الفنان دريد لحام والإعلامية وفاء كمال وجها لوجه (2)

اتصل الفنان دريد ، واتفقنا على موعد آخر . قررت ُهذه المرة أن ارتدي “أفرولاً ” عريضاً له صف أزرار أمامية لتلافي مشاكل السحابات الرديئة التي تنقطع باستمرار .ركبتُ مع شقيقي الطبيب بسيارته. فقطع بنا مسافة قصيرة، ثم ركَنَ سيارته قرب نادي الضباط . واستأذنني بضع دقائق كي يذهب ويحضر بنطاله الذي يقوم الخياط بتقصيره . مكثتُ في السيارة أنتظره. ولكن طال انتظاري أكثر من المتوقع. فبدأت مثانتي العصبية تفور وتهمد. ولم أعرف ماأفعل؟ لأنه من الصعب عليَّ النزول في ذلك المكان فباب النادي كان مقابلا لملهى “الطاحونة الحمراء ” وكل من تقف هناك قد يُرتاب لأمرها. ويُساء بها الظن .فقررتُ قطع مسافة باتجاه صالة الكندي. فوجدتها مغلقة. لم يكن أصحاب المحال يسمحون للقاصي والداني باستعمال مراحيضهم بسبب التفجيرات التي كانت تتكرر في البلد . فعدتُّ أدراجي ومثانتي تكاد أن تنفجر. وشقيقي لم يعد بعد. قررت أن أفرغ مثانتي في السيارة. بدأت بتغطية زجاجها بصفحات الجرائد الموجودة بالسيارة. وانتقلت إلى المقعد الخلفي ونزلت نحو الأسفل ثمَّ خلعت “الأفرول “استعداداَ لعملية الضخ. سمعت حركة خارج السيارة تحولت بعد قليل إلى ضجيج تماهى مع طرطشة البول ولحظتُ أخيلة لأشخاص حول النافذة .وأنا أحاول ارتداء الأفرول .أحسست أن السيارة ترتفع حتى أصبحتْ بين الفضاء والأرض والأفرول بين ساقيَّ لم أرفعه بعد .تناهى لسمعي صوت شقيقي يتلاسن مع شرطة المرور الذين حملوا السيارة يريدون نقلها لمكان آخر
فأعادوا تنزيل السيارة. وأنا أحاول إحكام أزراري بصعوبة دون تن أُدرك أنهم يخالفون شقيقي لوقوفه في هذا المكان الممنوع . صعد أخي وفتح المحرك وأنا صامتة كالملطومة على رأسي .ومازال جزء من الأزرار غير محكم. .أدار محرك السيارة . وهو يصرخ في وجهي معاتباً : _ ( ماعرفتِ تقوليلهن: ثواني ويعود) قلت: أي ثوانٍ؟ قل ساعات: ( شخيت تحتي وأنت مرتاح عند الخياط) وقلت له: اليوم إن لم أجد دريد لن أعود؟ ففي المرة القادمة قد يحدث مالا يُحمد عقباه .الهيئة إن هذا الحوار لن يمضي على خير .
وصلنا مكتب الفنان دريد. نزلت وعاد شقيقي أدراجه ليغسل السيارة .كنت أتخيل أنني سأدخل مكاناً يشبه الجنة فنحن الناس العاديون. نُؤْخَذ بالأسماء والنجوم ونعتقد أن حياتهم لاتشبه حياتنا .فقد كان المكتب صغيراً وليس عليه أية سمة للرفاه أو الغنى .وكان جزء منه مليئاً بعمال الترميمات .
استقبلني دريد بوجهه الباسم ونظرته العميقة وحركاته العفوية الخالية من التصنع أو التكلف .. تعرفَ علَيّ وسامرني بعض الوقت. سألني أسئلة كثيرة لاتمت للحوار بصلة مما أدخل الطمأنينة في نفسي فقد راودني إحساس كأنني أعرفه. منذ زمن سحيق . وصلنا للحوار بشكل عفوي.


تحدثنا معاً حول بداياته الفنية التي تكرر الحديث عنها. لذا لن أعيدها لكنَّ مانلحظه رن الفنان دريد اللحام إنسان احترم مشاهده من خلال احترامه لفنه بحث في أعماله عن صورة الإنسان الحقيقي لذلك حينما سألته عن الفترة التي سبقت مسرح الشوك أجاب:
وسأوجز جوابه “ماسبق مسرح الشوك لا أعتبره مسرحاً.باستثناء بعض التجارب التي تعلمتُ فيها من الرحابنة.مثل، مسرحية “عقد اللؤلؤ” إنهم يشكلون مدرسة وأساتذة في مجال المسرح والكلمة والأغنية.
وقد أحدثت هزيمة ال(67) انكساراً في داخل كل واحد منا بعد الهتافات المدوّية، والأحلام العظيمة بالنصر.
وولدت تغييراً في جميع مجالات الحياة .من هنا نشأ ” مسرح الشوك ” الجديد الصادق واللاذع. وهنا أُوجزُ حديثه عن مسرح الشوك .
_ إنه فكرة ” عمر حجو “وأعجبتني. لأنه كان مسرحاً بعيداً عن الإبهار والإثارة.يعتمد البساطة والصراحة ويستمد موضوعاته من حياة الناس ومعاناتهم . كتبنا معاً العرض الأول ” مرايا “الذي بدأ وقد اشترى احدهم مرآة لاتعمل لعطل فيها .وحين يصلحها، تتوالى اللقطات التي تعرض الروتين والرشوة والسرقة. ويظهر صاحب المرآة بين الحين والآخر يعمل في إصلاحها.ليكتشف بالنهاية أنه لاعيب في المرآة .وإنما العيب يكمن فينا نحن البشر.
يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى