أزمة المياه.. آفاق الاستثمار فى المياه فى مصر والعالم (4)

د. فيصل رضوان | أستاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية بالوكالة الأمريكية للمحيطات والأجواء (نوا)- الأستاذ الزائر بجامعة سوهاج

 

إن الحاجة المتزايدة للمياه، ربما تخلق دوافع قوية وفرص إقتصادية لا حصر لها فى المستقبل القريب. وهذا ما يدعم رؤيتنا فى حتمية توجيه دعم كامل للاستثمارات المستقبلية فى استخدام التكنولوجيا الحديثة لإدارة ما نمتلك من ثروة مائية، وأيضا توفير مصادر مياه عذبة بديلة وبشكل آمن.

ولقد أدى النمو السكاني إلى تفاقم الإجهاد المائي العالمى، ولا سيما في البلدان التي تكون فيها الموارد الهيدرولوجية شحيحة. حيث يتزايد عدد سكان العالم بمقدار 80 مليون شخص سنويًا؛ وحوالى 90% من هذه الزيادة في الدول الفقيرة. كما يتزايد الطلب على المياه بمقدار 64 مليار متر مكعب سنويًا.

وهناك حاجة ملحة، ليست فى مصر فقط؛ بل فى أغلب دول العالم  وهذا يدعو أولا إلى استبدال وتحديث الكثير من البنية التحتية للمياه والتى طالتها الشيخوخة وتدهورت منذ عقود كثيرة. وهناك حاجة ماسة إلى الإنفاق الهائل على البدائل الحديثة في العديد من الدول.

وكما أشرنا فى المقال السابق إلى أهمية تفادى أزمة المياه وهو عامل “الادارة المستدامة” للثروة المائية، والتى تلزم إعطاء الأولوية لتحسين البنية التحتية لنقل المياه العذبة وتوزيعها، وتقليل الفاقد منها.

الاستثمار في تكنولوجيا تحلية المياه

يعد الشروع فى تأسيس بنية تحتية وخبرة وطنية لتحلية مياه البحر أمرًا مكلفًا،  ولكن ربما يحقق نوعا من الأمن المائى القومى، وقد يحقق جدوى إقتصادية على المدى البعيد. وهناك ابتكارات تكنولوجية جديدة تسهم في الحد من التكلفة الباهظة للتحلية، والعديد من البلدان بدأت في بناء محطات تحلية المياه باعتبارها عنصراً هامًا في معالجة أزمات المياه، حيث يتم استخدام بعضها للري وفي العديد من العمليات الصناعية. 

وبالتوازي مع خطط الدولة المصرية لترشيد المياه، وتقليل الهدر،  واستخدام طرق الري الحديثة، يأتى تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة. ولعلنا ننظر بكل اهتمام إلى استراتيجية الدولة التى أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسى أوائل الشهر الماضى، ومضمونها الإسراع فى “توطين” مكونات تكنولوجيا المياه في مصر،  سعيًا لامتلاك الخبرات الوطنية والتوسع فى إقامة محطات حديثة لمعالجة وتحلية المياه، وضخ استثمارات حكومية مستقبلية تبلغ 435 مليار جنيه.

وتأتى الحاجة الماسة لدعم البحوث التطبيقية بالجامعات ومراكز البحوث لإنتاج زراعات محلية ذات قدرة على تحمل الملوحة العالية من الري بمياه البحر، أو مزيج من المياه العذبة ومياه البحر. وهناك تجارب كبيرة يمكن الإستفادة منها من حكومة هولندا، حيث طورت محاصيل وخضروات مثل البطاطس والجزر والبصل الأحمر والبروكلي تنمو بالمياه المالحة.

وكما يبدو أن تحلية مياه البحر بالتناضح العكسى reverse osmosis لصنع مياه الشرب أصبحت حلاً مثيرًا للاهتمام على المدى الطويل، وقد تم تجربته بأمان فى بلدان كثيرة حول العالم؛ نظرًا لأن تكاليف الطاقة أصبحت أرخص، وتحسنت تكنولوجيا الطاقة المتجددة النظيفة، مما قد يؤدى إلى خفض تدريجى لتكلفة تحلية المياه بالقدر المقبول اقتصادياً. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى