صرخة
مريم أديب كريم | لبنان
يا وجدان اخلعي ثوب أتراحك وانفذي من بين قضبان المحابس! ارمي يا غاليتي تلك الجمرة من يدك…
لديَّ واجبٌ كونيٌّ يا آدم.. حبَّذا لو تتركني وشأني..
ماذا تفعلين يا وجدان؟ ولِمَ كلُّ هذي المكانس؟
أيُّ أتراحٍ تريد سلخها عنِّي يا آدم وحياتنا تتبدَّد أمام ناظري كقطيع بلا قانون؟! أتريد شطب أناي منِّي فأغدو جثَّةً عديمة الحسِّ؟! أنا آمنت بما لديَّ من حزنٍ ومن شجن.. يا آدم هذه أحلامنا تلهث كالجواد المنهوك.. وأنا أقسمتُ ألا أخمد سَورَة اشتعالي قبل حمل المكانس! ألا تبصر أديم الأرض يكسوه الغبار؟ وذاك النِّفاق، ببدلة رسميَّةٍ، بغلوِّه ولعابه القذر، ألا تراه يجري ليفترش المجالس!
لكنَّ نياط قلبك يا وجدان أرقُّ من أن يدلل الدُّنيا ويحملها على الأكتاف ناح مدارس الأخلاق والشِّيم!
قلبي صخرة صلدة يا آدم! قلبي يحتضن صراخ الدَّهر ودويَّ مدافع سقطت على رأس الأماني! قلبي بركانٌ حارق! أتصمتُ يا آدم أمام هول المشهد؟ أراك لا تبصر مثلي جنازة الإحساس ويتمها البادي؟ وتلك الغنوة الممزوجة بطين الحُبِّ والشَّغف، في توابيت على الأسفلت هناك رصفوها! لا عين تبكيها! وأنين ذاك الطِّفل الذي ولد رجلاً، ألا يمزِّق أحشاءك؟ هو يطالب السَّماء بجرم فطمه عن طفولته الجميلة.. آه كم نحن قساةٌ يا آدم! حدِّق، ففي كلِّ الزَّوايا ذئابٌ، ذئاب جائعة، تتغذى على هذه التلال المتراكمة من آلام البشر..