عندما تنقلب الأمور

سمير الجندي | فلسطين

 

افتح عينيك كي ترى أن كل العالم كتفاحة قضمت نواتها العدالة. فتركت أسنانها على أطرافها. فقلل تبجحك يا هذا فعين “هرمن” الشرير تعشق ضحاياها حين تفتك بهم ثم تشرب دمائهم بكأس مع النبيذ في عشائها الأخير. فمن يزيل غشاوة الظن عن سقراط الحكيم في عيون الآخرين.. اشرب سمك يا سيدي لتثبت أنك على حق. ولا تعط المبرر للجبناء أن يثبتوا براءتهم. فكل ميدان يحفظ التاريخ على بلاطه الرخامي. ثم ترسم أنامل الرسام على الرمل قصائد تنتقل مع اول هبة ريح إلى السماء، ثم تترك أجنحتها التي لا تتقن الطيران… أطبق صدغيه كل من شاهد مقطعا من مسرحية “منودراما” الشخص الأوحد الذي ينقل بلغته الهزيلة وصايا المعتقلين. ثم يأتي الآخرون ببعض التمرد محاولين نقل دروسهم عبر التاريخ.

فكيف نباهي بانتصارنا ولم نملك بأكفنا بندقية ذات الدفع الذاتي؟ ثم يعلن شيخ المعتقلين إضرابا عن الكلام وعن الغذاء والدواء.. ويبقى الماء الذي يعمد به راهب منسي ابناء رعيته والرعايا الآخرين… كل الأطفال في حيينا القديم تعمدوا على يدي الراهب، ومنذ ذلك الحين راح الحي يرفض الظلم المحاك ضد مدينتهم… فانتبذوا. فمن اخترع هذا الغزو الأممي؟ انقلبت الآية.

فمن يبيع لأطفالنا تذاكر للفردوس؟ حتى ولو بالمقاعد الأخيرة من الجنة؟ فالوباء والاحتلال يأتيان بحركة متعرجة؛ مع الدجاج والخنازير والقنابل الكيميائية ومع الكرسي الكهربائي. موت نموذجي للفقراء. فهل الفقر فخر للمرء حين ينتهي العالم؟ ولن يسكن الببغاء في عش الصقر. فالصقور لا تحب الثرثرة ولكنها تستسيغ لحم الببغاء… لكن سلالة الببغاوات لن تنتهي… القسوة ليس لها حدود كالرحمة.. فكلنا مدانون. فموت بعصابات على الأعين وموت صامت ومزيد من الصمت اللانهائي. فكلنا ضحاياهم. أتصدق أن القوم يرون بأعين خالية من المقل؟ فهذا الوقت هو وقت الدر، والسجون، والأطباء، والعقاقير، والقتل، والفيروسات، والحظر، والتباعد، والكمامات.

الكم كان ولا يزال للأفواه، وزاد على ذلك؛ فغدا اليوم كتم الأنفاس. واستنتج القوم ان النجوم الخماسية والسباعية والثمانية اختلاف مثل اختلاف الرأي في طعم الفاكهة الاستوائية. فتقرر أن تكون النجوم جميعها سداسية؛ وهكذا لم يعد الاختلاف واردا… وليشرب الرابي نخب انتصاره في كنيسه في حضن المحراب. وليغلق الراهب الجليل أبواب كنيسته ويلملم “أطفاله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى