(عفوًا) ردًّا على (شكرًا)
د. أيمن العوامري | باحث مصري
تكلم بعض أرباب التدقيق على استعمال المصدر (عفوًا) في الإجابة عن قول أحدهم: (شكرًا)، وذكروا أن الصواب قولنا: (حبًّا وكرامة)، لا (عفوًا)…
لكن بالنظر إلى المعجمات، يقال: عفوت عن الحق؛ أي: أسقطته كأنك محوته؛ ومن ثم فقولنا: (عفوًا) ردًّا على (شكرًا) يعني أننا أسقطنا حقنا في الشكر؛ إكرامًا للشاكر…
ويقال أيضًا: عفا الرجل واستعفى؛ أي: استأذن في السماح له بالمغادرة أو ترك أمر ما، فأعفاه بالألف أي طلب الترك فأجابه؛ ومن ثم فقولنا: (عفوًا) ردًّا على (شكرًا) يعني أننا نستأذن الشاكر في أن يعفينا من الشكر؛ لأنه يحرجنا ونستحيي منه…
ومن ثم فالعفو صواب فصيح صحيح في الرد على الشكر، ويعني أحد معنيين:
الأول: إسقاط الحق في الشكر.
الثاني: استئذان الشاكر في ترك الشكر؛ حياءً منه.
أما (حبًّا وكرامة)، فيُقَالُ: نعم، وحُبّاً وكَرَامةً، ونعم، وحُبًّا وكُرْمَانًا بِالضم، وحُبّا وكُرْمَة، والكَرَامَةُ: اسْمٌ يُوضَعُ للإِكرام كما وُضِعَتِ الطَّاعةُ مَوْضِعَ الإِطاعة، والغارةُ مَوْضِعَ الإِغارة.
وقيل في تفسير الحب والكرامة: الحُبّ الجرة أو القدر أو الضخم منها، والكَرَامَةُ: طبق يُوضَعُ على رأس الحُب والقدر، ويقولون: حمل إليه الكَرَامَةَ، على أن تفسير أرباب المعجمات الحب والكرامة بما سبق جاء بصيغة التمريض (قيل)؛ ما يرجح أن المقصود بهما المحبة والتكريم، وهي على أي حال عبارة تقال في الترحيب؛ كأن يسألك أحدهم: هل لك أن تحضر لي كذا أو تفعل كذا؟، فتجيبه: نعم، وحبًّا وكرامة! أو: لا، ولا حبا ولا كرامة!
ومن ثم فعبارة (حبًّا وكرامة) تقال عند الرد على من يطلب منا شيئًا، وتسبقها (نعم) أو (لا) أو من دونهما بحسب إرادة المتكلم وأحواله وموضع المخاطب من نفسه…