أتون الجراح
حسن زكريا اليوسف | سوريا
هـنـا تـغـفـو قـريـراً مُـسـتـريـحـاً
مـن الــدنــيـا بـمـا فــيـها فــؤاد ُ
:
بـغـفـوتـك الـزمـانُ غـدا مُـسـجّى
وأمـسُـكَ كـيف بعـدك َ يُـسـتـعاد ُ!
:
تفطـَّـرت ِ السَّـما والأرضُ مـادت ْ
وكـفَّـنَ قـامـة الـكـون ِ الــسَّـــواد ُ
:
ظــلامٌ وجـهُـها الــدنــيـا وقــفـر ٌ
غـدي ، وحـصـادُ أحـلامي رمــادُ
:
روى مـنـي الأسـى ظـمـأً عـتـيـقـاً
فـأشــقـاني وأطـبـقــتِ الــشِّــدادُ
:
وجُـرحي ما حيـيتُ يفيـض نهـراً
لــه عــبــر المــجـرَّاتِ امـــتــدادُ
:
وآهــاتي تُـعــربــد طـــاغـــيـات ٍ
زلازلـهـا يـــنـــوءُ بـهـا الــفــؤادُ
:
تـدور رحى الفـجيـعة .. إنَّ رأسي
لـهـا حـتـى انطــفـاء العُـمــر زاد ُ
:
وإنَّ هــشـيـمـيَ المــركــومَ قــوتٌ
لــنــار ٍ لا يــنــام لـهـا اتـــقــاد ُ
:
سـيـبـقى الجـرحُ محمـوماً هَـطـولاً
وجُـرحُ المـوت لـيــس له ضـمــاد ُ
:
فما جـدوى الحـياة ولسـت َفـيها
ولـيــس بـقـفـرهــا فـــرحٌ يُــرادُ
:
تـشـقُّ جـيـوبَـهـا الـسّـودَ الـقـوافي
عـلـيـك، ويـلـطـمُ الخــدَّ المِــدادُ
:
فأيُّ الـشــعـر يُـسـعــفـني رثـاءً !
وكـيـف يُـنـالُ بـالــدمـع المُــراد ُ !
:
كفـرتُ بـفـرحة ٍ وأشـحـتُ عنها
فـبـعــدك لا يصـحُّ بـها اعـتـقـادُ
:
أُرتِّـلُ ســورة الـذكـرى حـنـيــنـاً
ويخـشعُ عـنـدما أتـلـو الـسُّــهادُ
:
رأيـتـكَ في المـنـام الــيـوم تـغـفـو
صبـوحَ الوجه .. طـاب لك الرقاد ُ
:
أيـا بـــدراً بــزمــزمَ قــد تـوضّـا
إمــامُ الـنــور حُـقَّ لـك انــفــراد ُ
:
مـنـارةُ آل يوسـفَ لسـت تـخـبو
وفــيـك الفـخـرُ مـوســمـه يُـزاد ُ
:
وإنــك أرفـــعُ الأعـــلام رأســـاً
وفـيـك لحُـسـن ِ سـيرتهم مُـفـاد ُ
:
وريـثُ الـضـوء أنت سـلـيلُ طُهر ٍ
ومـن خـلَّـفـت فـيـهـم الامـتـدادُ
:
وسـيـمُ الخَلـقِ والأخلاق ، شَهـمٌ
وفـارسُــنـا ،المُــبَـرَّزُ .. لا تُـعـاد ُ
:
نـديُّ الطَّـبـعِ ، وضّـاءُ السَّـجايا
لـكـلِّ فــضـيـلـة ٍ أنـت العــمـادُ
:
أبيُّ الـنَّـفـس ، مَرمـوقٌ ، عـزيزٌ
ومـنــك دروس ُ نـُـبــل ٍ تُسـتـفـادُ
:
وآلاءُ الــرجــولـة أنــتَ سِـــفـرٌ
لـهـا، والـرأيُ مـوسـمـه الـسـدادُ
:
تُـلـبّـي كـلَّ مـن نـادى مُـعـيـنـاً
وأنـت الــبـحــرُ مـعـطـاءٌ جــوادُ
:
على قـدر الـعـزائم كـنـتَ طـوداً
وكـان عـلـيـك فـيـها الاعـتـمـاد ُ
:
وكـنتَ إذا العـواصـف جامحاتٍ
تُــروِّضُـهـا ومُــرغَــمــةً تُـــقــاد ُ
:
سـهـامُ الـغـدر مـا أردتـك حـتى
تـجرَّع خـزيَ خـيـبتـه اصطـياد ُ
:
رسـولُ العـلم ، بالإخـلاص بَــرٌّ
بسـيرتـك الـنـضـيـرة ِ كم يُـشـادُ !
:
وأجـيـالٌ جَـنَـتْ ثـمـرَ الـتـفـاني
عـلـيـك لـدمـع ِ حـسـرتها مَـزادُ
:
لـعـلَّك في جـنـان الخُـلـد تُـجزى
وقـصـرُك عـالـيـاً فـيـها يُـشــاد ُ
:
رحـيـبـاً كـان بــيـدرُكَ المُـرجّـى
وزرعُـك فـيـه صــدَّقـه الحـصـادُ
:
أبا صـفـوان َ كيف يطيبُ عـيـش ٌ
ويُـجـنـى في صـحـاريـنـا رشــاد ُ !
:
تـضِـجُّ بـنـا الـفـجـيـعـةُ كُـلَّ آه ٍ
وكـم ضـبـحتْ لأدمُــعـنـا جـيـادُ !
:
ألسـتَ تـرى وتسـمـعُ من أراقـوا
دمــوعـهـمُ وقـد قُـــدح الــزِّنـــاد
:
ألسـتَ ترى الـسـماء عليك تبكي
ولـيــس لها بـتـمّــوزَ اعــتــيــاد ُ
:
يوشوشُ دمـعُـها الـقـبـرَ المـوشّـى
بـقـُبْلات ٍ بها الأحـبـابُ جـادوا
:
على قـدر المُصـاب ِ يدومُ حُـزني
ولا يـخـبـو لـجــذوتـــه اتـِّـقــاد ُ
:
لك النبضاتُ قد خفـضتْ جناحاً
وتجثـو الروحُ .. أضنـاها الـبُـعـادُ
:
وهل يـرقـى إلـيـكَ نحـيبُ حـرفي
ويـطـفئ نـــار لـهـفــتـه المِـــداد ُ !
:
سـأبكـي مـا أطــال الـلـه عُــمـري
وحـسـبـي كـي أُوفّـيـك اجـتـهاد ُ
:
إلى أن نـلـتـقـي أبكـيـك شـوقـاً
وسِــرُّ الـدَّمـع يحـفـظـه الـوســادُ
:
أبا صفـوانَ بعـدك كـيف أحيـا ؟!
إلى أن نـلـتـقـي عُــمـري حِِـــدادُ
:
يـشـحُّ وقد طـواني الحـزنُ صـبـر ٌ
ولـكـنْ لـلـمـشــيـئـة الانـقــيــاد ُ
:
غـريـبـاً قد قـضـيـتَ بظلِّ عـشـر ٍ
هـناك العـيـدُ لـيـس هـنـا فـــؤاد ُ
:
وبـيـتك عـامـرٌ .. لم يغـفُ بابٌ
لــه، وعـلـيـه يـبــقى الارتــيــاد ُ
:
تـرابــاً مـن تــراب ٍ قـد بـــدأنــا
إلــيــه المــنــتـهـى ولــه نـُـعــادُ
:
وكــأسُ المـــوت دائـــرةٌ عـلـيـنـا
ولـيـس لـنـا عـن الـسُّـقـيا حِـيــادُ
:
إلـهـي قــبــره أفـســح ونــــــوّر
وفـائـــضُ رحـمـة ٍ مـنــك المُــراد ُ
:
نـسـلِّـمُ بالـقـضـا حـمـداً وشكـراً
ومـا دُمـــنـا الـــدُّعــاءُ لـه يُـــزاد ُ