لا نهضة بلا حرية
د. يحيى عبد الله | موريتانيا
عصر النهضة العربية بين الواقعية والمأمول. هل حقا هنالك نهضة عربية حصلت أو حاصلة؟
وفي أي جانب وقعت النضهة إن صح هذا التعبير؟
وهل النهضة شعارا يرفع أو مسارا ثقافيا وفكريا تسلكه الشعوب وحكامها؟
ثم ما هي محددات النهضة العربية الإسلامية المنشودة؟.
في عالمنا العربي المعاصر يستفيق الطالب في أقسام الدراسة وكليات التدريس على كلمة النهضة العربية وخاصة في مجال دراسة الشعر والأدب حيث يكثر اللغط بحثا عن النهضة في سراديب الكتابة ودواوين الشعر في شقه المعاصر بشكل خاص ليفرز ذلك اللقط وتلك الحصص عقولا مشبعة بالحديث عن النهضة وهو ما يدركه المتابع لساحتنا الثقافية والفنية حيث أنه يوجد جمهور من نخبنا لا تفتأ تقنع نفسها وطلابها وتملأ بحوثها بالحديث عن وجود نهضة عربية أقرب ما يقال عنها تصورات في غالبها تراعي معايير شكلية في هذا الاعتبار إن اعتمدت معيارا أصلا وأقرب ما يقال في ذلك أنها واكبت النهضة الأوروبية فترجمت الجملة واستصاغت لها مفاهيم من أهل مواكبة النهضة الأوروبية.
فحينما ننظر إلى الواقع العربي بعين نقدية وتحليلية نرى وبدون شك أن النهضة العربية المتخيلة حاليا ليس محل في واقع الأمر فحين ما سقطت الخلافة العثمانية في بداية القرن التاسع عشر الميلادي حلت محلها دول استعمارية تنهب الثروة وتستغل الحكم وترسم الحدود وفي هذا السياق لم تخرج تلك الدول المستعمِرة حتى وضعت خططا لصيانة مكتسباتها الاستعمارية حفاظا على مصالحها وما زلنا إلى اليوم نراعي في بلادنا مصالح فوق مصالح شعبنا ودولنا هي مصالح الغير المسيطر على السلطة والحكم.
فعن أي نهضة نتحدث؟ وفي أي سياق نقصد؟
مغالطة الواقع والحكم عليه بأحكام عاطفية لا يخدم نهضة ولا يقيم شأنا تلك عقلية ونفسية واجتماعية ضعيفة تستحق المراجعة والتدقيق لنخرج من نهضة متخيلة إلى نهضة حقيقية: يجب علينا الإنطلاق في مسار واحد يجمع بين النخب الحاكمة وشعوبها لتحقيق أهداف نهضوية حضارية يحتاجها الجسم العربي وليس الشعار الخاوي والأمنية الفارغة.
إن النهضة لا تبنى بالامنيات والتمنيات لا يقدمها التراكم التاريخي ولا يرفعها الموقع الاستراتيجي بل يبنيها الإنسان المنطلق الذي تحرر من قيود الوهم والوهن والخوف التي تحدث في النفوس التراجع وفي التنمية الكساد ولن نقضي على تلك العقليات إلا بالحرية والعدالة الاجتماعية.
فلا نهضة بدون حرية.