الفقر ليس عيبا؛ لكنه أيضا ليس فضيلة
د. حنا عيسى | القدس – فلسطين
كانت أمي تقول لي: إن الفقر ليس خطيئة، وإنما الخطيئة أن يكون المرء غنياً ويهين الآخرين؛ لأن ،الفقر ليس تكفيراً لخطايا ارتكبناها في الماضي، بل بسبب نظام مجتمعي يعتمد على الاستغلال.. إذن ، أنا لست حياديا، أنا مع الـ “تحت “، مع أولئك الفقراء البسطاء الذين يكونون دائما عند خط الواجب الأول، أولئك الذين يسكنون تحت سقف الفقر الواطي ولكنهم يقفون عند خط المعركة العالي.. فلم يكن والداي يعلمان أن الاسم الذي اختاراه لي يعني “شفاف” بالإسبانية. لكنهما كانا يعلمان أهمية الشفافية والأمانة والنزاهة.. لذا، أنا لا أصبغ شعري ولا أعالج التجاعيد لكنني أقاوم الزمن بما هو أكثر من ذلك، فكلما مرضت صممت على الذهاب لطبيب أطفال.
فثمة نكتة قديمة عن سكّير يبحث عن مفاتيحه تحت إنارة الشارع العمومي، يصادفه شخص ويعرض عليه المساعدة، ثم يسأل السكّير بعد عدة دقائق من البحث إن كان واثقا من المكان الذي فقد فيه مفاتيحه، فيرد السكير: “كلا ، لست متأكدا، لكن هذه البقعة الوحيدة التي توجد فيها إنارة.. لهذا السبب، حين يسير اللصّوص في الطرقات آمنين فهناك سببان: إما أن يكون النظام لصا كبيرا أو أن غباء الشعب أكبر! لهذا السبب لا تترك الشعب جائعا وتأمنه.. فإن الشعوب إذا جاعت ستفترس.. لذلك، فإنه في السنوات الأخيرة ترى الكنائس والمساجد ملأى والفساد يعم المجتمع! الحج يحضره ملايين، بينما الفقر تعانيه المجتمعات.. لماذا؟
لأن الإنسان كلما وضع المناصب نصب عينيه، يبدأ الفساد في سلوكه.. فليسَ العُمّال بمسئولين عمّا تُعانيه البلاد من مشاكل، فالمسئولون هم أولئك الذين لم يُحمّلوا أنفسهم عناء الاهتمام بحالة الشعب والعمل على إنصافه ووضع حَدّ لتضليل المُضللين وفساد الفاسدين.