صالون ابن ماجد الثقافي بالقاهرة يحتفي باليوم العالمي للغة العربية
القاهرة | خاص
الرحبي: سَيَظَلُّ الفراهيدي سَفيرَ عَمّانَ الدّائِمَ لَدَى العَرَبِ وَنَبْض العَرَبيَّةِ الخالِدِ
قال سعادة عبدالله الرحبي سفير السلطنة في مصر ومندوبها الدائم بجامعة الدول العربية ” اللُّغَةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ وِعاءٍ صَوْتي إِنَّهَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ أَكْبَرُ بِكَثِيرٍ . . بِكَثِيرٍ ، والعَلاقَةُ بَيْنَ الفِكْرِ واللُّغَةِ أَعْمَقُ مِمَّا نَظُنُّ عُلماْءُ اللُّغَةَ اليَوْمَ يَجْزِمونَ بِوُجُودِ تَأْثيرٍ خَفيٍّ لِلُّغَةِ فِي طَريقَةِ تَفْكيرِ الإِنْسانِ؛ بَلْ فِي تَصَوُّرَاتِهِ عَنْ الكَوْنِ والْحَياةِ. يَقُولُ الحَكيمُ كونْفوشْيوسْ ” لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ الاُّنسانُ عَلَى المَعْرِفَةِ بِدُونِ تَفْكيرٍ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُفَكِّرَ بِغَيْرِ لُغَتِهِ الأُمِّ “، ويَبْدُو أَنَّ مُنَظَّمَةَ اليُونِيسْكُو لاتَزالَ تَسْتَمِعُ الَّى كَلامِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الحَكيمِ الرّاحِلِ مُنْذُ رُمْنٍ، وَلِذَا كَانَ هَذَا اليَوْمَ العَظيمُ كَعَظَمَةِ هَدَفِهِ الجَميلُ كَجَمالِ لُغَتِنَا العَرَبيَّةِ”
جاء ذلك في كلمة ألقاها سعادته في مفتتح الجلسة التي نظمها صالون (أسد البحار العماني ابن ماجد) الثقافي، مساء الجمعة الماضي، في مقرّ السفارة العمانية في القاهرة، احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، شاركت فيها نخبة من الأكاديميين والادباء والمهتمين، وأدارها الشاعر والكاتب عبدالرزّاق الربيعي.
وأشار سعادته إلى الدور العماني في إثراء اللغة العربية منذ القدم، فالفَراهيديِّ أَصْبَحَ الرَّمْزَ الأَوَّلَ لِلْعَرَبِيَّةِ مِنْ عُلَمَائِهَا وَسَيَظَلُّ سَفيرَ عَمّانَ الدّائِمَ لَدَى العَرَبِ وَنَبْضُ العَرَبيَّةِ الخالِدِ، مؤكدا على روح التسامح في تعاطينا مع اللغة وقال”لَقَدْ عَاشَتْ لُغاتٌ مِنْ أَقْدَمِ لُغاتِ العالَمِ فِي عُمْقِ الحَضارَةِ العَرَبيَّةِ، فَلَا يَعْنِي احْتِفالَنا بِاللُّغَةِ العَرَبيَّةِ التَّعَصُّبَ لَهَا، وَمُحارَبَةَ اللُّغَاتِ الأُخْرَى، خاصَّةً اللُّغَاتِ المُهَدَّدَةَ بِالِانْقِرَاضِ بَيْنَنَا لُغاتٌ نَشَأَتْ وَعَاشَتْ مَعَنَا فِي وَطَنِنَا اَلْعَرَبيِّ الكَبيرِ يُمْكِنُني أَنْ أُشيرَ إِلَى لُغاتِ خَمْسٍ فِي وَطَني عَمّانَ كَمِثالٍ فَقَطْ هي: الْبَطْحَرِيَّةُ،و الجَباليَّةُ،و الْحَرْسُوسِيَّةُ،والسَّواحِليَّةُ سَمَّاهَا العُمَانِيُّونَ بِنَفْسِ الِاسْمِ، وَهِيَ نِتاجُ تَمازُجٍ عُمَانِيٍّ إِفْريقيٍّ فِي اللُّغَةِ السَّواحِليَّةِ حَتَّى أَصْبَحَتْ أَهَمَّ لُغَةٍ أَدَبيَّةٍ إِفْريقيَّةٍ وَلَا تَزَالُ،و الْكَمْزَارِيَّةُ”.
بعد ذلك قدّم عدد من الشعراء العرب قراءات شعرية وهم: محمد عبد السلام منصور ( اليمن)، د.أحمد درويش،(مصر) محمود الجامعي ( سلطنة عُمان)، زين العابدين الضبيبي ( اليمن)، وعزف الفنان أشرف علي على العود فيما أنشد د. أحمد سعد الدين نصوصا مختارة من الشعر العربي بصوته العذب، بعد ذلك ألقى الفنان خالد عبد السلام نائب مدير المسرح القومي وأستاذ الإلقاء في أكاديمية الفنون قصيدة الشاعر نزار قباني (حوار ثوري مع طه حسين)، أعقبه الفنان العراقي راسم منصور الذي تحدّث ضرورة اهتمام الممثل بالنطق السليم للغة العربية في الأعمال المسرحية والدرامية، مختتما مشاركته بإلقاء نص لشكسبير، من مسرحية (هاملت).
كما تحدث الإعلامي مجدي الشاذلي الذي عمل سنوات طويلة في الصحافة العمانية، عن حرص وسائل الإعلام العمانية على الحفاظ على اللغة العربية، كجزء من الحفاظ على الهوية الوطنية، وتكلم الفنان حلمي فودة، حول أهمية اللغة في توصيل الخطاب الفني للجمهور بشكل سليم، مؤكدا على ضرورة الخروج من الجلسة بتوصية لترجمة هذا الحرص ونقله إلى حيّز التنفيذ، ثم توالت قراءات شعراء من مصر وهم: محمود حسن، السيد خلف أبو ديوان، د. وجيهة السطل، عبير مبارك، راوية حسين، إيهاب عبدالسلام.
وألقى الشاعر عبد الرزاق الربيعي نصّا في حبّ عمان للشاعرة الأردنية جمانة الطراونة التي اعتذرت عن الحضور بسبب ظرف طاريء، ومما جاء في نصّها:
صدّقِ الفألَ لا تعاندْ حصانَكْ
وارْكبِ الآنَ إنّ هذا أوانَكْ
ما خذلناكَ يا ابنَ قابوسَ فخراً
إذْ عقدنا على المعالي قَرانَكْ
هيثمَ المجدِ والشموخُ رهانٌ
كُنتَ كفؤاً فما خسرتَ رهانَكْ
ومنَ العدلِ كي أقولَكَ شعراً
كانَ لا بُدَّ أن أُجاري بيانَكْ
عندما قُلتُ والمجازُ احتيالٌ
جنةُ الأرضِ كُنتُ أعني (عُمانَكْ)
وتحدث الربيعي حول الدور العماني عبر التاريخ في الصناعة المعجمية، وإسهامات العمانيين في رفد اللغة العربية بالمعاجم والقواميس، والجهود لم تزل مستمرة إلى اليوم مشيرا إلى دعم جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظّم- طيّب الله ثراه- الذي منذ توليه الحكم أولى اهتماما باللغة من خلال سنّ القوانين التي تحافظ على سلامة اللغة، وإقامة الكثير من المشاريع الثقافية، والعلمية التي تصب في هذا المجال، ومنها كرسي السلطان قابوس في الأدب العربي والإسلامي بجامعة جورج تاون الامريكية الذي انشيء عام١٩٨٠، وكرسي السلطان قابوس للغة العربية بالجامعة نفسها وأنشيء عام١٩٩٣ وألقى مرثيته في السلطان قابوس” مثواك أعيننا”.
واختتم سعادة السفير عبد الله الرحبي الجلسة بشكر المشاركين والحضور، وخصوصا ضيوف مصر من الفنانين العمانيين من اعضاء فرقة مسرح هواو الخشبة الذين قدموا من مسقط للمشاركة بمهرجان (آفاق مسرحيّة) الذي اختار السلطنة لتكون ضيف شرف دورته السابعة، مؤكدا حرصه على استمرار نشاطات (صالون ابن ماجد) الثقافي،الذي انطلق نشاطه في الخامس والعشرين من الشهر الماضي تزامنا مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الواحد والخمسين بهدف الإسهام في نشر المعرفة والثقافة، عبر جلسات حوارية، واستضافات من المقرّر أن تجمع في كتاب يصدر نهاية كل عام.