رحاب يوسف نجم يبزغ في أدب المقاومة
ناصر أبو عون
رحاب يوسف.. نجم يبزغ في سماء القصة القصيرة الفلسطينية المقاوِمة، يطلع من نبض وفكر المقاومة، ويتشظى على أرض الإبداع أقمارا مضيئة يستنير بها القابضون على جمر الوطن في ظلمات اليأس، تفتح فوّهةً في الجدران الفاصلة، ويحطم أسيجة الحصار المنسوجة من أسلاك العنصرية الشائكة، ويفجّر فخاخ الهولوكوست المنصوبة على الطرقات، وينسف الأكمنة العنصرية على بوابات المخيمات والجيتوهات النازية.
في قصص رحاب يوسف والتي تبدو بمثابة قنابل إبداعية موقوتة؛ تتشظى أفكار المقاومة لتزرع أرض الخوف صمودا، وتأخذ بيد الأجيال المتعاقبة إلى ناصية الحلم الفلسطيني، وأرض العودة المفروشة باليوتوبيا، وتستنبت جذور الأصالة والتراث المتشبثة بقيعان الأرض.
إن التجوال في مجموعة (شقائق النعمان) للكاتبة الفلسطينية رحاب يوسف، انتقال في ذاكرة المكان، وصعود إلى سدرة المقاومة، واقتطاف لعشبة الخلود، تتبدى هذه السمة في سائر شخصيات المجموعة؛ إنها شخصيات فلسطينية من دم ولحم فلسطيني، ضد الزوال؛ عصية على الإبادة، حتى الاستشهاديون منهم يسيحون في أجواء المجموعة طيور فينيق يعودون إلى الحياة أكثر شبابا، وأشد تشبثا بالأرض في سلسلة لا تنتهي من الحياة المتجددة.
في هذه المجموعة نجحت رحاب يوسف في استنباط أسلوب قصصي مقاوم لا يشبه ما كتبه رواد الإبداع القصصي الفلسطيني الأوائل، ابتدعت رؤية خاصة بها وحدها؛ ونجت من الوقوع في (شرك التنميط والقولبة)؛ والعيش في ظلال الرواد دونما إعلان راية القطيعة معهم.
واللغة الشاعرية، والصور الاستعارية، ظاهرة إبداعية لافتة للنظر في قصص المجموعة؛ و ربما يعود ذلك لبراعة الكاتبة في أكثر من فنٍ إبداعيّ؛ فهي تأخذ من المقال رصانته وطرافته، وجِدته، وتقتطف من الشعر لغته المكثفة وصوره المبتكرة، وموسيقاه النابضة بالحياة، وتستعير من النثر تقسيماته وإضاءاته، و رؤاه المتسعة، وتستند إلى البنية الروائية وتتكيء على حائط من السرد الخفي الشفيف.