حقوق الإنسان يضمن مساءلة الاحتلال عن انتهاكاته.. المآلات والدلالات
علي أبو هلال | أبو ديس- القدس- فلسطين
محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي
اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء الماضي 23 آذار/ مارس، قرارا بشأن فلسطين يختص بـ”حالة حقوق الإنسان وضمان المساءلة فيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية”.، وذلك في الدورة 46 للمجلس، لدى مناقشته البند 7 بعنوان ”حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى“ الذي يدرج باستمرار في جدول أعمال المجلس.
وصوّتت 32 دولة من أعضاء مجلس حقوق الإنسان لصالح قرار فلسطين، وامتنعت 8 دول عن التصويت، في حين صوّتت 6 دول ضد القرار: توغو، مالاوي، النمسا، البرازيل، بلغاريا والكاميرون. وتغيبت البحرين دون أي تفاصيل تذكر.
ويجدر الاشادة بموقف دولة الكويت التي طالبت عبر مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف السفير جمال الغنیم، مجلس حقوق الانسان، بتفعيل الآليات القانونية لضمان مساءلة دولة الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبته عن انتهاكاته المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، ومنع إفلاته من العقاب.
مجلس حقوق الإنسان هو هيئة حكومية دولية تابعة لمنظومة الأمم المتحدة تضم 47 دولة، وهو مسؤول عن تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. ويقوم المجلس في جملة أمور، بتعيين المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 الذي تتمثل مهمته في تقييم الوضع وتقديم تقرير علني عنه، وفي العمل مع الحكومات والمجتمع المدني وغيرها من الجهات. ويُنظَر في حالة حقوق الإنسان في فلسطين أيضا، في سياق الاستعراض الدوري الشامل لدوراته المتعاقبة. وكان المجلس قد أوفد بعثات لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، مثل بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن العدوان على قطاع غزة في عام 2009، وبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن أسطول غزة في عام 2010، وبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن المستوطنات الإسرائيلية في عام 2012. وغيرها من اللجان، وهي جهود هامة ويمكن اعتبار التقارير الصادرة عنها وثائق ومستندات قانونية تدين الاحتلال وانتهاكاته الجسيمة، وتشكل سجلا لجرائمه المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويأتي هذا القرار الهام للمجلس بعد إعلان المدعية العامة للمحكمة مطلع هذا الشهر، إطلاق تحقيق بشأن ارتكاب إسرائيل جرائم حرب محتملة في قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، ويكتسب هذا القرار أهميته أيضا في هذا الوقت بالذات الذي تتسع وتتواصل فيه الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك في مخالفة صارخة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الانسان.
أن قرار مجلس حقوق الانسان بشأن ضمان المساءلة القانونية لدولة الاحتلال، فيما يتعلق بانتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يدعم توجه المحكمة الجنائية الدولية لمباشرة التحقيق في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي هذا الشأن تكتسب أهمية كبيرة جهود العديد من المنظمات الحقوقية الدولية الداعمة لقرار المحكمة الجنائية الدولية، وقرارات المؤتمر الدولي الذي عقد في القاهرة خلال الأسبوع الماضي حول “تعزيز المساءلة والمحاسبة الجنائية لجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة.. فلسطين نموذجاً” والذي أشاد بقرار المدعية العامة للمحكمة بدء التحقيقات، وقرار الغرفة التمهيدية بالاختصاص المكاني الذي يدعم ما أكدته محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري عام 2004، والذي يمثل رصيدا إضافيا مهماً لحماية حق الشعب الفلسطيني في كامل أراضيه المحتلة في حزيران 1967.
إن المساءلة القانونية لدولة الاحتلال عن الجرائم التي ترتكبها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تعتبر جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم عدوان، وكلها تمثل انتهاكات صارخة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان، قد بدأت وينبغي دعم هذه الجهود من قبل كل المنظمات الحقوقية الدولية الحكومية ومنها مجلس حقوق الانسان، والمنظمات الحقوقية الأهلية، بالإضافة إلى جهود كافة القانونيين والحقوقيين وانصار وداعمي العدالة في العالم، حتى لا يفلت مجرمي الحرب في دولة الاحتلال من العقاب الذين يستحقونه، إنصافا لضحايا هذه الجرائم الذين طال انتظارهم، حتى تأخذ العدالة طريقها نحو التحقيق والنفاذ.