النضج مملّ و صائب
سجى مشعل | القدس – فلسطين
لَقد نالت مشاعرنا منّا، فَهل يقبلنا الله؟
في اللّحظة الّتي شقّنا النّضج إلى نصفين اثنين صارت الحياة أكثر صعوبة وأقلّ براحة، وكَبرت مسؤوليّاتنا، وبقيت لنا المساحة الجديدة الّتي سَنُفكّر كيف سنعيش فيها “مُتأقلمين” مع فكرة “الجديد”.
كلّ ما يصدر عن النّضج مُملّ لكنّه صائب بِقَدر ملله وبُطئه، كلّ ما يصدر عن العقل وواقعيّته وحَزمه هو الصّواب بِعينه، وكلّ لحظة أو شعور كان قد جَرفنا للأسفل أو حاول أن ينال منّا بكلّ برودة وتشفّي كان سبيلنا إلى الهلاك.
في كلّ زلّة وخطأ هناك ملذّات كامنة في الزّوايا، وهناك راحة غريبة تحضر أمامنا كي ننجرف وراء سبُل راحتنا دون التّفكير بالعَواقب، وحينما نعتصر من النّدم وتُحضّر وَخزات الضّمير نفسها لِتقلب ليلنا إلى عتمة تستيقظ فيها عيوننا نلجأ إلى الله رغبة بالنّجاة وصحوة من الغفلة، لكنّ خوفًا يلاحقنا “هلا سيقبلنا الله؟”.
هل يُسامحنا الله؟، هل يقبلنا الله؟، نعرف بأنّ العفو شاملنا، وبأنّ الله كريم، وبأنّ من صفاته ما لا يُمكن لنا أن نعُدّه أو نُحصيه، لكنْ هل نستحقّ العفو والمغفرة؟
نحاول أن نجعل الحسنات يُذهبن السّيّئات، طالما أنّ الإنسان يُحاول فإنّ من حقّه أن يَنعم بفرصة أخرى، وأن يَنعم بِراحة بالٍ بعد كلّ هذا التّعب، والله هو المُسترح الوحيد في طريق المشقّات الطّويلة.
الله جالب الخيرات، وناشل المؤمنين به من المُستنقعات، لا أعتقد بأنّه يبخل على عباده بِسُقيا نجاة، أو سُقيا فرح، أو سُقيا غفران، ولو أراد لَهيّأ الأسباب أمام العباد وَلَيّن قلوب المُتحجّرة قلوبهم، وأنزل منه إلهامًا لِنَجاة المُتأبّطين خيرًا بالغُفران والنّجاة، أمّا الآن فَفِعلًا سَيقبلنا الله!