مؤامرة الحياة في معالم الموت في رواية سوق الملح للروائي عمر سعيد
بقلم: أحمد طالب
من يكون عمر سعيد؟ من إذن له أن يقلب مواجع الإنسانية؟ من سمح له أن ينبش كل المآسي من قبورها؟ لماذا لم تكذب علينا قليلا حتى نقدر على ملامسة أجسادنا والتأكد من أن لنا أرواح وأننا على قيد الحياة؟ لماذا جعلت سوق الملح يضيق بضيوفه حتى يموت الرقاش ويترك ما أبدعه تائها بين أيدي الغرباء وأبقيت على الأحلام بلا أصحابها؟ لماذا لم تمكن أهل الكهوف من الخروج إلى الهواء؟ وكيف أبقيت على حي الصفيح في زمن النفط والمدنية؟ كيف لم يستنفر العالم لإجبار حاكمهم على تثبيت قيودهم في هوية بدلا من تثبيت قيودهم في بحر من التيه؟ كيف تركت الجنود يقتادون عليا خارج حلمه؟ وكيف لتلك الجبال الصخربة الثلاث التي تحجب أهل المدينة عن العالم لا تحجبهم عن الظالمين؟ لماذا تركت أرواح أشخاصك تحلق بعيدا وأملتنا بفراسة العود وفراسة العجوز في مدينة البحر المغلقة ولم تمكن هذه الفراسة أصحابها من اختراق جدار السعادة والحرية المغلقان أمامهم؟ كيف سمحت بإغلاق الحلق حول من لم يتسع لهم الماضي السحيق والقريب؟ هل هو قدر هذا الشرق أن يكون إنسانه الأكثر ألما في هذا الكون بكل ما عرفه من حضارات موغلة في القدم؟ لا يتسع المجال لأسألك الكثير مع علمي أنك لا ترتاح مطلقا لفكرة المؤامرة ولكن يبقى أن أصارحك بأنك متهم بحياكة مؤامرة جديدة تتقصد منها تحريك الدم الراكد في هذا العالم وعلى مساحة أوطاننا خصوصا.
لعل ينهض الرقاش من موته ويستبدل حي الصفيح بمدينة احلام أهله وتزول معالم الموت وخيام المشردين لتستبدل طقطقات الرصاص بأنغام الموسيقى وتتمايل اليزا طربا قرب علي الذي سيعانق نواف علنا وليعود سوق الملح مهدا للمبدعبن وتلاقي السعادة فيه بدلا من المشردين وباعة الأسمال البالية.
نعم إنه سوق الملح يا سادة بقلم: عمر سعيد تقاووا على كل ما فيه من بؤس واقرأوه. تحية لك عمر سعيد