ونقشت نبرتها على أعصابي

سالم بن علي الكلباني | سلطنة عمان

 

عُجِنَت بِخالِصِ طِيبة الأعرابِ

لِتقرَّ في الأَرحامِ والأَصلابِ

///

عَربيَّةٌ تَزهو بِراسِخِ مَجدِها

من غابِرِ الأزمانِ والأَحقابِ

///

عَبرت أقاصي الأرضِ وهي عَزيزةٌ

تَتلو على الأكوانِ خيرَ كِتابِ

///

فيها الحَلاوَةُ والطلاوَةُ والنَّدى

فيها الهُدى و روائِعُ الآدابِ

///

فِيها وفيها كلُّ شيء مُعجبٍ

بل ما يَفوقُ مدَارِكَ الإِعجابِ

///

عُزفَت على أَوتارِ نَغمَةِ آدَمٍ

مُنذُ اكتِشافِ الضَّوءِ للأَهدابِ

///

و تَمايَلت طرباً على إيقاعِها

شُمُّ الجِبالِ و نَفحةُ الأَطيابِ

///

خَلَدت وعَزَّت و ارتَقت وتَرسَّخت

سُبحانَ راسِمِها على الألبابِ

///

كلُّ اللُّغاتِ تَشيخُ وهي صَبيَّةٌ

تَختالُ في سَعَةٍ وفي تِرحابِ

///

ماتت بَناتُ بَناتِها وهي التي

بَقِيتْ مُمَتَّعَةً بِخيرِ شَباب

///

جُمَلٌ تَفيضُ سَلاسَةَ وعُذوبَةً

وتَدفُّقاً كالجَدوَلِ المُنسابِ

///

تتشكَّلُ الواحاتُ منِ كَلِماتِها

و حُروفِها في مَنظَرٍ خَلاَّبِ

///

من نالَ حظَّاً مِن خَفِيِّ عُلُومِها

حِيزَتْ لهُ الدُّنيا بِغيرِ حِسابِ

///

تَسمو بِعاشِقِها وتَشرحُ صَدرَهُ

للفَضلِ تَحتَ تَعدُّدِ الأسبابِ

///

لُغة ٌمُبارَكَةٌ تُجدِّدُ نفسَها

في أيِّ ما لَبِستْ مِن الأثوابِ

///

ألقى عليها الله سِرَّ عُلُومِهِ

لِتَبوحَهُ سَهلاً إلى الطُّلابِ

///

يا طالما سَهِرت عُيونٌ كي تَرى

ما في خَفاياها مِن الإيجابِ

///

وتَجرَّدت هِمَمٌ لتسبُرَ غَورها

وتَخوضَ بحرَ جَمالِها الجذَّابِ

///

عَربيَّةٌ لُغَتي وأفخَرُ أنني

مِنها وفيها سُحنَتي وإِهابي

///

أحببتُها حُبَّ الصَّغيرِ لأُمِّهِ

ونَقشتُ نَبرَتها على أَعصابي

///

وحَمَلتُها في القَلبِ حِرزَ مَحبَّةٍ

هو عن تَبدُّلِها أعزُّ حِجابِ

///

مَن مُبلِغُ المُتنكِّرينَ لِفَضلِها

أنَّ الذُّبابَ عَدوَّةُ الأطيابِ

///

لو لم تَكونوا بَعضَ من رُزئت بِهِم

نَبتاً لخابت هِمَّةُ الحَطّابِ

///

لا تُخدعوا بِتَخاذُلِ الأعرابِ في

زَمَنٍ بِهِ هُزِمت قُوى الأَعرابِ

///

فاللهُ خيرٌ حافِظاً وسَينجلي

ليلُ التَّخلُّفِ مُؤذِناً بِذَهابِ

///

وسَيعلَمُ المُتَغطرِسونَ بأنَّهُم

قُلِبوا بِخيبَتِهِم على الأَعقابِ

///

لا يَحقِرُ العَربيةُ الفُصحى سوى

مَن كان مَوصُوماً بِفَقدِ صَوابِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى