ظلال الأشرعة العتيقة

منذر أبو حلتم | عضو رابطة الكتاب الاردنيين واتحاد الكتاب العرب

في الليالي المقمرة
تتسامر السفن العتيقة
تتقارب ظلالها على مهل
فتنقل الريح ما تناثر من همسها
بين الرمال
تنبض منارة من بعيد ..
تتنهد الريح في شقوق الأشرعة
وتهم الصواري بالنهوض
.. تنفض مرساة عن أطرافها
خمول الرمل ..
يغني شراع في مكان ما
اغنية عن موج وعاصفة
فتردد كل الصواري
اغنية البحر والسفر ..
وحين تفتح عين الصبح اهدابها
تمسح السفن العتيقة عن جنباتها
دموع الليل
..ثم تغفو بكل الصمت
كأنها لم تكن منذ البداية
سوى لوحة منسية
رسمتها الريح ذات حلم
على طرف الرمال ..

///
على مهل ينساب المطر
على اجساد السفن المنسية
يبلل كالدمع شقوق العمر
في اخشابها ..
على مهل يجيء الغيم ..
تهب الريح
تتسلل من ثقوب الأشرعة ..
فتعلو في المدى أصداء اصوات
تغالب سطوة النسيان !
تئن الصواري
تمد ظلالها للبحر منادية خيول الموج
لكنها الريح .. كعهد الريح
تضحك ثم تمضي
كي تطارد بغتة صغار الموج
في طرف المساء
///

من بعيد ترمق السفن العتيقة
خيول الموج وهي تعدو لاهية
في سهول المغيب ..
وعلى الشاطئ يخفق شراع هنا
وتئن صارية هناك ..
تنقل الريح ما ترويه الأشرعة العتيقة
في الليالي المقمرة ..
حين تمد السفن ظلالها على الرمال
وكأنها تريد معانقة الماء !
.. يهبط المطر خفيفا ..
ثم ثقيلا
.. يقول شراع عتيق هامسا
بما يشبه الفرح ..
المطر ماء يا رفاق
المطر ماء .. والبحر ماء !

///
وحين يعلو البحر بمده
في زرقة القمر الوحيد
.. ويغزو الموج حدود الرمال ..
ترتعش السفن العتيقة
حين تلامس برودة الماء
يباس اخشابها ..
يضج في اضلاعها حنين الموج
تخفق بقايا الأشرعة
كأجنحة كسيحة لا تطير ..
فتضحك الريح مشفقة
ثم تنثر بخبث على الأشرعة
غبار الرمال.

///
في الصيف حين يزدحم الأفق
بأشرعة فتية كفراشات
تودع الشمس نحو مغيبها
تكف بقايا الأشرعة العتيقة
عن الخفقان
يتصاعد في الأخشاب حنين الموج
تتنهد الريح في شقوق الأشرعة
وعلى مهل تمتد ظلال السفن المنسية ..
تتقارب .. تتوحد
في ظل طويل واحد
يمتد ويمتد ليعانق طرف الماء
في شهقة الضوء الأخيرة ..
يأتي الليل ثقيلا كغيمة سوداء
وحين يخلو الأفق الا من منارة
.. وقمر …
تتقارب ظلال السفن المنسية
وتنقل الريح كعادتها
ما ترويه ظلال الأشرعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى