يوميات من كورنيش الاسكندرية (٤)
محمود عبد المقصود | نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية
علاوة زوجتى!
كانت الفرحة تكسو ملامحها وعلامة الرضا تسكن بتقاطيع وجهها.. وراحت تدندن خلسه وهى الوقورة الجادة.. وانتظرت حتى تجمع الأولاد وزفت لنا جميعا الخبر الذى أدخل عليها هذه السعادة .. فقالت وهى تلملم الألفاظ وترتب الكلمات لقد حصلت اليوم على علاوة تشجيعية.. هنا وبمجرد أن أطلقت زوجتى الطبيبة الخبر انتقلت عدوى سعادتها على أولادى .. وراح كل منهم يطلب مزيدا من الامتيازات التى أتعنت فى تلبيتها من باب تقويتهم على ترويض أنفسهم.. ولحساسية موقفى انزويت بعيدا عنهم و ساورنى سؤال منعتنى عزة نفسى من طرحة عليها وهو يا ترى الزيادة دى كم؟
وتمنيت من الله أن يصادف سؤالى هذا قريحة أىا من أبنائى، وجلست أمام الكمبيوتر أعيد حساباتى معها وقلت لنفسى من الإنصاف أن أصرف نظر عن فكرة جلوسها من العمل والانتباه لتربية الأولاد؛ فلا يجب أن أقف أمام رزق مَنَّ الله به عليها.
وأيضا قررت أن أتراجع عن مطالبتى الخاصة لها بعمل شاى أو قهوة أو معاتبتها على شيء قلت لها افعليه ولم تفعله، وقلت عليَّ أن أعترف أن عمل المرأه أصبح ضرورة فى هذا الزمان الصعب وووو
وعقدت النية لحظتها أن اقرأ لنوال السعداوى لتردنى لصوابى وأن أدعو كذلك فى صلاتى لقاسم أمين الذى حرر المرأة من جبروت المجتمع وغطرسة الرجال.
وبينما كنت مشغولا بذلك كله ترامى لمسامعى سؤال عن الزيادة التى حصلت عليها زوجتى الطبيبة..عندما سألها ابنى الصغير كم يا ماما؟ وساد الصمت أركان المكان ترقبا لسماع قيمة العلاوة التى جاءت على لسان الدكتورة مسبوقة بديباجة أن الدلالة الحقيقية للعلاوة فى قيمتها المعنوية وليست المادية واستطردت في كلامها قائلة؛ هى (خمس جنيهات بس خلو بالكو هى دخلت على أساسي المرتب) .. وما إن أنهت إجابتها حتى ساد الهرج والمرج مجلسنا وانفض الجميع من حولها ..وراحو يلتفون حولى من جديد ووجد هذا يسألنى تأكل يابابا وذاك يقول لى تشرب شاى معايا يا بابي .. الأمر الذى شجعنى أن استرد هيبتى ومكانتى من جديد وهذا ما دعانى لأرفع صوتى بقوة قائلا: ما تقومى يا ستى حضّري لنا الغدا بدل الكلام الفاضي بتاعكم ده .. وكنت أيامها مازلت أدخن فامسكت بسيجارة ووضعتها فى أقصى شفتي وناديت عليها: الكبريت يا هانم مش شيفانى حاطت الزفت فى بقي ..ونظرت لأولادى وقلت فى نفسي ماشى يا ولاد ال……….!!