أشهد أنني لم أعش

سمير حماد | سوريا

كلما نظرت إلى عنوان كتاب مذكرات نيرودا (أشهد أنني قد عشت) أتخيل أنني  أكتب كتابا لي بعنوان (أشهد انني لم أعش)؛ فالحياة  بالنسبة لي لم تكن  أكثر من البقاء على قيد الحياة، دون أن يتوفر لي ما أتوق إليه.

والكتاب الملاصق لكتاب مذكرات نيرودا هو مذكرات ماركيز بعنوان (عشت لأروي) وهو ما يحرك فيّ الشعور والإحساس بأن معظم الكتاب والمثقفين العرب يروون ليعيشوا،  وكأنهم شهر زاد تروي حكاياتها كي تؤجل موتها عند مطلع الفجر يوماً آخر.

كتاب آخر تمامي (أنا الذي رأى) لمحمد عمران، أقول للشاعر الحداثي لو كنت حيا ياسيدي لما رأيت أكثر من الأبنية التي تحولت إلى ركام، والشقق  التي تحولت إلى خيام، والظلام المضاء لهيب الصواريخ المتساقطة والحواجز التي تقطع الدروب، والغابات التي تحولت الى توابيت والبحار التي تبتلع الغرقى، والحكايات التي تحولت من خيال إلى واقع؛ الواقع كما وصفه ورآه شاعرنا (عيسى الشيخ حسن) بقصيدة تحمل العنوان نفسه تقريباً: (أنا الذي رأيت) أيضا.

الحرية التي يتباهى بها البعض ليست أكثر من اختيار درجة الانحناء، وهؤلاء أردأ صنوف العبيد من يدعي أنه عاش، فلان لم يمت مبكرا، وهو مدفون داخل جلده ينزف إنسانيته دون أن يراه أحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى