تشويه الذاكرة الجمعية.. لمصلحة من؟!
د. أسامة إبراهيم | أكاديمي مصري
في كتابه (الضحك والنسيان)، يتحدث كونديرا عن أن الشعوب حين يتم تخريب ذاكرتها الجمعية وتشويه تاريخها ينشأ فراغ سرعان ما يستبدل بثقافة وتاريخ بديل، فينسى الشعب من هو وينساه العالم ولا يعود يعترف به !
في الوقت الذي يبحث شبابنا عن قدوة لهم فلا يجدون إلا مسوخا، وتخرج علينا في مواسم محددة أصوات تستعذب هدم الرموز التاريخية، وتستخرج للشباب كل ما يسيء إلى رموز وقامات تاريخية طالما كانت محل تقدير واحترام من أجل تحقيق ما يعتقد البعض أنه انتصار حزبي أو مذهبي تافه.
حضر في ذهني وأنا أقرأ ما يسطره البعض من سب وقذف كل عام عن بعض القادة والشخصيات، ما كتبته شعوب أخرى عن شخصيات تاريخية أسطورية (ملوك، آلهة، أنصاف آلهة) وحافظوا عليها كرموز تاريخية تجسد خلاصة العقل الجمعي لهذه الشعوب.
ماذا لو تمعنت فيما كتبه الانجليز عن ريتشارد قلب الأسد، وعن كنج أرثر وعن كل قادة الحروب الصليبية، وعن قادة حملات الاستعمار التي قتلت وسفكت ونهبت خيرات البلاد، حتى القادة التي استعبدت السود؟!!.. وقف مع نفسك واسألها: لماذا نحن بارعون في هدم الرموز؟! وماذا سنجني من إسقاط كل الصور الذهنية لرموزنا التاريخيين؟! بمن سنحتفظ في عقول أبنائنا؟!! … ثم يأتي التطبيع مع الاحتلال الذي سرق الأرض بعد أن سرق التاريخ حتى ينمحي الماضي وتنمحي معه الهوية!! … توقفوا يرحمكم الله.