البعد الروحي في نظرية الألوان لدى الفنان التشكيلي سرور علواني
نظام مارديني | ناقد
تدفع تجربة الفنان التشكيلي السوري/ العالمي سرور علواني، إلى قراأت جمالية متعددة ومعاني تشكيلية وتنظيرية كأداة لمعرفة العالم الإنساني وفي رحلة موسيقية رؤيوية ودلالية، تتفاعل من خلالها مضامين موضوعاته المليئة بالعلامات مع الرموز والشخوص والأشجار والطبيعة، التي لا تخلو من بعدٍ روحي.
يمنحنا الفنان “علواني”، الكثير من الرؤى المبنية على التحديات الواقعية والانطباعية التعبيرية في “الطبيعة والإنسان”، وذلك من خلال تحقيق سيول كبير للمادة الحسية المترابطة مع وحدة البناء والشكل والرؤية والأسلوب في لوحاته، التي تفرز نبرات إيقاعية بجودة تنسجم مع الاستعمالات اللونية التي تشكل عناصر توهجية، في إطار لغة بصرية لها مضامينها الرؤيوية المعنية بالادراك الحسي، ولذلك يشاهد المتلقي، الذي يحمل ثقافة الفن التشكيلي، أن أعمال علواني متماسكة وقوية بأبعادها الفلسفية، كما أنه وظف سيمولوجيته وثقافته المعرفية الشاملة ليمنح اللوحة أبعادًا زمنية ومكانية، وهو بذلك يترك التحليلات مفتوحة بصرياً على الكثير من التأويلات المصحوبة بدهشة تثير الكثير من التساؤلات الدراماتيكية، القادرة على جذب البصر نحوها، وفهم الحركة اللونية والمتماثلة مع الظل، متحكمًا بعين المشاهد، ولكن بداية في بعدها الأول، أما في البعد الثاني المباشر فأن التشويق هو الأكثر إثارة لانه خلق لغة بين الستاتيك (شكل اللوحة) والديناميك. أي بين الاشياء بتركيبتها الشكلية وبين إضفاء الشعور الذي تلتقطه عين المتلقي أو الناظر للوحة.
إن وقوفي في الجانب “الايكونوغرافي” يقودني إلى ثقافة العين عند الفنان علواني، لأشير إلى أن وعيه بالثقافة البصرية هو الذي مدّه بصفة النباهة في اختياراته الشكلية واختباراته اللونية للّوحة وطريقة عرضه لها بكثير من المهارة والتقنيات العالية لتمنح الأعمال الفنية لديه توازنها وانسجامها، بنوع من التكافؤ والتوازن بين كل المكونات والعناصر التي تملأ الفضاء لتجعل البصر يتناغم ويتفاعل مع طبيعة العمل ككل.
وهنا، أرى أنه من الضرورة الإشارة إلى طبيعة تعامل هذا الفنان الكبير مع الألوان، وهي نظرة تختلف عن نظرة الفنانين التشكيليين الآخرين. فهو “يلعب” بالألوان من خلال كاميرا العين التي صنعها الخالق سبحانه وتعالى، لا من خلال الكاميرات الرقمية، مما يساهم في خلق رؤى تتجلى عبر المعاني والدلالات التي تحمل في طياتها مميزات تعبيرية خاصة بالهوية اللونية، وكأننا بالفنان هنا حاول أن يوظّف الجاذبية بين السماوي والأرضي وفق رؤية تشكيلية ووفق منهج إستعاري يعبر عن نظرية فنية تحاكي الواقع، وهذا شأن طبيعي عندما تنظر إلى طبيعة نشأة هذا الفنان في بيئته الغنية بالفقه الديني. وهو يهدف من خلال ذلك دفع المتلقي إلى مشاهدة الألوان على حقيقتها لا كما تصورها الكاميرا الرقمية حيث تتمرأى أشكال من الكتل اللونية خارج حقيقتها كما تراها عين الخالق.
إن تقييمي لرسومات الفنان الكبير لا ينجز من خلال الحكم على أسلوبه، بل بما يكمن وراءه من فكر تنظيري يمتلكه علواني، ولذلك تكتسب إعادة قراءة أعماله وتقييمها في التأسيس لمرتكزات النقد التشكيلي، والبحث في جوهر رؤيته للفن التشكيلي الذي ينطلق من مفهوم إنساني رغم أنّ مرتكزاته بيئية، وهنا أتذكر قول لمؤرخ الفن الإنكليزي “هربرت ريد” وما قاله في كتابه (معنى الفن) إذ يرى “إن الحكم على العمل الفنّيّ في ضوء مضمونه، سبيل يؤدّي إلى تدخل كل أنواع الأهواء والتحيّزات التي لا صلة لها بالأمر”، فهل أراد الفنان علواني أن يضعنا في تجربة تخترق توقعاتنا بهدف توريطنا في تفكيك مضامين أعماله؟
لكي نستكشف هذا الجمال ندعوكم لحضور ندوة تكريمية خاصة للفنان التشكيلي سرور علواني في رحاب المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح يوم الاحد الرابع من ابريل بتمام الخامسة بعد الظهرتوقيت باريس، الثالثة ت لندن وهذا رابط الندوة
ID de réunion : 870 9372 8579
Code secret : 144921
وبالتأكيد فالإيغال بعالم سرور يحتاج لدراسات وفهم وإحساس إنساني.
بحث كامل ،سلمت الايادي