مقال

د. علاء عبد الهادي، حامل لواء الإبداع وقائد مشروع الثقافة

سلسلة "مبدعو أرض الكنانة" _ الصفحة العاشرة

بقلم | د. شيرين النوساني
مدير مكتب الاتحاد العربي للثقافة في مص

في سماوات الثقافة المصرية الساطعة، حيث تتناثر النجوم وتتباين الاتجاهات، يبرز نجم أدبي لامع يجمع بين براعة الإبداع وإشراقه وحكمة الإدارة الواعية، إنه الدكتور علاء عبد الهادي، الشاعر والأكاديمي الأنيق الذي يحمل راية الإبداع من خلال موقعه الريادي رئيسًا لمجلس إدارة النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر وأمينًا عامًا للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب. فهو ليس مجرد إداري يجلس في برج عاجي، بل مثقف وقائد ثقافي خرج من رحم النص ليصبح صوتًا يعبر عن ضمير الكلمة ويحرس شرف الثقافة.

د. علاء عبد الهادي
رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب

في رحلته الأكاديمية المتميزة، تشكل وعي علاء عبد الهادي بين رحاب كلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث تشرب الأصالة، ثم امتدت به المسيرة إلى آفاق أوروبا الواسعة حيث نال درجة الدكتوراه من أكاديمية العلوم المجرية. هذا التكوين الفريد الذي جمع بين الجذور المصرية العميقة والجذور العالمية الأوروبية الرحبة، أسهم في نسج خيوط رؤيته الفكرية والفنية، فمنحه وعيًا إنسانيًا شاملاً، وأسلوبًا نقديًا يجمع بين منهجية البحث العلمي ودقته ورشاقة الحس الشعري وحساسيته.

ينتمي عبد الهادي إلى ذاك الجيل الذهبي من المبدعين الذين رسخوا حضورهم في المشهد الأدبي عبر إنتاج ثري ومتنوع.
وقد جسد بأعماله ذات الرؤية النقدية العميقة والتعبير الجمالي المتفرد نموذجًا استثنائيًا للمثقف الشامل المنفتح على كل آفاق الإبداع.

واشتهر بشعره ذي البصمة الفريدة، حيث تمتاز لغته بجمال المفارقة وكثافة الانزياح، والقدرة الفائقة على استبطان وجدان القارئ ومشاعره. وتنوعت عوالم دواوينه التي أسهمت في إثراء المكتبة العربية بتعدد تقنياتها، ومن أبرزها: «لكِ صِفةُ الينابيعِ يكشفكِ العطش» ١٩٨٧، و«حليبُ الرماد» ١٩٩٤، و«من حديثِ الدائرة» ١٩٩٤، وغيرها من الأعمال الإبداعية التي تمثل مشروعا شعريا يؤهله ليكون في صدارة شعراء جيله.

تأتي رئاسة الدكتور علاء عبد الهادي لاتحاد كتاب مصر في مرحلة دقيقة من مسيرة الثقافة المصرية والعربية، مرحلة تتسارع فيها التحولات وتتشابك فيها التحديات بين العولمة الرقمية والتدقيق المعلوماتي، وبين الثوابت الفكرية و التراجع الملحوظ في دور المثقف التقليدي. وفي هذا السياق المعقد، يسعى عبد الهادي من خلال مشروعه الثقافي الطموح إلى الحفاظ على حضور الاتحاد كمؤسسة ثقافية رائدة وفاعلة، من خلال تنظيم الفعاليات والندوات التي تواكب نبض الواقع وقضاياه، وترسم ملامح المستقبل من خلال فتح الأبواب أمام الأجيال الجديدة من الكتّاب عبر ورش الكتابة الإبداعية وبرامج الرعاية والنشر. إذ ينطلق برنامج عمله من إيمان راسخ بأن دماء الشباب هي التي تجدد جسد الثقافة وتبعث فيها الحياة.

كما أن قضية حرية الإبداع تقع موقع القلب من اهتمام عبد الهادي، الذي يؤكد أن الكلمة الحرة المسئولة هي جوهر كل نهضة فكرية ويسعى إلى تأسيس شبكة من العلاقات والشراكات من المؤسسات الثقافية العربية والدولية لبناء حوار ثقافي قائم على الاحترام المتبادل والتنوع والانفتاح الذي يعبر فوق هوة الصدامات الحضارية.

يمثل علاء عبد الهادي نموذجًا للمثقف الشامل الذي يرفض العزلة ويؤمن بالفعل الثقافي وينخرط في الواقع الميداني. إن مسيرته — من قاعات جامعة القاهرة إلى آفاق التجربة الأوروبية، ثم إلى قيادة اتحاد الكتاب، تؤكد أن التأثير الثقافي الفاعل لا ينبثق إلا من تكوين معرفي متنوع المصادر وإيمان عميق بحساسية ورسالة الكلمة. فهو لا يدير مؤسسة ثقافية فحسب، بل يقود مشروعًا ثقافيًا نهضويا متكاملًا، يجمع بين أصالة الفكرة وجرأة المواجهة، بين جمالية الشعر ووعي المسؤولية الثقافية. إن تجربته شاهد حي على أن الكلمة، حين تتحلى بالوعي والإرادة، تظل قادرة على أن تضئ دروب التغيير وتبني غدا أكثر إشراقًا.

في الأسبوع القادم، بمشيئة الرحمن، سنلتقي بمبدع جديد من كنوز أرض الكنانة… فمن سيكون؟
تابعونا في سلسلة “مبدعو أرض الكنانة” 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى