التين والقطين في فلسطين

نادية حسن مصطفى | فلسطين

الموطن الأصل لشجرة التين هو حوض البحر المتوسط، لذا تعتبر شجرة التين من أشجار فلسطين القديمة والمنتشرة في الأراضي الزراعية خاصة المناطق الجبلية، وتعتبر مدينة رام الله أكثر المناطق إنتاجا للتين، ويقترن القطين باسم قرية من قراها وهي “سلواد القطيني” ويطلق على الزيتون والرمان والتين والعنب “ثمار الجنة” وثمرة التين مباركة لأن الله تعالى ذكرها في كتابة العزيز واقسم بها:- “والتين والزيتون وطور سنين”. كما عرف الفينيقيون التين واستعملوه غذاءً ودواء، فصنعوا منه لاصقات تشفي من البثور، واستعمله الفراعنة علاجاً لآلام المعدة. ويقول ابن سينا في كتابه “القانون” أن التين مفيد جداً للحوامل والرضع، كما يقول أبو بكر الرازي في كتابه “الحاوي” أن التين يقلل الحوامض في الجسم ويدفع أثرها السيء.

موسم التين في بلادنا:-

تقول الأغنية الشعبية والمعبرة عن الوجدان الجماعي:-

لايا بلادنا يا ام العنب والتين واحنا اللي رحلنا وغيرنا المقيم

ويطلقون على موسم التين الذي يبدأ في شهر آب موسم “القيظ” أي شديد الحر ولكن معناه عند الفلاحين هو”التموين” إذ يكتفي الفلاحون بالإفطار صباحاً على ثمار التين. يقول المثل “في موسم التين فش عجين” يقول الشاعر الشعبي:-

قم هيا يا صاحبنا نطرب بأكل التين المشطب

سلطان التين البياضي كاصدور البيض بيتقطب

والمقصود بعجز البيت الثاني أي يوضع على الصواني المنسوجة من القش الأبيض أيّ الأطباق من القش والمسماة أيضاَ منقلة والمناقل والتي تنسجها النساء أثناء العزب ونطارة كرم العنب من السرقات.

ويغني الأطفال المتجهون الى كروم التين:-

تين مشطب تشطيبة ع الندى ما حدا يطعم حدا

تين مشطب تشطيبة الواحد يطعم حبيبه

ويؤثر الندى الصيفي على نضج التين، فإذا كان الندى قوياً في الصباح يقولون “هجم التين” أي نضج الثمر بكثرة ويعتقد الفلسطينيون أن أول الثمر يطيل العمر فيقولون ” أكلت من أول الثمار ريتني من طولين العمار”، ويقودنا هذا المثل إلى اعتبار أكل العنب في أول الموسم أفضل، بينما التين الناضج في الآخر هو الأفضل. وأيضاً “رد عليك بأول العنب وآخر التين” لأن التين في أوله يكون كثير اللبن “الشرى” مما يسبب تشقق اللسان والشفاه عند أكله، والعنب في أوله قليل الحلاوة وطعمه معتدل وبه حموضة، وأكثر الفائدة في الحلاوة المفرطة. والشرى أو العصير الأبيض الذي يؤخذ من ساق الثمرة “القمع” والتي لم تنضج بعد يستعمل كمنفحة في صناعة الجبن، وتجد الرعيان يحلبون الحليب في المراعي ويصنعون الجبن الطازج ويؤكل حال تخمره، وشرى التين أو عصير قمع الحبة الفجّة يحتوى على خمائر تشبه الخميرة التي تستعمل في ترويب الحليب. ومن أمراض التين “المن” الذي يعالجه الفلاحون برش شجرة التين في أيام الندى برماد الطوابين (السكن).

تين سلواد

أنواع وأسماء شجرة التين:

يسمى التين في بلادنا بأسماء محلية معانيها مأخوذة من البيئة كما أن الأسماء للنوع الواحد تختلف من منطقة إلى أخرى وهذه أشهر الأنواع:- البياضي، الخضاري، الشناري، السباعي، السوادي، الشحيمي، الفلنطاعي، الغزلاني، الخروبي، الحمري، الحميض، المليص، والقراعي، العديسي، العيسلي، الموازي، المدني، الخرتماني.

ويدهن التين الشنيري والموازي بالزيت أو يوضع على أغصان الشجرة نبات يسمى (الكتيلة) ويشبه نبات الزعتر ورائحته طيبة ليساعد على النضج، وأحسن الأنواع للتجفيف وصناعة القطين هي:- الحمري الذي يجفف على أمه ويجمع عندما يذبل دون أن يلقط حتى يذبل على أمه ثم يجفف في المساطيح والسوادي، ثم يضغط على الحبة وتوضع لتجفف في المساطيح. ونوعا البياضي والخروبي يصلحان للتجفيف، وهناك الأشجار يطلق عليها “الطعامي” أي تؤكل طازجة والتسخية مأخوذة من الطعام. وهذه الأسماء اصطلح عليها الفلاحون فالعدس يشبه حبة العدس الأحمر في لونه واستدارتة والعسيلي يشبه العسل بلونه كما أنه أكثر أنواع التين حلاوة، والموزاي في لونه الأصفر وثمرته الطويلة يشبه الموز. والتين الباكوري والذي ينضج قبل الموسم وفي شهر حزيران مع المشمش يسمى ” الديفور”

شجرة التين مهددة بالزوال والاندثار لأسباب الإهمال وعدم الرعاية، إلى جانب الاستيطان وجدار الفصل، ومصادرة الأراضي وصعوبة الوصول إليها.

ويشبّه الفلاح شجرة الزيتون والتين والعنب بالطبقات الثلاث التي تسكن البلاد وهي البدو والفلاحين وسكان المدن. فشجرة الزيتون التي تنمو في كل مكان وتقتنع بالقليل من العناية والاهتمام تشبه المرأة البدوية، وشجرة التين التي تتطلب اهتماماً وعملاً أكثر بالمرأة الفلاحة. ودالية العنب تشبه المرأة المدنية التي تتحمل قليلاً وتتطلب اهتماماً أكثر وتعيش برفاهية. وهذا يدل على بقاء شجر الزيتون في الأرض لأنها تحتمل أكثر. وهذا يوضح القانون الزراعي بأن “الشجر المر بيأكل الحلو” وان أشجار التين تحتاج إلى العناية اللازمة أكثر من الزيتون.

أمثال كثيرة بطلها التين

وهناك العديد من الأمثال الشعبية حول العناية بالتين ذات دلالات ومعانٍ ومؤشرات بيئية:- “التين اقطع واطيه والزيتون اقطع عاليه والكلام هنا عن التقليم”. ” ثلاثة في الدنيا لازم قطعها:- الزيتون المتعلي، والتين المتدلي وفروع الحمايل الأقل” . “قصقص فروع الزيتون العالية وفروع التين الواطية”. “متى صارت ورقة التين قد إجر البطة، نام ولا تتغطى”. كناية عن اعتدال الطقس وبدء ارتفاع الحرارة”. “يوم بطلعن الموازين دور على مشارق التين” أي حينما يظهر الميزان في السماء يبدأ التين في النضج (أي يثمّر) أول الثمر. “إن ورّق التين أعجبني عجينك من غير تسخين” ” زيّ صوص التين يوكل وينين” أي أنه ضعيف. ” التين دودة من عوده” أي مصدره داخلي (منه وفيه).

وللتين والقطين قيمة اقتصادية، وكان الفلاحون يقومون بمبادلة القطين بالقمح أو حتى العدس والملح، ولقيمة القطين كان يقدم كتحلية للضيوف.

وقد سمعت أحد المغتربين المشتاقين لبيئتهم يقول بأن حبة القطين أحسن من كل أنواع الشيكولاتة. وهذه أمثال في قيمة القطين المادية والمعنوية: “التين أوله نقود وآخره أفوض” أي يكون التين في بداية الموسم قليلاً وبالتالي يدر المال على عكس نهاية الموسم. “عنده قطين العين” كناية عن وفرته وكثرته واعتباره مالاً وغنى. وهذا المثل”إذا أنوجد القطين احنا من الجوع آمنين” أيّ غذائي واكتفاء. “في موسم التين ما هي عجين” ويقولون أيضاً “إذا وجد التين ما بلزم العجين. “داري المساطيح من الريح” ما معناه حماية التين من الرياح والغبار خلال تجفيفه لعمل القطين”. “خلّي القطين في خوابية تيجي مشتريه” كناية عن عدم الترخيص بالشيء”. ” ومن قلة القطين أكلنا قموعة” ويقابل المثل الشعبي ومن قلة الخيل شدينا على الكلاب سروج” والمثل ” من قلة الدولة سلمنا ع النّور”

أمثلة شعبية ذات معانٍ رمزية:-

“كله عند العرب قطين” أي أن الأمر سيان لا فروق أو تفاوت. ويقولون أيضاً ” كل الناس في قطينها بتقطن وأنا في تيني بسطح. (أي كل واحد يقوم بعمله) “ما بيعرف التين من العجين” كناية عن الغباء والجهل. ” الطويل بياكل تين والقصير بيموت حزين” يضرب لمدح الطويل. وغالباً ما تكون الأغصان عالية إذ يقلم الفلاحون في الغالب الأغصان المتدلية لأنها تعيق الحراثة. “التين دودة من عودة” يعتقد الفلاحون أن الديدان الصغيرة التي توجد في بعض التين لا تضر لان مصدرها داخلي لا يأتي من الخارج ويضرب المثل لمن يأكل أي نوع من الفاكهة دون أن يتأكد من داخلها ” كلها عجرة ولا غيرك يوكلها مستوية” ويحس الواحد الثمرة بأصبعه وينتقي الناضج منه حتى لا يبقى إلا الفج فيقولون “هذي صابها وهذي ما صابها” ويضرب المثل للأناني الذي يحب الشيء الطيب لنفسه فقط. “بتين وبلا تين ماضيات السنين” يضرب للاستغناء عن حاجة ضرورية وأصل المثل أن الناس في موسم التين كانوا ينامون في كروم التين ليتسنى لهم قطف التين وآكله صباحاً وتخزين حاجتهم من القطين، وفي السنوات التي لم يكن باستطاعة الناس ضمان التين، صاروا يضربون المثل المذكور “والناس التى تضمن والتين هي التي لا تملكه”. “واللي في جيبة قطين بوكل في ايديه التنتين” ويضرب لمن لا يملك شيئاًَ لمن يملك “زي التين في الفردة” والفردة هي الكيس الكبير واذا وضع التين في الفردة يصبح في أسوأ حاله، إذ ان المعتاد أن يوضع في السلال فيحافظ على قوامه”. فاض الحر على المسطاح” والمسطاح هو مكان وضع “الذبيل” وهو بمعنى “بلغ السيل الزبى” والمثل الشعبي” وصل الكيل وحده” أي زاد الشيء عن حده. “هجين ووقع في شك تين” “في تشرين بغير التين” يدل هذا المثل على دخول الخريف وبداية موسم الزيتون، ويقومون بعملية قرقرة التين أي جمع الثمر والذبيل او القطين ويمكن استعمال العصا وتقلم الأشجار وينتهي الموسم، ويحب الأطفال التين فيقولون:- التين قرقع ورقة اللي يحبه يلحقه (قرقع معناها يبس وسقط وله صوت قرقعة) و”التين قرقع يا ورشة يا ويل اللي كبر كرشة ” يا ريت التين” شهر وشهر قراقرة” يتمنى الناس دوام موسم التين طوال العام مما يشير على مدى حب التين وأشجاره وموسمه الصيفي الغني بالوجدانيات والعزب والنطارة والإقامة في المناطير التي يستمتعون بها.

ومن الأمثلة الشعبية أيضاً: “يوم عنبك وتينك كل الناس محبينك، خلص عنبك وتينك كل الناس عدوينك” “كل تين سوادي وطيح الوادي” كناية عن منافعه وفوائده. “اطعم في التين تلاقي في الطين” اطعم الحيوانات في وقت التين تجدها قوية في وقت الحراثة. “التين ما ببات في جوف إنسان إلا أفسده” لذا يفضل تناوله صباحاً.

تصنيع التين:

الأهم والمنتج الرئيسي للتين هو القطين وهو طعام تراثي أساسي، فالتين يؤكل صيفاً والقطين شتاءً، وتمر ثمرة التين في عدة مراحل قبل أن تصبح مجففة فأول مرحلة هي جمع الذبيل الساقط على الأرض، ولا يكون ذلك إلا عند العصر ذلك لأن الذبيل في الصباح يكون محملاً بالندى، مما يؤثر على لونه وجودته. وبعد جمع الذبيل ووضعه في المسطاح ينتظر الفلاحون ثلاثة أيام حتى يجف وتبدأ العملية الثانية وهي “البرارة” حيث يتم انتقاء ما جف من التين، حيث يصنف القطين أثناء “برة” في المسطاح أما الردىّ فيبقى في المسطاح، وهكذا تكون عملية البرارة يومياً حتى يتم انتقاء جميع القطين أما الرديء فيجمع لوحدة حيث يستعمل علفاً للماشية أو يبادل به النواطير ترمساً من الباعة المنتشرين في الخلاء وأماكن العزب، ويوضع القطين أولاً في الكرم في مكان يسمى “المخبأ” حيث تحفر حفرة صغيرة في الأرض ويوضع القطين بها ويداس عليه بالأرجل حتى تتماسك الثمرة، فتحفظ من العفن ويغني الأطفال أثناء رقصتهم على القطين في المخبأ.

“هان حطين وقطين عـ مساطيح القطين” وبعد أن يمتلىء المخبأ بالقطين ينقل إلى البيت حيث يوضع في خابية أو جرن ويداس عليه بالأرجل أيضاً. وفي نهاية الموسم يبيع الفلاح جميع القطين ويوزن القطين بالرطل البراوي أي 4,5 كغم أما “قطين المونة” فيرص بالأصابع ويوضع في جرن خاص وغالباً ما يكون من أجود أنواع القطين أو من التين الطعامي ويأكل الفلاح القطين في موسم الشتاء مع “البسيسة” وهي طحين معجون بالزيت تغمس حبة القطين عن الأكل أو يغمس بالزيت والخبز وهو طعام الحراثين يمدهم بالطاقة والقوة. ويصنع الفلاح للمونة ما يسمونه “القصعة” تصنع حبات القطين وترص على بعض ويصل وزن القصعة من 8-10 كغم والكعجوز تفتح ثمار التين (الطعامي) وتجفف على الصخور والحجارة في الكرم ثم ترص على بعضها ويصل الكعجوز من 200-500 غم. وهناك القالايد حيث تنتقى حبات القطين الجيدة وترص بالأيدي ثم تخاط بشكل قلادة.

ثمار التين والقطين طعام للرياضيين، والنحفاء، والأطفال. ويمنع المصابين بالسكري والسمنة أو عسر الهضم والتهابات القولون والأمعاء من تناوله، كما أن كثرة البذور في الثمر قد تسبب اضطراباً في الهضم.

صناعة مربى التين

المواد والمقادير:- كيلو ونصف من ثمار التين الطازجة والخالية من أية إصابة، يفضل النوع الذي يسمى ” بالموازي” كيلو ونصف سكر، عصير ليمونتين، فنجانان من الماء، من 10-5 حبة كبش قرنفل، قليل من الجوز حسب الرغبة.

طريقة التحضير:- يغسل التين جيدا، يسلق بالماء وعندما يطرى يضاف اليه السكر وكبش القرنفل والجوز إذا استعمل، يغلى حتى ينضج وينعقد قليلاً مع أصنافه عصير الليمون، أثناء ذلك يرفع كبش القرنفل بالملعقة ويترك المربى حتى يصبح فاتراً ثم يعبأ في مطربانات نظيفة وجافة، ويترك حتى يبرد تماماً ثم يقفل بإحكام ويترك ليوم الحاجة.

يدخل القطين في تحضير المنشاف مع مجموعة من الفواكه المجففة والذي يقدم في رمضان.

منقوع التين : –

هناك عناصر نباتية تستعمل مناقيعها في مكافحة التهابات الجهاز التنفسي وتسمى ” المناقيع الصدرية ” . والتين احدها ويفيد منقوع التين في علاج التهابات الجهاز التنفسي مثل التهاب القصبان والحنجرة، كما أن تناول كأس من هذا المنقوع قبل كل طعام يفيد في تخفيف حدة السعال التشنجي الديكي، أما إذا استعمل المنقوع غرغرة فانه، يخفف الآلام الناتجة عن التهاب البلعوم .

وصفة لصنع منقوع التين :-

تؤخذ عشرين حبة وتقسم كل منها إلى شريحتين ثم ترمى في ما مقداره نصف لتر من الماء الساخن، وتترك فيه مدة اثنتي عشرة ساعة.

وصفة استعمال القطين كعلاج لكسل الأمعاء: –

يقطع (6-7) ثمار من التين الجاف إلى شرائح وتغمس في زيت الزيتون مع إضافة بضع شرائح من الليمون وتترك لمدة ليلة كاملة وفي الصباح تؤكل هذه الشرائح على الريق.

وصفة لاستعمال التين كعلاج للحروق البسيطة :-

يهرى مقدار من التين المجفف ويوضع على الحرق البسيط إذا كان المصاب بعيدا عن مراكز الإسعاف والأطباء.

وصفة لاستعمال التين كعلاج لخراجات اللثة والقروح : –

نقسم ثمرة التين إلى شريحتين ثم توضعان على الخراج أو القروح، وقد جاء العلم الحديث ليكرس أهمية التين في البرامج الغذائية والعلاجية وليكتشف له منافع عديدة واستعمالات واسعة .

محتويات التين من الغذاء :-

يعتبر التين من أغنى مصادر الفيتامينات (ا) و (ب) و (ج) كما يحتوي على نسبة عالية من المواد الغذائية على الأخص الحديد والكلس والنحاس، وهي المواد النباتية لخلايا الجسم والمولدة لخصاب الدم، وينصح به في حالات فقر الدم، كما يحتوي على نسبة عالية من الماء تبلغ حوالي 19% من وزنه وأن مائة غرام من التين تعطي للجسم حرارة مقدارها سبعون سعراً، وترتفع هذه النسبة إلى 268 سعرا في التين الجاف.

قصص عن التين

وهناك روايتين حول التين من الوجدان الشعبي فيها طرافة ومعاني مقصودة

الرواية الأولى بعنوان:-

” قشر يا بابا قشر” بفتح القاف وتشديد االشين المفتوحة وتسكين الراء

يروى أن ضيفا جاء عند احد الفلاحين النجلاء في موسم التين وقبل المساء، أرسل الأب ابنه مع الضيف إلى كرم التين وأوصاه والدة بأن يبقى في الكرم حتى يبدأ الضيف يقشر الثمر ويأكله، وفعلاً ذهب الضيف مع الولد إلى الكرم ولما أخذ الضيف يقشر الثمر، صاح الولد على أبيه قشر يا بابا قشر فقال ” هات الضيف يتعشى” وهذه الرواية تسخر من البخل والبخيل الذي وظف أكل التين مساءً لإشباع ضيفه. ومن المعروف أن أفضل الأوقات لتناول التين هو صباحا تمشياً مع المثل الشعبي :- ” التين ما ببات في جوف الإنسان إلا أفسده ” وهو بعكس الزبيب حيث يقولون ” الزبيب ما ببات في جوف الإنسان إلا أصلحه ” والمثلان يشيران إلى قوة وعي وإدراك العلاج لبيئته ومنتجاتها.

الرواية الثانية بعنوان :- ” حرباها البيت وراحت “

يروى أن بدويان دخلا إلى كرم تين مساءً وأخذا يأكلان الثمر بسرعة حتى لا يراهما صاحبه، واكل احدهما حرباء بالخطأ معتقداً أنها حبة تين، لوما أحس بطعمها المختلف، فقال لصاحبه انه أكل حبة تين لها أضلاع فقال صاحبه ” هذه حرباء!، فأجاب الاخر ” حرباها البيت وراحت.

وداع موسم التين :-

يتم توديع موسم التين بالغناء في شهر تشرين بحيث يقول المثل: ” وفي تشرين بغبر التين ” وقد ورد ذكر التين في الغناء الشعبي النابع من الوجدان وهو يمثل روح الأمة ويقودنا المغني في هذين البيتين من العتابا إلى كرم التين في نهاية الموسم وقد خرب ” المساطح” الذي ارتبطته ذكرى عزيزة على المغني والناس طيلة وقت ” العزب” إلى درجة أن المغني سمح لنفسه أن يعلن انه لو بكى على ضراب المسطاح ليس عيبا أو أمرا بسيطا، لأنه هو المكان الذي يحمل ذاكرة الفرح والمرح والأسى والإنتاج والاستمتاع بالغذاء والطعم والمشهد الخلوي والبيئي والمحبب إلى النفوس.

وتقول أبيات الأغنية:

خرب مسطاح كرم التين والتم أبعدو في بكينا ما اتلتم

سقا الله يوم ما يعمر ونلتم وأزورك يً المشطب عالندا

ومن دلعونا الفلسطينية أيضا :-

على دلعونا ليش دلعتيني اعرفتيني شايب ليش اخذتيني

سقا الله أيام العنب والتين وانا واباكي بفي الزيتوناا

والدلعونا ايضا توثق الطعم والنكهة لفلسطيني الشتات والمهجر، وتبث الشوق والحنين للأطعمة البلدية، وذلك عبر رسالة مع الطير الطاير فيقول :-

يا طير طاير ميل عالوادي وجيبلي من كرم العنب زوادي

شوية زعتر مع تين سوادي وزيت الفخيش وحب الزيتونا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى