القوة التي لا تقهر

أ.د. محمد سعيد حسب النبي | أكاديمي مصري

في يوم من الأيام سئل العالم الكبير ألبرت أينشتين سؤالاً عجيباً وهو “هل هذا العالم ودود؟”، وكانت الإجابة بلا تردد “نعم، العالم ودود”. ولعل تأمل هذه الإجابة يفضي إلى حقيقة أن هذا العالم ليس ودوداً فقط؛ وإنما هو بديع، ويضم كل ما هو طيب وإيجابي، بل والأبدع من ذلك أننا نستحق كل الأشياء الطيبة التي يقدمها لنا هذا العالم.

ومن الأشياء الطيبة التي يوفرها العالم استشعار المودة تجاه الآخرين، والذي يجلب لنا الأفكار الإيجابية. والشعور الإيجابي تجاه الأشخاص والأشياء يحول مسار الحياة نحو الأفضل والأجمل. والمؤكد في الأمر أن الأفكار غير الطيبة نحو الآخر تستجلب مشاعر السوء وتؤذي الذات قبل أن تؤذي ذلك الآخر. أما أفكار الود فتستجلب مشاعر الحب، وكلما زاد مقدار ما نستشعره من حب، زاد ما نملكه من قوة وطاقة إيجابية بناءة.

ومضمون ما سبق جاء متوافقاً مع ما جاء به المفكر الأمريكي الكبير “تشارلز هانيل” حيث يرى أن الحب هو القوة التي نتغلب بها على كل تجربة إنسانية عصيبة، وهو العامل الأساسي والأزلي الذي تؤمن به كل الكائنات، والمتضمن في كل فلسفة وعلم ودين، وبالتالي فلا مهرب من قانون الحب.

إن الإنسان الناجح في صناعة الواقع هو الإنسان الفاهم لأفكاره ومشاعره والقادر على السيطرة عليهما وتوظيفهما في كل مواقف الحياة على اختلافها، بل ويمكننا القول إن المشاعر هي التي تضفي الحياة للفكر، والفكر المشبع بالحب لا يقهر أبداً.

وقوة الحب التي لا تقهر تجسدت في قصة “فريدريك أندروز”؛ فعندما كان في الثالثة عشرة من عمره قال أحد أطبائه لأمه: “ليس هناك فرصة ممكنة لشفائه، فقد فقدتُ ولدي الصغير بنفس الطريقة بعد أن فعلت كل ما بوسعي، لقد أجريت دراسة خاصة لمثل هذه الحالات، وأعلم أنه ليس من فرصة ليتحسن”، عندئذ التفتت إليه الأم قائلة: “ماذا كنت ستفعل إذا كان هذا الولد ولدك؟ فأجابها سأناضل وأناضل ما دام لديه نَفَس من حياة”. وكانت هذه بداية لمعركة طويلة الأمد مليئة بالتقلبات، فلقد أجمع الأطباء على أنه ليس هناك فرصة للشفاء، ولكن مع إيمان الأم وقوة حبها تم الشفاء، وتحول الفتى من جسد ضعيف عليل يمشي على يديه وركبتيه إلى رجل قوي منتصب القامة سليم البنية.

إن ما نرغب فيه لأنفسنا لجدير أن نؤكده للآخرين، ولنعلم أننا نحصد ما نزرعه؛ فإذا كنا نبث أفكار الحب فستعود إلينا وداً ومحبة، وإذا أرسلنا أفكار الكراهية فسنحصد آثارها واضحة جلية على حياتنا الشخصية وصحتنا النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى