شبهات حول الرسول والصحابة.. نقد الملابسات ونقض الحكاية

عبد الحميد الجامعي | مسقط

في خضم ما يعتري العالم اليوم من سعار تجاه الإسلام ورسوله ورسالته العالمية، وما كان للتراث الأسلامي من ثغرات واسعة مما خطه المؤرخة والمحدثةُ وغيرهم من البشر تسلل خلالها المرجفون إلى دين الفطرة وأهله، وما كان للمنتسبين له من دور في الترويج والتدليل المقصود وغير المقصود لتلكم الهجمات أو صدها، في خضم كل ذلك وصلني مقطع صوتي جدلي يوم الأحد ٧ مايو ٢٠١٧، مُعزىً للدكتور خالد الجديع من جامعة الإمام محمد بن سعود في السعودية، وبالبحث والتحري ظهر أن المقطع أحدُ ثلاثة مقاطع قديمة أثارت جدلا منذ أكثر من سنة وأربعة أشهر، أولها هذا المقطع في الصحابة وتهمة كبار الصحابة بالنفاق ومحاولة اغتيال الرسول عليه السلام، منهم أبو بكر وعمر وعثمان وأبو موسى وطلحة وغيرهم، وآخر في الرسول نفسه، وثالث في القرآن الكريم ونفي الإعجاز العلمي والرقمي عنه، وإقرار الإعجاز البياني فقط، والمقطعان الأخيران لم يصلاني، وقد رد عليه حسن فرحان المالكي وغيره رداً غير مشبع، فالخبر قديم، ولكنه وصل إلينا أخيرا ووجب علينا الجواب لمن أوصله إلينا من الإخوة.

من ثم أضع هنا مجموعة ملاحظات على تحية الدكتور الجديع ودردشته الليلية في مقطعه الأول، بداية بتبيين الأخطاء المنهجية التى وقع فيها، ثم بالوقوف على النتائج الخاطئة المترتبة على ذلك، سائلا الله التوفيق، وللجميع الهدى والعافية.

 

أولا- ملاحظات منهجية، وهي:

إجمالُ المتكلم المواد التاريخية جميعها دون إخضاعها لما ارتضاه لها مؤصلوها، فكان تاريخ ابن عساكر كما صحيح البخاري، مما سبب في خلط ما لا يخلط بسبب البون بينها في التوثيق والنسبة للرسول.

عدمُ الإحاطة بجميع الروايات في القضية الواحدة واستقصائها، فضلا عن المقابلة والموازنة بينها، بل اعتمد الانتقائية السالبة، من أمثال قضية العرنيين، وحادثة العقبة، ومحاولة اغتيال الرسول، وقتل بني قريظة، وتغير جسد النبي عليه السلام بعد موته، وترك صحابته له مختلفين حول من يخلفه، وغيرها، وهو منهج غير علمي لانه مضلل لا ينتهي بصاحبه إلا إلى الخطأ الظاهر.

تشبعُه بقناعات ضد كامل التاريخ الإسلامي، فظهر أنه لم يأتِ لينتصر لغربلته ونقده، أي التراث، بل لتثبيته أولا في جانب مظلم منه، والانطلاق من خلاله ثانيا للتشكيك بالرسول عليه السلام وصحابته، حتى بدى الامر من لسانه وهو يتناول الرسول صلى الله عليه وسلم دون صلاة عليه ولا تسليم، وهو -أي الصلاة على النبي والتسليم- أمر قرآني لا دخل للآثار به، فضلا عن صحابته، ومن كان هذا حاله كان ذلك حاجزا له عن الرؤية الصافية، ودافعا له للوقوع في أخطاء جوهرية في نقده، وهو ما سنراه..

إغفالُ شهادة القرآن التاريخية عن الرسول وصحابته، فلم يكن للقرآن مرجعيةٌ لدى الناقد، ولا ذكرٌ لشيء منه، مما أوقعه فيما وقع فيه من الزلل البين..

ثانيا – النتائج الخاطئة التي كانت جرَّاء الخلل المنهجي:

في إيراد الجديع قصة محاولة اغتيال الرسول بعد غزوة تبوك عند العقبة، والتي فيها أن مجموعة بين اثني عشر وأربعة عشر رجلا أثناء العود تبعوا الرسول عن طريق العقبة، وقد نهى ان يتبعه احد الا حُذيفة وعمارا، وذلك ليجفلوا بناقته فترميه عن ظهرها في العقبة فتقضي عليه، والسؤال هنا عن صفة “منافقين” للصحابة الذين عددهم من أين أتت؟! وهل قصة حُذيفة التي لم يتواتر عن حُذيفة أنه صرح بها والأربعة عشر كافية علميا لوسم من وسمهم من صحابة المصطفى بالنفاق من مجرد قصة لا تستقر على وجه مقابل آثار وآيات لقرآن لا تحتمل التأويل، وقد عدهم ستة، العدَ الأكبر خلال حواره، وماذا عن الباقين؟! رغم ذلك فقد عُدُّو عدا في مواضع اخرى، وليس فيهم الستة الذين ذكرهم المتكلم، كما عند ابن اسحاق، فلم تشكل للمتكلم تلكم الروايات أية مرجعية، ولا حدت به الى أي توقف او تفكر، ولم تؤثر على قناعته وكأنها لم تكن، فلا أدري في حكم عظيم مثل “النفاق” هل يجوز من الناحية العلمية والموضوعية والأخلاقية المسيرُ اليه بهذا الشكل من الاستدلال من قبل الانسان العادي فضلا عن الانسان العلمي والدكتور منهم بالأخص؟!!!

كيف عرف حُذيفة الملثمين ليشهد عليهم وهم ملثمون، كما وإن عرفهم حُذيفة أو رواحلهم وهي معرفة ناقصة وإن صحت كيف عرفهم الدكتور الناقد وعدد جملة منهم وحذيفة لم يأت أنه صرح بهم لأحد الا عمرا حسب من يدعي أنه يستقي من مصادرهم من أهل السنة، كما إنه في روايات أخرى، كان أمر الاسماء سرا أسره الرسول لحذيفة، بل إن المتكلم نفسه حصر حُذيفة عن أي سر من الرسول كمعرفة المنافقين، وأوقف السر على أسماء المشتركين في هذه الحادثة فقط، فكيف للسر أن يشيع حتى يصل د, الجديع وغيره عبر الأعصر والأمكنة؟!..

في ذات الحادثة، قدم الأربعة عشرة لمهمة عظيمة وهي اغتيال الرسول، فكيف لم يقتلوا حُذيفة وهو يقف بسلاح زهيد (محجن) حائلا بينهم وبين مرادهم، أو يحاولون وهم مجموعة، فضلا أن هناك روايات تقول إن بعضهم لم يكن تنبه لنهي الرسول عن اللحاق به، وذهب تابعا له العقبة ليشرب ماء من غدير هناك فتفاجأ بعمار وحذيفة يضربان أوجه ركابهم

ما يعني قوله: “عندما علموا أنهم كشفوا”؟! وما هو الكشف وهم ملثمون؟!

تصفية سعد بن عبادة، ما الحاجة إليها وقد استقر لأبي بكر الحكم؟! وهل تصفيته بعد حكم أبي بكر محتاج اليها وقد استتبت له الأمور كما حاجته قبل؟! فإن لم يغتل وقت الحاجة هل يغتال بعدها؟!

في ذات القضية هل اطلع الناقد أن من ادعى وزعم قتل سعد بن عبادة ونسجوا الأساطير حول موته هم من أرادو الحكم أول الأمر، وهم الصحابة الذين عدد؟!

بالنسبة لولد الرسول من أين له أن الرسول عليه السلام يئس من حصوله على ولد؟! كلمة اليأس حكم، وله مقدمات، فمن أين تقصاها الدكتور المتكلم؟

مسألة رغبة النبي في استخلاف علي وحديث ما أورد للدلالة على ذلك في حديث غدير خم، وفيه “أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي” هل فعلا به دلالة لدرجة القطع على تنصيب أو وصية النبي لعلي أنه خليفة، وما منع الرسول عليه السلام أن يثبت عليا ويوصي به صراحة، ويتواتر ذلك عنه، في كل مجلس وموقف ومناسبة، بدل التورية وحاجة الدكتور الناقد وغيره لعصر مخه والبحث عن إشاراته؟! كذلك -إن صحت دلالة الاستخلاف لعلي بهذي وبغيره- لماذا لم يقم علي والحضور بالإنكار على من أراد الخلافة من المهاجرين والانصار؟! ما أسكتهم عن الامر الا أن يكونوا لم يُعهد عندهم ولم يكن…الا في ذهن الدكتور ومن فاته البينة في أمره.

في قضية استخلاف علي أيضا؛ لماذا لم يستخلف الرسول عليا مباشرة بدل أبي بكر في صلاته أثناء مرضه لتأكيد ما يزعم الناقد من رغبته باستخلاف علي للإمامة، والساعة ساعة استخلاف، وهي أولى من حادثة المدينة وحديث غدير خم، فهو المرض الذي مات فيه الرسول عليه السلام، وما تحتاج فيه الأمة الى من يخلفه؟!

بالنسبة لقريظة والأطفال من قتلوا حسب حكاية صاحب المقطع، يعتمد على التاريخ في تثبيت الأعداد ونقدها، ويعلم ما للتاريخ من مآخذ في ذلك، فمن أين يمكن توليتها اعتبارا. يبنى عليه موقف وشهادة عظيمة، فيها من التشنيع على حضارة ورسالة عالمية راسخة؟! كما إن القرآن وحتى حوادثَ بعدها كما حادثة فتح مكة تقلل من الصورة التي يراد أن تلصق بالرسالة والرسول، والا لقُتل أهل مكة بعد الفتح وشردوا، إن كان ذلك منهجا تنطلق منه داعش وأمثالها كما أراد الدكتور، رغم ذلك نجد حكم سعد صريحا في أن القتل ينال المقاتلة منهم، من ذلك جاءت بعض الروايات أنه قُتِلَ منهم بضعٌ واربعون رجلا فقط، وهم من نقض العهد وظاهر على المسلمين الأحزاب من قريش وغيرها، المتعدين على المدينة، ونجد إشارة صريحة في القرآن بتلكم الحقيقة في قوله سبحانه: ” فريقا تقتلون وتأسرون فريقا” ففي “فريق” تبعيض، وفيه أنه من نفس جنس المبعض، مما يبعد ان يكون الفريق الاول الرجال والبالغين، والفريق الثاني النساء والأطفال، بل الفريق الاول والثاني هم الرجال، فقتل المقاتلة ومن ظاهر مباشرة، وأسر من دونهم من الرجال…

بالنسبة للنساء وعددهن، أليس هو الرسول من مُنع عنه تزوج النساء فوق من معه من بعد كما في القرآن الكريم، وكيف له ان يركن الى الرواية دون أن يعوِّل للكتاب ثم يبني عليها حكما

زعم اللعن وقع على أبي بكر وعمر من الرواية التي جاء به لتخلفهم عن جيش اسامة، فمن أين جاءه اليقين، ما أعلمه أنه كما طلب لعلي المكوث طلب لصهريه أبوي زوجتيه ولصاحبه في الغار منهما الجلوس ايضا، لا سيما والرسول في مرضه الذي قضى فيه، رغم وجود روايات اخرى فيها أن ابا بكر لم يتخلف ورجع لموت الرسول..هذا مؤدى كل خلل منهجي لا يستقيم

لا يعلم الرسول المنافقين من المدينة وتلى الآية، بينما الآية فيها “ومن أهل المدينة” ومن هنا البعض فعلمه لبعض لا ينتفي بعدم علمه للآخر

إصراره على كون عمر ضمن الأربعة عشر جعله يغفل عن تبرير حاجة عمر وإلحاحه بالسؤال، وقد قضى الرسول إلى ربه، إن كان عمر قد خطط للقتل، وخطط لتقاسم الخلافة مع أبي بكر، كما يزعم، وقد مات الرسول عنه، وخلت الساحة الا منه فأية عبثية هذه في سؤاله لحذيفة أن يخبره ان ذكره الرسول من المنافقين أم لم يذكره، وقد أمن، ولا أحد أعلى منه في الحكم يومئذ؟! فإن لم يكن في هذا القياس خلل فما يكون؟!

إخبار حُذيفة لعمر بعد إلحاح وعدم ردة فعل عمر عليه سلبا ولا إيجابا يدلان على احد أمرين إما ان عمرا لم يعده الرسول منافقا فاطمأن قلبه وقد اخبره حُذيفة وبشره ( وجاءت بالفعل رواية في ذلك.. فقال له حُذيفة مجيبا: لا (أي لم يذكرك الرسول منهم) ، ولا إجيب أحدا بعدك)، وهو ما ينسف قراءة الدكتور الناقد، وتهمته لعمر بالنفاق وانه من الملثمين، او ان حُذيفة لم يخبره بالحقيقة وكذب حاشاه، ولم يكن ليفوت ذلك عمرا إن كان منهم وعلم كيده ولأضر به، وهو من أصر على البيان والمعرفة

عدم صلاة حُذيفة على أبي بكر -إن ثبتت- لا دلالة فيها على كون أبي بكر منافقا كما يزعم وأنه من الأربعة عشر، ولو أراد بها التدليل على البراءة فهي لا يقطع بها اولا أنها كانت، ولا يمكن تعيينها لمسألة الأربعة عشرة والعقبة ومحاولة اغتيال الرسول كما يحكي، فقد يكون بينهما مواقف كما بين البشر، فليس حُذيفة ملاكا ولا أبو بكر في ذلك.

رغبة علي بالزواج وممانعة الرسول له إنما هو تفاعل طبيعي نزل عنده الرسول وإن لم يكن في النظر الظاهر هو الأولى، كما لم يكن عبسه في وجه ابن ام مكتوم عندما أتاه وهو مشغول بدعوة كبار قريش هو الاولى، ولا في إذنه لمن أراد التخلف عن الغزو هو الاولى ولا في نهيه عن تأبير أي تنبيت النخل لما قدم المدينة لمن مر عليهم هو الاولى، وفي حادثة زواجه من زينب لولا أن الأمر كان لتشريع حكم فنزل على أثره أمر الله المباشر بزواجه من زينب لرفع الحرج عن مطلقات الأدعياء لما تزوجها واكتفى بتزوج غيره من مطلقات أدعيائهم لتثبيت التشريع ، ولكنه امر بشري ينزل عنده الرسول عليه السلام كما ينزل غيره، وفي جميعها نيته بيضاء نقية، واجتهاده معلل محمود.

أما في مسألة التعليل لأفعال داعش والمد لها من فعل الرسول وصحابته فإن فيه أمرين:

أولا : عدم تعليل داعش فعلها بفعل الرسول وصحابته وتعليلها بفتوى بعض الاعلام المعروفة القديمة كابن تيمية دليل على أن مبعثها ليس فعل الرسول والصحابه وإلا لكان أولى لهم بالتدليل بِه دون الناس، وما يؤكد ذلك زيادة هو الذبح وتعليقهم الرؤوس على المداخل وفي الطرقات ولا سيرة للنبي في ذلك ولا لصحابته في عصره

ثانيا: زعم د الجديع أن الرسول حرق الناس لا يثبت، ودليله أن معتمده فيه قصة العرنيين وهي أقصى أمره وليس فيها تحريق، وحتى ما نحاه الى علي في قضية تحريقه ونقد ابن عباس له وجواب علي ” ويح ابن عباس” فقراءة د خالد مغايرة لقراءة اخرى أولى منها، وهو أن علياً أصابته صدمة، وكأن لسانه يقول ويح ابن عباس اين هو عني قبل أن أفعل ذلك”، لا سيما وأنه لم يؤثر عنه انه فعلها في احد بعدها، وفي كل الاحوال فلسان الحال والقرآن وسيرة النبي المتواترة وما وقر في القلب عنه يكذب هذه الشوائب التي يحاول البعض التعلق بها والتسلل من خلالها لهذا الكيان الإنساني الكريم الإسلام.

 

وأما تشنيعه على سمل أعين العرنيين، وهم قوم استقمت بطونهم في المدينة فوجههم الرسول الى ساحات الرعي ليخيموا هناك، ويشربوا من لبنها مع اعترافه اي الدكتور الجديع بأحقية قتلهم فإن قتلهم الراعي او الرعاة – في بعض الروايات- مجمل، وربما تفصيله ما فعل بهم قصاصا، فما يدفع أنهم سملوا عينه او اعينهم ان كانوا مجموعة رعاة وقطعوا رجله ويديه من خلاف، وتركوه يموت في الفلاة عطشا، فكان ذلك قصاصا منهم وتنفيرا لغيرهم وحسابا، وما يدفع الى ذلك أن منهج الدين لا يجيز التمثيل، والا لجاز للنبي ان ينفذ وعده في قاتلي حمزة بأن يقتل ويمثل بسبعين منهم ومن يليهم، لولا أن نهاه الله عن ذلك فانتهى، وأكد الرسول ذلك بنهيه عن المثلة، ولو كان الرسول رسول ظلم والدين دين ظلم لكان التمثيل والفجور فيه ملأ الروايات، وليست حالة او حالتين تروى عن صحابي او صحابيين، كما روايات التحريق، رغم ذلك فقد جاءت بعض الروايات تثبت أن العرنيين سملوا عين راعي او رعاة إبل الدولة الذين ائتمنهم الرسول والدولة عليه، كما في صحيح مسلم عن أنس ” إنما سمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاء”، فكيف عجز أن يقرا ذلك د الجديع على قوته ولم يعجز عن قراءة الاول على ضعف تأويل من أوله، بل مارس الرسول عليه السلام هنا دور الادعاء العام او النيابة العامة اليوم، لان الإبل إبل الدولة والراعي موظف الدولة، وطبق أقصى العقوبة على الجناة، كما يطالب الادعاء العام ذلك في من يتعدى على الحق العام…

إن تكن شخصية الرسول عليه السلام بهذا الجفاء، والعنف الذي حمل عليه الناقد فأين تلك الشخصية من فتح مكة وما قبلها وما بعدها، لمن أخرجوه من دياره وظاهروا على إخراجه، بل هو منهج كريم ظهر يوم قتل حمزة ويوم فتح مكة وما بينهما.

واما قضية صفية بنت حيي وجويرية بنت الحارث فلا يدري الرجل ما كان من النبي من اكرام لهما وطمئنينة انزلها على صفية بدخوله عليها تلكم الليلة، كما انه وهو يذكر المائتي جارية ما تذكر الناقد ام سلمة والأرامل والمطلقات وكبار السن اللاتي تزوجهن عليه السلام، ان كان ينحو الى تهمة الرسول حاشاه بالشبق الجنسي، ولا ذكر منع الله له عن الزواج في الآية فوق ما تزوج بينما لم يمنع غيره؛

لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا

أما مسألة ابن عباس وقضية يوم الخميس وقوله: “الرزيّة الرزية ما حدث يوم الخميس” لما لم يكتب الرسول الكتاب الذي طلبه بسبب موقف عمر و قوله: إنما يهجر -يعني الرسول بطلبه الكتاب- (أي يهذي هذيان من يقاسي الموت) يكفينا كتاب الله” ليغضب الرسول من ذلك ويرد الكتاب على أثره حسب بعض الروايات، فإن الرواية بحد ذاتها تؤكد الوضع، فأولا متى كان الرسول يكتب او يخط بيمينه ” إذن لارتاب المبطلون..” كما في القرآن، هذا من حيث الكتابة أما من حيث الوقت فمن أين الوقت الكافي لكتابة كتاب لا يضل بعده الناس، وماذا عن القران الكريم…ولو كان أمرا من الله، وسلمنا أن الرسول كاتب، وأن والوقت كاف فهل يتراجع لقول عمر عنه أنه يهجر عن كتابة ما لا تضل أمته به، وهو لم يتراجع عن رسالة الاسلام عمرا وسنين من قبله، قتل فيها من قتل، فضلا عن الشتم والسب، لا أن يقول قولا عابرا كما القول المعزي لعمر…

نقد التراث لا يعني المغالطة وافتعال الأزمات، فمن نقدهم الدكتور هم من أنحى اليهم الله في كتابه من بيعة الرضوان إلى صاحب الغار إلى غيرها من مواقف ثناء وعتاب صادق، ومعصية بعض الصحابة لا تعني زعم كونهم منافقين، فهم ليسوا ملائكة لا شك، ولهم أهواء وأنفس تنازعهم على الشر كما غيرهم من البشر، ولكن لا يَصْل لدرجة وسمهم بالنفاق وأنهم حاولوا اغتيال الرسول صاحبهم عليه السلام وهم من يفدونه وافتدوه، وخاضوا معه الحروب.

وختاما إن اتخاذ قول الله سبحانه هجرا في كتابه ” تلك امة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسؤلون عما كانوا يعملون”، إن اتخاذ الكتاب وآياته هجرا مضل لمثقفي هذه الأمة ودكاترتها فما بالنا بمن دونه، فالحُجْزةُ إذن في كتاب الله سبحانه، والمخرج في توجيه الرسول عليه السلام “ماجاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني”.

إن في كتاب الله والمتواتر الصحيح عن النبي وصحابته فيما لا يناقض كتاب الله ولا يصادمه مخرج ومفر وملجأ عن مثل هذه القراءات المظلة لأصحابها أكثر من غيرهم، والله نسأله الكفاف والعفاف لهذه الأمة، والوحدة والعلم والرفعة لقلوب منتسبيها، إنه كريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى