القرآن والإباحية في نظر المستشرقين
د.أماني ماهر | كاتبة مصرية
لمن وصلته تلك الكلمات: (القرآن يصف مفاتن المرأة .كيف تقدسون كتاباً يورد نصوصاً إيروتيكية) .
قبل أن نتطرق إلى النص موضع الاشتباه علينا أن نأتي بمواضع الاشتباك لنفض الجدل حول هذه القضية و إلى الأبد .
جذور الإشكال تأتي من محاولات ترجمة القرآن الكريم، والتي تعود إلى القرن الحادي عشر حيث تُرجم إلى اللاتينية ومنها إلى اللغات الأوروبية وهذا هو القديم في زمن الترجمة القرآنية.
والجديد في زمن الترجمة يبدأ من القرن السابع عشر. وصُنِّف المترجمون منذ هذه الحقبة إلى ثلاثة شعب:
١. الترجمات الإنجليزية الاستشراقية .
٢ . الترجمات الإنجليزية الإسلامية .
٣ . الترجمات الإنجليزية القاديانية .
و ما حدث و أثار شبهات حول القرآن هو الآتي
– [1] أن بعض الترجمات لم تنقل عن النص العربي بل ترجمت من نص فرنسي الي نص انجليزي وبديهي أن النقل من لغتين الى لغة ثالثة يذهب بالمعنى إلى غير معناً و إلى غير مقصد و هذا ما حدث مع ترجمة ألكسندر روس .
– [2] الترجمات التي ترجمها المستشرقون دون طعنٍ مني في نواياهم و إن بدت جلية كالشمس ، جاءت دون إلتزام بقواعد الترجمة التي يلتزم بها المترجم في ترجمة الكتب العامة مثل أمانة نقل المعنى و ليس الحرف و الأخذ في الإعتبار السياق والتراكيب وألسنة أهل اللغة الأصليين وتعبيراتهم ومجازاتهم.
والمفاجأة أن البعض ممن ترجموا عن اللغة العربية مباشرة رتبوا الترجمة حسب النزول التاريخي للنصوص وقلبوها رأساً على عقب ووضعوا مفاهيمهم وشروحاتهم وهرطقاتهم ضمن نص الترجمة أو على هامش النص .
– [3] أن حتى أصحاب الأمانة العلمية في الترجمة من المستشرقين أو المسلمين خانهم التعبير استبعاداً لشبهةالعمد، وهذا قد لا يعني قارئي الترجمة وخصوصاً من يتعرض بسطحية مع المحتوى ، و يقرأ دون أن يستعين بأدوات البحث لأنه ببساطة يبحث عن الطريق الأسهل وعندما يجد نصاً محرفًا فهو لن يبحث في حقيقة التحريف بقدر بحثه عما يدحض شكوكه أو يؤكدها .
الإشتباك الثاني يجيء في طبيعة القراء ودوافعهم وأساليبهم تستطيع أن تختصر هذا كله في تعبيرين هما سطحية البحث وسماعية التقليد و الترديد. فلا الذي يبحث يقوم بفعل البحث بلوازمه من مقارنة المصادر و تحري دقتها.
ولا الذي يسمع ينتهي به الأمر عند حدود ما يسمعه وينتقل إلى بديهية البحث بل يقلد و يردد دون تَبَيُّنْ و هكذا تدور الشبهات في فلك يتسع رويداً رويداً و تترامى أطرافه.
الإشتباك الثالث المعلومات أصبحت مطروحة دون توثيق. متاحة من غير مصدر. الأخذ عن الأشخاص أصبح سمة العصر والكفر بالمآخذ أصبح مرتبط بسقطات الأشخاص وليس بسقطات الفكر نفسه .
نأتي الآن للنص الإباحي الذي أتى به القرآن على حد قول المشتبهين.
“إن للمتقين مفازاً حدائق وأعناباً وكواعب أتراباً إلى آخر الآية ”
حملت بعض الترجمات الإنجليزية الشبهة للنص العربي حين تعرضت لوصف كواعب أتراباً. والكاعب في لغة العرب يريدون بها صفة النضرة والشباب في الأنثى وهي صفة سن ومرحلة عمرية معينة.
والكاعب اصطلاحاً ومصدراً هو ما ينتأ من الاستواء واصطلاحاً يكون المعنى التي نتأ ثديها. وبين المعنى و مقصود لسان العرب فرق شاسع . وقد وردت في الشعر العذري العفيف في أبيات نُسِّبَت لبشر بن أبي حازم حين قال:
وكم من حِصَّان قد حوينا كريمةٍ
ومن كاعب لم تدر ما البؤسُ ، مُعْصِر .
فكاعب هنا تعني الشابة النضرة فكيف إذاً يجتمع في بيتٍ واحد كلمة حصينة وكريمة على استقامة معانيهم مع كلمة بها لوثة أو شبهة البورنوجرافي الكلامي .
و هذه بعض الترجمات وأصحابها التي ترجمت مصدر الكلمة فترجمها (Arther J. Arberry) بقوله :(and maidens with swelling breasts, like of age) وكذلك ترجمها (Sarwar) بقوله :(maidens with pears-shaped breasts who are of equal age) وأيضا ترجمها (Pickthal A. Shakir) بقوله:(And voluptuous women of equal age) وكلها ترجمات تستوحي المعنى الحسي ، ووصف الثدي بشكل الكمثرى أو الضخامة أو الإثارة . وهي تعبيرات غير دقيقة عن مقصود اللسان العربي .
وفي المقابل يوجد ترجمات للمقصود في سياق لسان العرب ترجمة (Maulana) بقوله:(And youthful (companions), equals in age
وبقية الترجمات الصحيحة هي:
Marmaduke Pickthall….(And maidens for companions)
Abdullah Yusuf ali….. (Companions of equal age)
Muhammad Taqi Uthmani….(and buxom maidens of matching age)
ولتعزيز الحجة سأسوق مثالاً آخر هو كلمة الحُلُّم التي نرددها عامية و فصحى و نريد بها مرحلة بلوغ الذكور و الإناث و إن كنّا نخص بها الذكور أكثر.
هذه الكلمة نرددها دون تحسُس و دون شعور بالخجل لخلو المقصود بها من معناها الإصطلاحي.
اللهم إني قد بلغت اللهم فإشهد
المبلغة : أماني ماهر