الأسرى الاداريون يقاطعون محاكم الاحتلال

علي أبو هلال | محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي

في خطوة نضالية جماعية ضد الاعتقال الإداري، أعلن الأسرى الإداريون في سجون الاحتلال الاسرائيلي يوم السبت الماضي، عن مقاطعة شاملة للمحاكم الإسرائيلية الخاصة بالاعتقال الإداري ابتداء من تاريخ 1/1/2022، بكافة مستوياتها العليا والاستئناف والبداية. وأوضحت لجنة تمثّل مجموع الأسرى الإداريين، في بيان صحفي، أنّ قرارها جاء بالتنسيق مع جميع الهيئات التنظيمية لفصائل العمل الوطني والإسلامي.

وبيّنت أنّ “الخطوة مُلزمة وعامة”، وقد جرى التنسيق لها أيضًا مع هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير والمؤسسات ذات العلاقة، داعية المؤسسات القانونية والمحامين كافة، لدعمهم عبر مقاطعة محاكم الاحتلال فيما يتعلق بالاعتقال الإداري، مع الإشارة إلى الجبهة القانونية التي تشكلت في هذا الإطار.

وذكرت أنّ مشروع المقاطعة الشاملة للمحاكم يبدأ بشكله الاستراتيجي والذي سَتراكِم فيه كل الجهود التي بُذِلت على مر السنوات، مؤكّدة المضي خلال الأشهر القادمة، نحو الاستعداد لخوض الإضراب الجماعي المفتوح عن الطعام، في حال لم يستجيب الاحتلال لمطالبهم العادلة والمُنسجمة مع الأعراف والقوانين الدولية.

ودعت أبناء شعبنا في كل أماكن تواجده وقواه وفصائله الوطنية والإسلامية والنقابات والاتحادات الطلابية والعمّالية والمهنية والحرَاكات المختلفة، للاستعداد الكامل ودعم مشروعهم الوطني لصد هجمة المحتل ورفع يده المُسلَّطة عبر الاعتقال الإداري، والتي باتت تستهدف أي حراك أو كلمة أو وقفة شعبية وجماهيرية تُناهض الاحتلال. كما وجّهت رسالة إلى كل شعوب العالم الحُرَّة، وإلى كل دول العالم والمؤسسات الدولية والحقوقية بنصرة قضيتهم العادلة، ووقف “مقصلة الاعتقال الإداري” المُسلَّطة على رِقابهم، مطالبة بمحاصرة المحتل وضبَّاطه وقضاة الموت في محاكمه العسكرية الظالمة.

وتأتي مقاطعة الأسرى الاداريون لمحاكم الاحتلال، في بداية العام 2022 في ظل ظروف قاسية تعيشها الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، حيث أفادت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان، بأن عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي نحو 4600 أسير، منهم 34 أسيرة بينهم فتاة قاصر، والأطفال والقاصرين نحو 160 طفلًا، والمعتقلين الإداريين نحو 500، والمعتقلين النواب 9 معتقلين. والأسرى المرضى في السجون وصل إلى نحو 600 أسيرًا، بينهم 4 أسرى مصابون بالسّرطان، و14 أسيرًا على الأقلّ مصابون بأورام بدرجات متفاوتة، بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (81 عامًا)، وهو أكبر الأسرى سنًّا. ووصل عدد شهداء الحركة الأسيرة بحسب تقرير المؤسسات إلى 227 شهيدًا، عقب استشهاد سامي العمور نتيجة لجريمة الإهمال الطبّي المتعمّد خلال العام الماضي، إضافة إلى مئات من الأسرى المحرّرين الذين استشهدوا نتيجة أمراض ورثوها من السّجن ومنهم الشّهيد حسين مسالمة خلال عام 2021. ولفت التقرير إلى أنّ عدد الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد مدى الحياة وصل إلى 547 أسيرًا، ومنهم أربعة أسرى صدرت بحقّهم أحكام بالمؤبّد خلال عام 2021. وبينت أن عدد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل عام 1993 هو 25 أسيرًا وأقدمهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس المعتقلان منذ يناير 1983، كما أنّ الأسير نائل البرغوثي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، حيث دخل عامه الـ42 في سجون الاحتلال، منها 34 عامًا بشكل متواصل.

وتتزامن خطوة مقاطعة الأسرى الإداريين لمحاكم الاحتلال مع نشر تقرير طبي صادر عن أطباء لحقوق الإنسان، يؤكد أن المعتقل الاداري هشام أبو هواش المضرب عن الطعام منذ أكثر من 140 يوما، يواجه احتمالية الوفاة المفاجئة، وأنّه في حالة حرجة للغاية. وأكد أطباء لحقوق الإنسان في تقريرهم إلى البديهيات الطبية العالمية والمحلية أن المعتقل الذي يتجاوز إضرابه اليوم الـ 55، عمليا هو بحالة مواجهة للموت الفجائي، ويجب أن يبقى في مستشفى “أساف هروفيه”. في الوقت الذي دعا فيه أطباء المستشفى الى إعادة الأسير إلى السجن وهو في هذه الحالة الصحية الحرجة والصعبة، وفي إطار حملة الدعم والتضامن الدولي مع المعتقلين الإداريين دعا التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين في نداء له، كافة المؤسسات الحقوقية الدولية، والبرلمانيين الأوروبيين، والقوى والحركات المناصرة للأسرى الإداريين، إلى الضغط على حكومة الاحتلال من أجل الغاء الاعتقال الإداري غير القانوني والعمل من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين الإداريين المحتجزين بشكل غير قانوني. ويتطلع المعتقلون الاداريون إلى دعم موقفهم بمقاطعة محاكم الاحتلال، التي تعتبر جزء من منظومة الاحتلال، توفر الغطاء القانوني لإجراءاته غير القانونية ضد الأسرى، والذي قد يعقبها إضراب شامل لهم لوقف الاعتقال الإداري وضمان تحررهم من الأسر.

وتبقى هذه المواجهة المفتوحة التي يخوضها الآن الأسرى الاداريون بمقاطعتهم لمحاكم الاحتلال، التي أعقبت سلسلة من الإضرابات عن الطعام لعدد منهم، والمستمرة حتى الآن بإضراب الأسير هشام أبو هواش المهدد بخطر الموت، اختبار جدي وتحدي كبير للأسرى في سجون الاحتلال، وجماهير شعبنا، وقواه ومؤسساته الوطنية والجماهيرية والحقوقية من جهة، وسائر حركات التضامن الدولية مع الأسرى، للانتصار في هذه المعركة المفتوحة ضد الاحتلال، من أجل وقف سياسة الاعتقال الإداري وإطلاق سراح المعتقلين الإداريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى