كيف احتفل المسلمون في شرق أفريقيا بالأعياد في العهد البوسعيدي

د / صالح محروس محمد| باحث وأكاديمي مصري
salehmahrous@gmail.com

حكم العمانيون شرق أفريقيا من العاصمة مدينة زنجبار ما يقرب الثلاث قرون ظهر فيها عبق الحضارة الاسلامية بعظمتها في جميع نواحي الحياة.
فلقد كان لانتشار الإسلام في زنجبار وشرق أفريقيا أثره الواضح في المظاهر الاجتماعية التي أسهم العرب المسلمون في وضع قواعدها وأسسها بشكل تدريجي، ومن هذه المظاهر احتفال المسلمين بشهر رمضان المبارك، فقد كان يطلق على ليلتي البداية والنهاية فيه ليلة الشك وأن دخول شهر رمضان المبارك وخروجه يكون بتحري رؤية الهلال وكان لهذا الشهر فرحة كبيرة لدى المسلمين، فضلاً عما كان له من مكانة كبيرة بين الوثنيين إذ كانوا يمتنعون في هذا الشهر عن تناول الخمور وممارسة الطقوس الدينية التي كان يقوم بها السحرة والمشعوذون على اعتبار أن الأرواح والشياطين تسجن في هذا الشهر الكريم وأن شهر رمضان للنسك وقمع الشهوات، فهم يقضون شهر رمضان في العبادة والتراويح ودروس العلم ومع نهاية الأسبوع الأخير من رمضان يتم الاستعداد لعيد الفطر إذ ينهمك السيدات في تجهيز الحلوى والهدايا والملابس الجديدة كما يقوم الزنجباريات بإعداد الكعك والمُعجنات المختلفة هذا بالإضافة إلى تحضير الحيوانات المختلفة التي تذبح في هذه المناسبة السعيدة مثل الثيران والأبقار والأغنام والماعز والغزلان والخرفان والطيور والدواجن المتنوعة كالبط والأوز والدجاج والحمام كما تكدس المخازن بأنواع الأرز والحبوب وغير ذلك من الأطعمة. وفى الصباح الباكر ليوم العيد تطلق مدافع العيد طلقاتها ثم تليها موسيقى السلام السُلطاني وكان من العادة المتبعة أن كل سفينة تدخل الميناء في أيام العيد تطلق إحدى وعشرين طلقة نارية ثم يذهب الجميع بملابسهم الجديدة إلى المساجد لأداء صلاة العيد حيث تزدحم بالمصليين داخلها وخارجها وعلى رأسهم السلطان وأبنائه وحاشيته ثم تطلق المدافع إيذاناً بانتهاء صلاة العيد،. ويشبه عيد الأضحى تقريباً عيد الفطر من حيث الاحتفالات الرسمية ومراسيمها وتوزيع الهدايا إلا أنه يختلف عنه بأن كثيراً من الناس يذهبون لأداء فريضة الحج التي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة . ويقوم الجميع في عيد الأضحى بتقديم الأٌضحيات بعد الاحتفال الرسمي والتشريفة الحكومية , كما يذبح السلطان ذبائح خاصة كثيرة نيابة عن المسلمين ساكنيّ زنجبار ومن العادات غير الإسلامية التي كان يمارسها بعض السواحيلية في زنجبار في الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة هي عادة إقامة الولائم كذكرى لموتاهم كما أن بعضا من المسلمين الهنود وغيرهم كانوا يحتفلون ببداية العام الهجري بطقوس وعادات اجتماعية خاصة. وكان اليوم العاشر من المحرم يعتبر العطلة الرسمية في جزيرة زنجبار إذ تقفل جميع المتاجر والدكاكين وتقدم الاحتفالات الحزينة مما يدل على تحكم الهنود في الاقتصاد الزنجباري وكذلك يحتفلون بمولد النبي والإسراء والمعراج , وكان موكب مولد النبي ينطلق من أحد المساجد الكبيرة في الساعة الرابعة بعد صلاة العصر ويقام المولد بالإنشاد الديني ويحضره السلطان وكبار رجال الدولة. الجدير بالذكر أن التقويم الإسلامي كان يتبعه السواحيليون إلا أنه لم يحدث مساسا ببعض المعتقدات التي كانت شائعة في السابق وكذلك فإن سكان المدن كانوا يتبعون التقويم الهجري بينما سار أهل الريف والمناطق الداخلية على التقويم الهجري في المناسبات الدينية فقط والتقويم الشمسي في الدورة الزراعية مثل بذر البذور والحصاد أما أيام الأسبوع فأولها يوم السبت ويسمى جوما موزى (jumamosi) ويسمى الخميس Al Hamisi والجمعة Ijumaa بنفس الاسم العربي وبقية أيام الأسبوع تسمى بأسماء سواحيلية أما شهور السنة الهجرية يسمى معظمها بأسماء عربية.
فكانت للأعياد والمناسبات الدينية مذاق خاص في شرق أفريقيا في العهد البوسعيدي من مشاركة السلاطين للرعية الاحتفالات وإطلاق المدافع للأعيرة النارية تعبيرا عن الفرحة بقدوم الأعياد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى