البابُ الإنسان
المتوكل طه | فلسطين
أتذكَّرُ بابَ الدّارِ
كأنَّ الخشبَ زجاجٌ يُظْهرُ مَنْ يَطْرُقُهُ،
من إيقاعِ الكفِّ عليه؛
فَعَمّي عيسى يَنْقُرهُ بِبَراجِمَ طَبّالٍ نَشْوان..
والخالةُ يُسْرى تَتَنَحْنَحُ، ثمّ تَدُعُّ البابَ
بلا استِئذان..
وصديقي أحمدُ سينادي.. إذ يحملُ طبقاً
يترجرجُ، قبل المِدْفَعِ في رمضان..
والبابُ الثابتُ لا يشكو؛
إنْ دَفَشَتْهُ الأقدامُ المُسْرِعةُ،
ولا يشكرُ مَنْ يتروّى معه..
ويظلُّ كما نأمُرهُ..
بل لا نُغْلِقُهُ في الصيفِ.. ولكنّ أبي
كان يُفضّلُ ذلكَ.. حتى لا تدخلُ حِرباءٌ أو ثعبان.
وأُمّي تُغْلقهُ إنْ زخَّ المطرُ عنيفاً..
وكثيراً ما صَفَقَ البابَ أخي..
إذْ يخرجُ محتجّاً غضبان..
والبابُ يُطيعُ الداخلَ والخارجَ..
وحديدُ مفاصلهِ صَدِأتْ بعضَ الشيءِ، لهذا؛
صَبّت أُمّي الزيتَ عليها،
ليكون هوائيَ الصوتِ.
وإنْ أَخَذَتْكَ الغُربةُ،
لا شئَ سيملاُ عينيكَ الفارغتينِ سوى البابْ..
يراقبُ ببراءةِ طيرٍ ما فعل الباشقُ..
لا يكشفُ سِرّاً،
لا ينبسُ بنمائمَ طاهرةٍ،
لا يغتابْ،
ويبكي إنْ سالَ الدمعُ من الأجفان..
لهُ قلبٌ .. فهو من العائلةِ،
سيرقصُ إنْ رقَصتْ،
وسيبحثُ عن منديلٍ إنْ حَزِنتْ،
ويشيبُ عليه اللونُ،
ويبهتُ،
وينوءُ بألواحٍ قد تصبحُ طَرْحاً للنيران..
و أظنُّ ؛ البابُ هو الإنسان.