموها)، كفرصةً مواتية للنظام العالمى لخلق توازنات سياسية جديدة فى الإقليم، لكن الدولة المصرية انتبهت لتلك الهزّة السياسية، ومن ثم تم اتباع استراتيجية تدمير التهديد قبل أن ينشأ، (الضربات الإجهاضية)، وانتهاء حقبة فرضية النوايا الحسنة.
وبناءً عليه تم تمهيد المسرح الاستراتيجى فى مصر للحرب، لكن الإدارة السياسية المصرية والإرادة الشعبية والعسكرية عملت بمبدأ أفلاطون “الحكمة السياسية هى أٌمّ الحكمة العسكرية”،ومن ثم تم تجييش العقلاء من العوام وحشد الرأى العام، وذلك لخلق وحدة تأثير استراتيجى داخلى،
“إرادة القتال هى عصفور النار الذى يصعد ليشعل مدارج السماء فوق جدار الليل الأخير”، “هيجل”.
٣٠ يونيه ليست الحل النهائى، لكنها بداية الحل.
الرهان على المجتمع المدنى الوطنى الواعى مازال قائماً،، فالمجتمع المدنى الاشتراكى ليست مهمته قتل الناموس، ولكن تجفيف المستنقعات.
وأخيراً وليس آخراً،، “الحياد فى التاريخ وهم، ورفع الضرر كان سابق على اجتلاب المنفعة”،٣٠ يونيه،، تم رفع الضرر بنجاح، وتمت المهمة بأقل خسائر ممكنة.