العـراق
مختار إسماعيل محمد | مصر
زاد الحنين وما في القلب ما أصفُ
إلا نسيم هوىً للروح يختطف
///
أنا ابن عمري وعمري راح مكتملاً
في حبها وأراه الان ينكشف
///
ألقتْ علىّ وما ألقتْ على أحدٍ
همسًا من الوجدِ لا يمضي ولا يقف
///
أفنيتُ في وصفها عمري ولستُ أرى
أني وصفتُ سوى وجدٍ به رهفُ
///
أقمتُ في سحرها العذريِّ محتمياً
وكلما راح مني الظلُ أنحرف
///
انا ابن مصرَ وأهلي بالعراق همُ
مَنْ أوردوا بالفراتِ الماءَ واغترفوا
///
لي في العراق هوىً بغدادُ تعرفه
وكربلاءُ ، صلاحُ الدين والنجفُ
///
أنا المتيمُ يا أهلَ العراق بكم
وصورة المجد بالتاريخ تلتحفُ
///
سلوا الحدائقَ في قلبي معلَّقةً
ترمي جمالًا ولا تنأى وتنصرف
///
مهد الحضارات أمجادٌ وألويةٌ
قد شيدوها فكان العز والشرف
///
سلوا النسيم إذا ما هبَّ من فمها
أيا نسيم الصَّبَا هل كنتَ تكتلف؟
///
بلِّغ عراقاً هوى لهفي لرؤيته
وأن شوقي إليه الآن ينجرف
///
بلِّغ عراقاً وإن طالت مسافتنا
وإن تعالى عليه الخوف والأسف
///
أني سأسمع أهل الرافدين هنا
لحناً جميلا مهيباً أينما عَزفوا
///
حنَّ النخيلُ إلى رقصاته طرباً
وان يُزَّفَ على تيجانه السعف
///
حنَّ الفؤاد إلى ليلى التي سكنت
كل القلوب فحار الناس إن وصفوا
///
حنَّ المحب إلى ” عشتار” تلهمه
كيف العيون تجلَّى فوقها وطف
///
حنَّ العطاشى لماءٍ في الفرات جرى
لدجلة الخير كم بالخير قد عُرِفوا
///
لكوفةِ العلم كم قامت بها مدنٌ
فصادفت جنة تعلو وتأتلف
///
حتى أتى من رعاع الأرض شرذمةٌ
فأودعونا بيوتا ما لها سُقُفُ
///
صارت عرايا بأوصال ممزقة
وأهلها من لهيبٍ حارقٍ قُصِفوا
///
يسري الفناء على أرجاءها زمنًا
ويستبد بها من كان يرتجف
///
صال الدخان بها من كل ناحيةٍ
فمَنْ لها ولسان النار لا يقف
///
كلُّ الديار كما الأطلال مسكنها
تبكي السماءُ وتبكي الأرضُ والصحفُ
///
“سيزيف” يحملها صخرًا على وجعٍ
ويعتريه إذا ما أُلْقِيَتْ وَجَف
///
هل ذنبها أنها ألقت عباءتها
حين ارتقى بردها يعلو ويزدلف
///
أم ذنبنا أنَّ ما في العرق من أسفٍ
على العراق وفيه الواهنٌ الدنف
///
آهٍ على جنة الأوطان كم نزفت
وكم رأت من رجالٍ دونها نزفوا
///
آهٍ على بابلٍ والحسنُ في يدها
والحزنُ في وجهها للناس ينكشف
///
يا وجه ليلى رثاك الشعر قاطبةً
إذ لاح منك عراقُ المجد ينصرف
///
هو العراق كعرقٍ بين أضلعنا
إذا تمزق يوماً مُزِّقَ الألف
///
لبستُ من طينها ثوباً أسيرُ به
وإن خلعتُ رداءَ الطين أنكشف
///
عهدي بمن أرضعوني الحب أنهم
أهلي الذين إذا ناديتهم عرفوا
///
هذا العراق ومن يُخفي محاسنه
فإنها في سماء الله تنتصف
///
هذا العراق أتي للكون بَوْصلةً
إن أوقفوها فإنَّ الكون ينحرف
///
هذا العراق على أكتافه وقفت
كل الهموم وما ضاقت بها كتف
///
فإنَّ فيها ومنها من إذا صبروا
رأيت “أيوب ” في أوصالهم يرف
///
يراودون أُسود الأرض في ثقةٍ
ويُرهبون عدو الله لو زحفوا
///
سيوفهم في رقاب الكفر ماضية
وأرضهم لو غواها الشر تنخسف
///
ودورهم توقد النيران في كرمٍ
وأهلها كالضيا إن زارهم سَدَف
///
قلبي هناك على ماء الفرات له
خفقٌ وعشقٌ وإيمانٌ ومُعتَكف
///
إني هناك وأهل الشعر يجمعنا
قلب العراق وروض -زانها -أُنُفُ
///
حتى اللقاء فيا بغداد لا تقفي
وإن لحى أرضك الأحبابُ أو عزفوا
///
سنلتقيكِ شموخاً لا مثيل له
وتلتقينا رجالاً عنكِ ما نكفوا
///
إني أراها وشمس الله في يدها
تهدي الوجود شعاعًا ليس ينحرف