قراءة في رواية ” الراعي وفاكهة النساء “

فاطمة كيوان

صدرت عام 2021 رواية “الرّاعي وفاكهة النّساء” للكاتبة الفلسطينيّة ميسون أسدي عن دار الرعاة للدراسات والنشر ومؤسسة جسور ثقافية للنشر والتوزيع، وتقع في 2018 صفحة من الحجم الكتوسّط.

رواية جريئة بطرحها وأفكارها ومضامينها

تدور أحداث الرواية حول رحلة “هزاع عنيدات” ومعناه: الأسد الذي يكثر من كسر عظام فرائسه، وهو الشخصية المركزية الذي يسرد الأحداث للمحامية أريج  في حوار سلس جذاب، ولغة بسيطة وفقا للمشاهد، طرحت الرواية عدة قضايا ومحاور اجتماعية في المجتمع المعاصر المنفتح = ومشكلات في المجتمع التقليدي في اشارة ذكية لارتباط الأدب بالواقع الذي نحيا به.

هناك مقارنة بين ثقافتين: الحياة في تل أبيب والحياة البدوية العربية.

حيث رصدت الرواية العديد من المشكلات التي مازالت ترهق المجتمعات البدوية العربية، مثل الزواج المبكر، زواج الاقارب، تعدد الزوجات وتداعياتها وما يترتب عليها من مشاكل لبناء أأسرة آمنة مستقرة تتحمل أعباء الحياة اليومية.  فوجود أطفال معاقين يعني وجود مشاكل نفسية ومعاناة من الاحباط واجتماعية واقتصادية أيضا . جاء ذلك في صفحة 136  بالرواية.

الثقافه الاخرى التى تطرحها الرواية هي:

ضياع الهوية العربية كما حصل مع هزاع في تل ابيب، واندماجه في ظل هذا المجتمع المركب باختلاف ثقافاته وهوياته، والمقارنة بين الحياة في تل أبيب والاندماج في المجتمع الآخر بمجال العمل أو باللباس وحتى الطعام والعلاقات الاجتماعية مع الناس المختلفه دياناتهم مثل أسنات وغيرها، جعلته بفقد الإنتماء ويحيى بمتاهة، بقول:

جرحتني بتسميتك لي ” عربي” أأنا لست عربيا أنا بدوي”.و “العرب لا يريدوننا واليهود لا يريدوننا”ص155.

وفي ذالك إشارة واضحة لمدى المعاناة  والتمييز والعنصرية التي يحياها مجتمعه من  اضطهاد وتشريد وتهويد للأرض وتهجير أصحابها العرب.

في هذا إشارة ذكية للعلاقات العدائية المتبادلة بين العرب واليهود في القرى . وإمكانية التعايش بسلام في المدن مثل تل أبيب.

أمّا المحور الثالث المهم بالرواية فهو قضية “الجنس”  وهنا أيضا طرحت ثقافتين مختلفتين في التعامل مع المرأة والجنس.

الجنس العادي بين المرأة والرجل في المجتمع التقليدي العربي، وأيضا في المجتمع الغربي، و”قضية ممارسة الجنس مع الحيوانات” واستحضرت ذالك من خلال شخصية الراعي وحياة البادية واسترسلت بوصف دقيق  لعملية السفاد بين الحيوانات، فقد جاء في الرواية “اكتسبت الحرية من حرية الحيوانات ومن مراقبتي لفحول القطيع خاصة”. ودعمت رأيها بالاستناد لنظريات فرويد عالم النفس الاجتماعي وبتوظيفها  للمكان تحديدا . “المراعي والحقول”  وشرح الوضع العائلي والاجتماعي، علاقات الأفراد والعادات والتقاليد وتعرية الواقع المتردي هناك .

وفي العلاقة ما بين المرأة والرجل عمدت لإظهار استغلال النساء جنسيا في أماكن العمل مثل صالونات التجميل وما يحصل بداخلها في الواقع .

ثم أكدت على أن المرأة في المحتمعات التقليدية ما هي إلا وعاء لتفريغ الغضب والتسلية معا. فهي مجبرة على ممارسة الجنس ص46. وفي الغالب والواقع فعلا هي عملية هروب من الواقع.

أظهرت الرواية أن البطل “زير نساء” فأي امرأة يشتهيها ينالها. حتى المحامية سلمت له نفسها برضاها.

فهو كالذئب يتربص دائما بالفريسة وجاهز للنقضاض.

بينما المرأة لا تحاول المقاومة بل منصاعة وبرغبة لمطارحة الغرام لأي رجل .

“أّي امرأة تمشي على قدمين لا تمتنع عن رفعهما عاليا في أي وقت”.

وفي هذا اجحاف بل إهانة واستخفاف بإنسانية المرأة وبحقوقها.

أثارت الرواية بأكثر من موقع تساؤلا حول :” ماهية العلاقة بين الرجل والمرأة خارج إطار الحياة الزوجية)) ص 48.

الصراع بين الذات وبين الغرائز، وأن العلاقة تبقى في حدود السرية _ ” سرية وسريرية”  فهي تعتبر العلاقة تسلية وجنون  لاطلاق رغبات الجسد ودعاباته.

نعم الإسلام حث على السرية والكتمان للمحافظة على خصوصية العلاقة وعلى الأسرة عامة، ولكن الدين حرم العلاقة خارج الزواج. والثقافة العربية تعاملت مع الموضوع بحذر شديد .

جاء في الرواية:” إن مؤسسة الزواح أسوأ مؤسسة/ ولا توجد جملة في عقد الزواج أن الزوج أو الزوجة حكر على الثاني. ولسؤال هنا: إذا كانت الصحبة من أجل المتعه هي خطيئة والدين يحرم هذه العلاقة فكيف للرواية أن تمنحها الشرعية؟

فعلا رواية غرائبية كما وصفوها بأحداثها وشخصياتها وأفكارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى