فهمي الأنصاري المقدسي.. مؤرخ وباحث ومكتبي يغادرنا وفي حلقه غصّة! 

عزيز العصا | معهد القدس للدراسات والأبحاث – جامعة القدس – فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 09/01/2021م

http://alassaaziz.blogspot.com/

aziz.alassa@yahoo.com

غادرنا أمس (09/01/2021) إلى الدار المستقر فهمي الأنصاري؛ المؤرخ والباحث مقدسي، تشهد له المكتبة العربية، ويشهد له الباحثون في الشأن المقدسي، وكثير من حملة الماجستير والدكتوراه مدينون له كمرجع وملاذ لهم عندما كانت تشتد الأزمة وتندر مصادر المعلومات، لا سيما في مجال المخطوطات والمعلومات غير المكتوبة في الكتب.

وفي المجال المكتبيّ، لم يتوقف الأنصاريّ عند متابعة المكتبات المقدسية والتوثيق لها، وإنما شرع منذ طفولته في عام 1956 ببناء مكتبته الخاصة، بجمع الكتب وأرشفتها وقراءتها، كما قام بأرشفة الصحف والمجلات والمصاحف. وكان يقوم بابتداع رفوف خشبية بتصنيع يدوي للتقليل من كلفتها. وبمرور الزمن، أخذت المكتبة تكبر شيئًا فشيئًا، وتتراكم محتوياته، وأخذ الباحثون يترددون عليها.

وفي ثمانينيات القرن الماضي تم وضع المكتبة كأمانة في قسم احياء التراث لمدة (3) سنوات، ثم قام الأنصاري باسترجاعها كاملة وأودعها في المكان الذي كان تشغله مطبعة جريدة الفجر، حيث كان مهجورًا، فقام أصحابه بتنظيفه وإعداده لاستيعاب مكتبة الأنصاري، وكان ذلك حوالي عام 1990م. وقد قدّر لي أن أقابله –رحمه الله- في هذا المقر عصر 27/4/2016، وأوثّق المعلومات الواردة في هذا المقال الموشَّح بالحزن، إذ طلب مني في حينه أن أؤجل نشر مقال حول مكتبته هذه. وأما أبرز محتويات المكتبة:

أولاً: المخطوطات.

جانب من مكتبة فهمي الأنصاري، بعدسة كاتب المقال، كما كان حالها في 27/04/2016 في مقر صحيفة الفجر بالقدس

ثانياً: الكتب طباعة الحجر:

هناك عدد من الكتب تعود إلى القرن التاسع عشر.

ثالثاً: الكتب الطباعة المعاصرة:

وهي من مختلف التخصصات كالطب والأدب وعلم الاجتماع والديانات الإسلامية والمسيحية وغيرها، وهي في غالبيتها سليمة حتى اللحظة ، حيث هناك كتب مطبوعة منذ الخمسينيات حتى تاريخه تقدر بحوالي عشرة آلاف كتاب.

رابعاً: الجرائد:

يوجد جميع الجرائد التي صدرت بعد العام 1967، وهي: القدس، الفجر، الشعب، الانباء، صوت الشعب (وهي 14 عددًا)، وهناك جريدة أصدرها حنظل بعنوان البشير (صدر منها 175 عددًا)، الميثاق، المنار، الطليعة.

خامساً: المجلات:

هناك حوالى (2,000) عنوان مجلات، ومنها ما يوجد عدد واحد فقط (إذ لم يصدر سواه، مثل: مجلة المسرح ومجلة المهندس).

سادسًا: قطع:

تقدر بحوالي 20,000 قطعة.

خلاصة القول،

يتضح من الوصف أعلاه أن هذه المكتبة تشكل أرشيفًا للقرن العشرين، بالإضافة إلى محتوياتها من القرن التاسع عشر وما قبله. كما أنها تحتوي من الصحف والمجلات ما لا يمكن وجوده في أي مكان آخر؛ الأمر الذي يعني ضرورة المحافظة عليها كجزء مهم من الحضارة والهوية العربية في القدس على المستوى الثقافي. أضف إلى ذلك أن هذه المكتبة متفرّدة تمامًا ليس في محتوياتها وحسب، وإنما في فكرتها أيضًا، مما يعني أننا أمام صرح علمي ومعرفي إبداعي يفتح آفاقًا رحبة للباحثين مستقبلًا.

المرحوم فهمي الأنصاري في مكتب كاتب المقال بتاريخ: 31/01/2019

لقد لاحقت سلطات الاحتلال المرحوم “فهمي الأنصاري” مطالبة إياه بمبالغ مالية طائلة لا قِبل له بها. وظل الأنصاري يحلم في المحافظة على هذه المكتبة كمؤسسة وطنية. وعندما قمتُ برفقة الصديق الأكاديمي الغيور على الكتب والمكتبات “د. خالد غيث”، بالسعي للإسهام في حماية هذه المكتبة، بل هذا الكنز المقدسي الوطنيّ المهم، اصطدمنا بعقبات جعلت الغصّة تستقر في حلوقنا جميعًا؛ وها هو “فهمي الأنصاري” قد غادرنا قبل نحو (24) ساعة والغصّة في حلقه؛ غضبًا على تراث قد يضيع في غفلة من الإهمال واللامبالاة وعدم الاكتراث!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى