ما الفروق الدلالية بين (سار) و (مشى)، و(المشي) و(السعي)
ماجد الدجاني | أريحا – فلسطين
السير غير المشي في اللغة، ويقال: (سار القوم) إذا امتدّ بهم السير من جهة إلى جهة معينة في الخصوص. والسير في القرآن الكريم قد يكون لغرض وفي جهة وهو إما للعظة والاعتبار أو للتجارة أو غير ذلك كما في قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ) [سورة القصص]؛ فالسير هنا ممتد من مدين إلى مصر وهو ليس مشياً. وقد يكون معنى السير هو السير لفترة طويلة للعبرة والاتّعاظ كما في قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) وقد ورد هذا المعنى للسير في 11 آية قرآنية (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)، وقال تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) والسير هنا هو الامتداد وكما قلنا يكون في القرآن الكريم إما لمسافة طويلة بغرض التجارة وإما لغرض العبرة والاتّعاظ.
أما المشي فهو مجرد الانتقال وليس بالضرورة توجّه إلى هدف محدد كما في قوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً) المشي في اللغة هو الانتقال من مكان إلى آخر سيرا على الأقدام، أما السعي هو القصد والمشي، ولفظ السعي ومشتقاته في القرآن الكريم يأتي للدلالة على القصد والدأب في العمل لما فيه من معنى الشد والإسراع. و يرد لفظ السعي مجازا في السعي للآخرة وطلبها؛ إذ العمل الصالح يحتاج إلى جدّ وقصد قال تعالى: “وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ“، ويأتي للتعبير عن العمل الذي يجتهد فيه صاحبه، ويهتم به قال تعالى: ” إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ” حتي عمل الكافر فهو سعي باهتمام وجدّ، ومن ذلك سعي فرعون، قال تعالى: “ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى^ فَحَشَرَ فَنَادَى“، وقوله تعالى ” وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ ” فهو أيضا عمل بهمة واجتهاد.
أما المشي فيأتي مع السكينة فالسكينة تحتاج إلى تأنٍّ في الحركات والسكنات؛ لأنه ليس فيه معنى الإسراع والقصد قال تعالى: “وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ “، وقوله تعالى ” وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً “يعني يمشون بالسكينة والوقار فهذه الآيات المشي فيها يعبر عن السكينة والوقار. ويأتي المشي في القرآن ايضا بمعني مطلق الحركة التي ليس فيها إسراع قال تعالى: “وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ” وهذا النوع من المشي ليس فيه إسراع
وقال تعالى: “وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍۢ مِّن مَّآءٍۢ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَىٰ بَطْنِهِۦ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِى … بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ۚ“