في أمريكا وإسرائيل يحتفلون بالنصر ونحن نلعن الهزيمة

عدنان الصباح | فلسطين

بأجواء محمومة بالشرق الأوسط انتظر العرب أكثر من غيرهم في العالم نتائج الانتخابات الأمريكية كما يفعلون على رأس كل دورة رئاسية أمريكية وأيا كانت النتائج دائما فهي الانتصار لأمريكا كما تريده أمريكا والهزيمة لنا كما تريدها إسرائيل التي لا تنتظر النتائج أبدا على قاعدة أن ساكن البيت الأبيض أيا كان هو معها ولها ولن يحيد عن الطريق المرسومة لها بينما ننتظر نحن ما انتظرناه منذ نهاية الحرب الاستعمارية الثانية ودائما حصلنا على نفس النتائج باستقبال عدو جديد في البيت الابيض لا لشيء الا لأننا في معادلة الساسة العالمية خارج أي اعتبار.
كغيره من مرشحي الرئاسة الامريكية جاء بايدن بما يختلف عن ترامب بانه سيعيد تنشيط فكرة الدولتين في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مع التزامه التام بأمن وحماية إسرائيل وهو ما فعله الجميع تقريبا قولا لكن النتائج دائما كانت لصالح امن وحماية اسرائيل وتهميش وإضاعة الحق العربي والفلسطيني وقد أسس ترامب لكل من سيأتي من بعده ليتابع ما بدأه في حملة التطبيع المحمومة بين العرب وإسرائيل.
بايدن القديم الجديد في الرئاسة فهو نائب باراك اوباما أي أنه لم يأت ليدرس ولا ليتعلم فهو ابن مدرسة الرئاسة الديمقراطية الحريصة على اسرائيل بهدوء ولكن بتصميم فهو معروف كأكثر المؤيدين لإسرائيل مع إعلانه عن تأييده لفكرة الدولتين التي تعلن اسرائيل تأييدها له نظريا وقولا وتعمل على تحطيمها عمليا وهو ما فعله باراك اوباما وما سيتابعه نائبه إن سكن البيت الأبيض.
أبدا لا تحتاج اسرائيل من بايدن إنجازات ترامب الاستعراضية ويكفيها أن ينفذ جديا موضوع القدس ويسكت عن الاستيطان وعن الضم العملي لما تيسر من أرض فلسطينية وبالتالي فأن انتظار الدبس كما يفعل العرب من مصدر يعرفون أنه لا ينتجه بل ينتج عكسه دائما هو انتظار جديد لهزيمة جديدة مهما كانت الإعلانات المسبقة من بايدن فجميع الرؤساء الأمريكيين بما فيهم ترامب يخوضون معاركهم الانتخابية سياسيا فيما يخص الشرق الأوسط على قاعدة الذهاب إلى تنفيذ فكرة الدولتين وحين يصلون كرسي الرئيس يتصرفون بخلاف ذلك وأي عودة الى الوراء سنقرأ نفس السيناريوهات فالرئيس الذي يسعى لتجديد ولايته لا يأتي على ذكر الشرق الاوسط فقد كان واضحا ما فعل والرئيس القادم يتقرب بالقول قليلا من بعض العدل في النظرة لسياسية بانتظار الوصول لينقلب كغيره ديمقراطيا بالقفازات الناعمة وجمهوريا بالقبضات الخشنة.
الناخب الأمريكي سينتصر والمؤسسة الأمريكية ستنتصر والديمقراطية الأمريكية ستنتصر فكل النتائج هي أمريكية وسينهزم الشعبي العربي الذي لم يترك لنفسه إلا الانتظار كما علموه أسياده وسينهزم هؤلاء الأسياد أيضا لاتهم تعودوا أن يبقوا على بيضهم في سلة من قادهم الأربع سنوات خشية أن يعود ويعاقبهم على إدارة الظهر لهم وحتى في حالة ترامب الذي اشتغل “حلابا ” للعرب لصالح الخزينة الأمريكية ومهرجا جعل من صورة العربي وخصوصا الحاكم أكثر الصور كاريكاتورية في تاريخ الولايات المتحدة وحول العربي إلى أحد مصادر السخرية العلنية ومع ذلك لم ” تهتز لنا رقبة”.
إنهم ينتصرون في أمريكا لأنهم يصوتون لأنفسهم وينتصرون في دولة الاحتلال لأنهم يعرفون قواعد اللعبة ويتعاملون معها كما ينبغي وننهزم لأننا لا نتقن من فنون السياسة شيء ولأننا لا نعرف أصلا ماذا نريد ولماذا نريد وماذا ننتظر ولماذا ننتظر ولأننا لم نتعلم أبدا الدرس الذي يتكرر منذ جلس ساكن البيت الأبيض على عرش العالم وظللنا ننتظر مع إدراكنا التام أن في موضوع الشرق الأوسط بأن هناك تطابق تام بين بيت رئيس الولايات المتحدة على أرض الهنود الحمر ورئيس وزراء دولة الاحتلال على أرض الفلسطين العربية فكلاهما له نفس الأجندة ولا يغادنها مهما تلون الكلام.
لا شيء سيتغير مع إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية بعد دقائق وسيبقى الحال على ما هو عليه وفقط سيجد الرئيس القادم بعض كلمات جديدة ولهّاية جديدة لغويا لننشغل بها كما اشغلنا أصحاب خارطة الطريق وصفقة القرن وكما فعل أوباما في حملته الانتخابية وأيامه الأولى في البيت الابيض بأن بلاده لم تدر ظهرها لرغبة الفلسطينيين بإقامة دولة لهم فأبقى على ظهره وأدار يديه ليفعل من الخلف ما يشاء ليأتي ترامب من بعده ويفعل ما فعل وهو ما سيكرره بايدن إن ظلت النتائج على حلها لساعات آو لدقائق وكذا سيفعل من سيأتي من بعد ومن بعد وسنبقى كما حالنا ننتظر هزيمتنا ونلعنها وينتظرون نصرهم ويلعنوننا ومن يلعن نفسه لن يجد من يرفع عنه اللعنة أبدا.
إن على العرب آن يغادروا ذاكرتهم المخرومة مرة واحدة ويتذكروا ما قاله المنقذ أوباما في جامعة القاهرة عن الحق العربي والفلسطيني وما فعله قبل أن يغادر البيت الأبيض بأشهر قليلة وهو يوقع على منح إسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار أمريكي على مدى عشر سنوات فلا معنى للقول مقابل الفعل وحكاية دموع الصياد يعرفها حتى الأغبياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى