البقاء للصورة

دالية الحديدي | كاتبة مصرية

– الصورة هي إختلاس قضمة من ثغر الزمان قبل أن يبتلعها بلعوم الفناء.

– هي لحيظة تَسرق فراطة من جيب الحاضر لتقديم عيدية للمستقبل في عيد خلود الماضي.

– إنها غواية اللقطة وثورة اللوحات الجدارية على بابوية الواقع. 

– اواه حين تُمسى الصورة إستغاثة خرساء لتسول إهتمام أو طلب صارخ للتقدير أو إعلان استحقاق للمزيد من التقدير.

– الصورة هي تأريخ يختزل مواسم العمر بتدوينات مذ 

لقطة الموجات الصوتية “السونار” للجنين،

تليها صور شموع الميلاد مع أظرف النقوط في سبت موسى،

ثم البوم “البولارويد” في أعوام الصبا، وعقود المراح، 

وصور إطار الزواج  وسنوات الشموخ 

وحتى لحظة الوفاة وصورة شارة الحداد.

– الصورة سُلّم موسيقى يَرتقي بك لثمان درجات من الحاد الذي يضعك على قمّة النشوى، ثم يهوي بك لقرار واقعك في لحيظات -غالبًا- دون مخاطرة جادة.

– إنها اسقاط ضوء مرئي على جسدك ليبدو ثابتأ فلا يعكس روحك المرتجفة كورقة خريف.

– الصورة كأس من نبيذ الرغبة يعينك على التجرؤ على ما لم يكنه واقعك، فتبدو جسورًا، مهاباً رغم كونك –لنقل- أقل جسارة في يومياتك.

– هي صك جزء من عملة الحقيقة لتزييف الأحق بأوراق ذات سندات “وهمو- حقية”.

– الصورة هي شطط إيجابيتك في الإفصاح عن ركن مضيء بحياتك، معكوس بظلمة النيجاتيف.

– الصورة تدفعنا للإنسياق وراء لحيظات من ملذات الشرود وهرطقات الأحلام يتبعهما دهر من الإفاقة، ومع ذلك، فهي تُسْهِم في تأبيد الوهم.

– الكاميرا تبرهن أنه “لا دخان بلا نار”، ثم تلتقط ضباب الدخان المصطنع في عُلَب الليل.

– الصورة حُلم ذو سند علمي، وطوق نجاة من سفينة الواقع بالهروب من أجاج اليمّ لحلو شتات الهيامات المختلقة برتوش دقيقة، محبوكة بحرفية اسطى شامي تمرس على أصول صنعة الزور بأزقّة اسطنبول.

– الصورة سلاح يفضح قياصرة الحرب، لكنها لا توقف نزيف الدم، بل ترتوي بالتقاطه وتقتات من ارباحه.

– الكاميرا ساحرة شريرة، تُصَور ولا تُدَقق، تَصب في عينيك عَصير الكُذاب وتتآكل في عدساتها ثمار الحقيقة لتقنعك أن مذاقات الحياة ملحها خفيف. 

– الكاميرا تستطيع فتح عيون الليل لكنها أقدر على بسط الغشاوة على بصرك في وضح النهار.

– تعجز الكاميرا عن تصوير السند في الشدة والتخلي في الضعف، لكنها متمكنة في التقاط مُزاحمة الأشواق، دموع المصابيح والتماسيح، عويل النائحة المستأجرة، ثرثرة المعاشات، البسمات الحزينة للمطلقت، وثغر أرمل تذوي على شفتيه الحروف.

– الصورة هي إبنة آلهة الضوء، تَرفع وتَنصب من تشاء، ثم أنها تَكسر من تشاء بغير ضوضاء.

– إنها أشبه بفتاة ليل تدعو الذُباب الإعلامي لوليمة على كبش بشري قامت بتتبيل سمعته ب”دريسينج” لاذع وفاضح لكنه شهي يُسَال عليه لُعاب الحَنك. لكنها ستستغفر لاحقًا وستكن من الصالحين وستدعوا بقايا الهاموش الإعلامي للدفاع عن الضحية.

“قَالَ أَرَءَيْتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلًا” (الإسراء -62).

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     – الصورة يُستند إليه لإثبات شخصيتك، ثم تعصف بذهنك فتسمح بالتخرصات المقننة، كشاب يشرب حتى الثُمالة لساعتين، وحسبه باقي النهار يخصصه لليقظة.

 -إنها أشبه بحالة ضبط واحضار لخيال المُتلقي رُغم تربصها بواقعه عن طريق إزاحة ” شابيتر” أو أجزاء محددة منه عمدًا. 

– لطالما تم الإستناد على الصورة في الضلال والرشاد معًا، فقد محت وجود وجهود الفريق الشاذلي في حرب تشرين ولفقت مكانه اشباه أبطال. لاحقًأ، نقضت غزل هذا الضلال وارشدت الناس لمهندس خطة الحرب عن الجانب المصري.

فهي قادرة على النفي والإثبات

 قَسَم في التأكيد وشاهدي عدول في الإنكار

تضعك في أفق المكارم ثم تهوى بك لدياجي الأسفلين.

هي شاب كذوب، فحين يصدق، تفقد الثقة في مصداقيته، فيؤكد لك ببرهان ضوئي يُغرقك في ظُلمة التيه ودوامة البلبلة وشرك المراوغة وشباك الحيرة وضبابية البين بين.

لقد غرد الصحفى “حيدر الجابر”

:”وأنا أقف في جناح أحد الناشرين بمعرض الكتاب، سأل أحدهم عن رواية معينة وعن سعرها، التقط معها سلفي، أرسلها للمؤلف مباشرة، بعد أن كتب: روايتك في قبضتي، ثم أعادها للبائع ومشي.” 

 أربما اعتقد أن له في معاريض الصورة مندوحة؟!

ومن ثم فأحياناً تكون الصورة أقرب للآية 102 “خَلَطُواْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا “سورة التوبة”.

– الكاميرا قادرة على تجاوز التفاصيل السلبية، والمفارقة أن قدرتها أكبر في التركيز عليها.

– أحيانًا يطلب المصور من المُتَصور تصنع إبتسامة من منتجات “التشيز” بمنتهى الصِدق.

أما المُشاهد فغالبًا يطالع صورة منتجات “التشيز” بمنتهى اليقين، ويشتريها.

– فالصور ترونق الزيف لتضليل الشخصيات السهلة التصديق، لكن المؤسف أنها قد تَصدُق لأن الوهم والضلال يزاحمان واقعنا بكل وقاحة ويفرضان سطوتهما على المغفلين.

It’s a make-up session for those who want to blur the gullible

– اشارت الأبحاث النفسية لوجود علاقة بين استخدام وسائل التواصل وعدم الرضا عن الصورة الذاتية ما ينعكس على تدني احترام الذات. 

(Homan et al., 2012).

– الغريب أن تصورات البعض لصورتهم عن أنفسهم مغرقة في السلبية لإنتشار مرض “الديسمورفيا”، وهو اضطراب يجعل المرء يرى نفسه اقبح مما يراه الغير، لتركيزه على عيوبه أو لربما تعرض للتحقير، للإقصاء المجتمعي أو للمعايرة لأن أحدهم قال له أن اسمه قديم أو صالون داره ذوقه متدني أو لأن كبر حجم أنفه عرضه لسخرية المقربين، ولم يجد دفاعًأ من الأبوين. وهنا تبرز أدوار الصورة، إذ أن سيلفي واحد بطلّة تخطف الأبصار قد يعيد التوازن النفسي للمرء، فينساق لنشر صورته رغبة منه في الحصول على

The validation

أي التصديقات والتأكيدات بالقبول المجتمعي وبالجدارة للتقدير والإعجاب عن طريق كيل المديح للمتلقي الذي يُقارضه مدحًا بمدح للمزيد من جرعة  المدح.

هنا تتحول الصورة لإنتصار، انتقام، رد إعتبار، بروباجندا للذات، شهادة تفوق، تحقيق حلم أو تحقيق ذات، فما من شئ يضاهي أن يرى المرء صورته جميلة في عيون محيطه.

– نشر صورة  لبيانو “الجدة يلدز خانوم” حبلى بإيحاءات أن صاحبها من سلالة طسن باشا وقد تعد نوع من العلاجات للهواجس

 Indirect self-mechanism for insecurities

– وبحسب نظرية المقارنة الإجتماعية ،فالأفراد يحددون قيمهم بمقارنة أنفسهم، حياتهم، قدراتهم، مظهرهم وتراتبيتهم الإجتماعية والإقتصادية، وإنجازاتهم، بما حققه الأخرين.

(Festinger، 1954). 

ولأن منصات التواصل تعكس معتقدات عالمية دائمة التتطور، فتطلعات الناس تتغير بالنظر لتأثير اتجاه الملاءمة

Fitspiration

فالبعض يشعر بضغوط تدفعهم للتدقيق في كمالهم الجسدي ومكانتهم لمنافسة أقرانهم أو العارضات المفرطيبن في النحافة والتي يصعب الوصول إليها كونها لا تراعي الفروق بين الناس، خصائصهم وإمكانياتهم. 

تلك المقارنات تؤثر سلبًا على صورة الانسان الذاتية واحترامه لذاته لو اعتمدت على ردود الفعل الإجتماعية (اعجابات، مشاركات، تعليقات) وليس على مدى وضوح رؤية الشخص لنفسه.

(Tiggemann، 2014(

فمنصات التواصل تسمح بتحميل الصور المعدلة التي تمكن المستخدمين من تقديم عرض شخصي مثالي بنشر صور خالية من العيوب للوصول إلى الشعبية وإكتساب مكانة إجتماعية عالية ما حول المنصّات إلى ملاعب إفتراضية للمقارنات المتعلقة بالمظهر والمكانة وعرض الذات الإنتقائي لإدارة الانطباعات وللترويج للذات، ولو أن من يقومون بها قد لا يقصدون ما يفعلونه.

– وفي خضم الإلتهاء بتحسين صورتنا أمام الناس، يكون أبنائنا قد مللّوا من محاولات لفت أنظار الأهل لتقديرهم، ويبدأ الأباء في الشكوى من نفور الأبناء ورغبتهم في أن يكونوا كل ما هو عكس أبائهم!

– لقد هالني اختلاف دوافع استخدامات الصور، رغم أن البعض يختزلها بشكل مجحف في الإستعمال للتزيف أوالإبتزاز أوالإقناع بالتلاعب أو لعنونة للهيئة واستعراض العظمة 

Grandiosity exhibitionism or fake it till make it

التواصل الإفتراضي يجعل المرء كشمندورة طافية في البحر، تحسب أن الأسماك، الحيتان والبساريا أصدقاء لمجرد طوافهم بنفس اليم. فتنشر الشمندورة صورتها كونها تسعد بصورتها الجميلة. الطريف انها تنشر ثم تخشى حسد الحيتان!

– ثمة صور عِناق الرِفاق ساعة الفراق.

– هناك المهاجر الذي يشارك صوره للتواصل مع الأهل عدا صور المُسن والمريض وهي بمثابة استدعاء للإهتمام، فهي تنبئك “أنا لازلت على قيد الحياة، فانظرون، فاسألون، اهتمّون، تواصلون. 

صور تنشر رغم يقين أصحابها أنها تُرى بمشاعر ضريرة.

– هناك صور المجاملات المصحوبة بكلمات رقيقة لتذكير شخص بأن مكانته في القلب محفوظة.

– وهذه عروس اهدرت مبالغ باهظة للظهور بصورة استثنائية ليلة العمر، ثم يقع الطلاق فتستمر في نشر الصورة بعد بتر الطليق، فقد بدت مُبهرة في تلك الصورة بحيث سيصعب عليها انفاق المبالغ ذاتها لتبدو بالمستوى ذاته.

-وهناك الصحفي الأكبر الذي كان يَعِن له أن يذكر في طيّات حَديثه عن لقائه بالقذافي أن الرئيس الليبي قد ارسل له طائرته الخاصة لإحضاره لخيمته. كما يحشر معلومة أنه قبيل إجتماعه مع شاه إيران اخطره أن الحوار سيجرى بينهما دون القاب! مع نشر صورته وقد صلب قدماه أمام الشاه للإيحاء أن حواره مع الإمبراطور كان

 Tête à tête 

– الصورة المثالية المعدلة “البوليشد” هي طلقة انطباعية تسمح بتكوين “فانتازم” لتهويل مكانة صاحبها ما يخدم سيرته الذاتية، وظيفته ومستقبله. لذا، قد يَمتنع شخص عن نشر صورة لوالديه الأحب لقلبه، فيما ينشر صورة لجده أو لعمه الوزير لا لتفضيله لعمه عن والديه ولا لكونه ليس لديه صورة لأبويه، لكن لأنه ليس لديه صورة بمقاييس ترقى لما يريد تصديره من صورة ذهنية مثالية عن أصوله.

– الصور شماعات يعلق عليها المرء هواجسه بأريحية، كونه أضعف من الإعتراف بأخطائه، ففلانة تعزو خلافاها مع زوجها لصورة نشرتها بنفسها على وسائل التواصل. 

– إن كانت للصورة الفوتوغرافية هذا الأثر، فالصورة الصوتية اثرها ابلغ كما أنها فتحت افاقًا للفنون وللترفيه عدا تغلغلها في شتى العلوم والصناعات. فالإعلام المرئي والمقروء يعيش أساسًا على الصورة وتقوم عليه صناعات لا حصر لها كالملابس، التجميل، الكتابة، المونتاج، العلوم، الديكور،الإنشاءات، الدعاية ،السياحة والحاسبات.

– سهلت الإنترنت إنشاء قنوات مجانية للافراد ما يدر عليهم ربح وشهرة. فكل فيديو بحاجة لصور مبهرة لحصد المزيد من المتابعات والأرباح، ومن ثم فقد دخلنا في بيزنس الصور حيث بتنا لا نستخدم الصور لتخدم البرنامج، بل قد نختلق صورة ليقوم عليها فيديو.

– استضافت السيدة “نجوى ابراهيم” منذ فترة مسنًا دفن بطريق الخطأ، ثم تم انقاذه بعد أن ظلّ ليلة يصرخ من داخل القبر. وقد طلب المخرج من الضيف عدم تمشيط شعره ليبدو عليه علامات الهلع عند تسجيل الحلقة الذي تم تصويرها بعيد شهور من الحادث. 

– صورة لمشادة تلفت الانتباه أو لقبلة تثير اشاعة فالمزيد من المتابعات التي ترقى “لترند” ومن ثم أرباح تفتح بيوت وتسدد فواتير وديون وتحقق استقلالية مادية.

 لذا فلا عجب أن الصورة تجعل المأتم كما العرس، والدمعة كما الإبتسامة، المآساه كالملهاة. الصدفة كالموعد مصطنعة، والوجبة كالمجاعات، الفقر كالثراء والوعكة والمرض والحادثة. العزومة والضيوف والتبرعات وأثاث المنزل وحوض الجلي وكل شيء يُنشر لدواعي الدولار بلا منتج لصناعة، سوى صناعة المتابعة. 

 إننا نرصد ولا ننقد فالكاتب والصحفي يعجز عن نشر كلمة أو بيع عدد من جريدة دون صور. 

– واليوم باتت الصور الصوتية منجاة للبعض، سيما حين تمكنت إحدى الزوجات من نشر إستغاثة فورية باستخدام خاصية “لايف” عند تعرضها لضرب من زوجها، فتم نجدتها وضبط واحضار الزوج في غضون دقائق، لكن بالوقت ذاته فان خاصية ال

Deep fake

تعرض المجتمع لخطر بالغ، فقد بات سهلاً وضع صورة شخص على فيديو فاضح لابتزازه، سواء زوج يساوم مطلقته للتنازل عن حقوقها مقابل عدم نشر صورهما الحميمية معاً، أو أخ يهدد أخته بنشر صورها عارية للتنازل عن ميراثها.

– لكم تسائلت عن السر الذي يجعل المواطن الإنجليزي يوافق على استقطاع ضرائب كبيرة من دخله كمخصصت للمصروفات الباذخة للعائلة المالكة. وقد وضح لي صحفي انجليزي ان العائلة المالكة منوط بها صناعة صورة مهيبة لبريطانيا العظمي.

اخبرونا بكلية الإعلام أن “الصورة بالف كلمة” وكنت أحسبها مبالغة، ثم تأكدت أن الأمر خالي من التهويل حين شاهدت صورة إحدى الملكات وحيدة بالكنيسة في حفل تأبين شريكها، وكنت أعلم أن تصويرها على هذا النحو جاء مقصودًا لجلب التعاطف مع الملكية رغم أن تاريخ زوج الملكة يذخر بالخيانات التي كلفت جلالتها الكثير لمنع الصحافة من نشر صوره في أوضاع مخلة، ومع ذكور!

بالمثل جردت اليزابيث ابنها “أندرو” من القابه العسكرية لا لتورطه في اتهامات بخصوص اعتداء جنسي، ولكن لترسيخ الصورة التي يُراد لها أن تَبدو نزيهة عن الملكية.

– وأحد أسباب النفور بين الأمير شارلز والراحلة ديانا كان بسبب قيام الصحفيين بمطالبة تشارلز بأن ينزاح من المشهد ليتمكنوا من تصوير الأميرة، فشعر أن مكانة زوجته تتخطاه.

She was upstaging him

 وحين لم تجد “ديانا” دعمَا من الملكة بإزاء خيانة تشارلز، بدأت تثير حنقهم، فبمجرد ما كان يتم الإعلان عن عزم الملكة حضور أي مناسبة، كانت ديانا تتصل بالصحف لتخبرهم أنها ستتواجد مثلاً في “ماكدونالدز” للترفيه عن صغارها، فتظهر صور الأميرة في اليوم التالي يالصفحات الأولى و في يدها “وجبة السعادة”، تثانيها أخبار الملكة بالصفحات الداخلية بصورة متجهمة.

– هنالك التفت لضراوة حرب الصور في التأثير على الرأي العام.

– وقد نشرموقع القصر الملكى في مدريد صورة للملكة ليتزيا وقد ارتدت نفس الرداء الذي ارتدته حماتها منذ عقود، في تلميح لزوال الخلافات التي صورتها الكاميرات بين الملكة الأم وكنّتها في مشهد لا يقال عنه سوى أنه مسخرة. 

فقد ظهر الخلاف الملكي مصورًا على “اليوتيوب” حين حاولت الملكة الأم صوفيا التقاط صور مع الحفيدتين “ليونور وصوفيا” بكاتدرائية بالما دي مايوركيا. بينما وقفت الملكة “ليتيزيا” لمنع المصورين من تصوير بناتها مع الجدة. كما أظهر الفيديو إزاحة الأميرة “ليونور” ليد جدتها مرتين أثناء التقاط الصور.

لاحقًأ، اختارت الملكة الأم، أن يكون إعتذار الملكة “ليتيزيا”، عبارة عن قيام كنتها بقيادة السيارة لها بدلًا من السائق، وما أن تتوقف مركبة الملكة حتى يُمنع الآف الخدم من فتح باب السيارة للملكة الأم، على أن تنزل ” ليتزيا” لتفتح بنفسبها الباب لحماتها. وقد صورت العدسات كل تلك الأحقاد الكوميدية.

– لطالما أحببت المسيح، ايقوناته، تعاليمه، تسامحه كما وسيرته. وحدث أن نشرت إحدى صديقاتي المسيحيات صورة لم ارها من قبل لرجل عليه مسوح الهيبة والجلال على أنه المسيح عليه الصلاة والسلام، وبالطبع استفسرت منها، فأخبرتني أن الصور المتعارف عليها للمسيح هي صورة رمزية تجسد الهيئة المتصورة عن المسيح، علمًا بأن صورة الرجل المهيب التي نشرتها هي الصورة الحقيقية للمسيح، مؤكدة بأن الأمر ليس سرًأ بل معروف للجميع، ويستطيع أي إنسان التحقق من ذلك بالتقصي من خلال محركات البحث! 

لقد تخيلت أننا نفضل تجميل الصور الذهنية عن الإعتراف بالصور الواقعية، لكن بخصوص صورة المسيح تحديداً، فلربما لأن الصورة الحقيقية للمسيح عليه الصلاة والسلام قد اخذت له منذ ما يربو على الفي عام، فمن الطبيعي أن تظلم حقيقة ملامح المسيح بل قد تظهره بشكل يشوه هيئته في خيالنا. والمؤكد أن الصورة المتخيلة عن المسيح تراعى ضحالة الإحداثيات في صنعة تلك الأزمنة. 

– بإحدى زياراتي لمحيط جامع السيدة زينب الشيعي بدمشق، هالني رؤية صورة شاب شاميّ الوسامة، يقال أنها للحسين حفيد الرسول عليه الصلاة والسلام، علمًا بأن سنّة المُسلمين ينكرونها، بل يجهلونها، أما شيعتهم فقد اغتالوا الحسين في الماضي ثم مجدوه وضربوا أنفسهم ندماً وتشيعوا له في حسينيات الحاضر، وشيدو له مقبرة مزدانة بذهبٍ وفضة ثم صوروه وسيمًا، تمامًا كما يفعل البعض مع ذويهم يقتلوهم خذلانًا وظلمًا. وعند الرحيل يبكونهم ويمجدونهم بصور لها شارة سوداء.

فالدمع أرخص من الدينار، والندم أقل كُلفة من رد المظالم، ثم أنه يضفي سمت النبل والأصالة على الندمان.

 – الصورة تخدم الواقع بإعانتها للخيال كما تستخدم الخيال لخيانة الواقع.

 لقد وفرت لي الأقدار في صباي زيارة عدد من الأسر المحافظة في الريف والمدن، وقد هالني أن عددًا من أرباب تلك الأسر يُعلقون فوق أسرّتهم لوحات بعرض الفراش لصور نساء عاريات تمامًأ رغم أن بعضهم أزهريين.

 حاولت معرفة سر الصور العارية التي لا تتنساب مع العمائم المتزمتة. ثم حضرت واقعة خلاف بين أب فرض على إبنه الزواج من إبنة عمه التي يمقتها ويراها دميمة، فيما الوالد يرى أن العلاقة الحميمة التي لن تحتل من وقت ابنه سوى دقائق لبعض أيام الأسبوع لا يجب أن تنهض سببًا في منح اسمه لسيدة من “البندر” ما قد يتسبب في التلاعب بميراثه ونسبه، في حين أن ابنة عمه الصينة، الدميمة ذات الفدادين أبرك، أما موضوع العلاقة الحميمة فهين، ولا يستدعي اكثر من تعليق صورة لإمرأة عارية فوق سريره ليستلهم منها ثم يفيض على زوجه!

– “البقاء للصورة” قالتها خبيرة تجميل حين المحت أن صورتي ستبدو أجمل لو أنفقت يدي في التبرج، فأخبرتها أن الإفراط في الخضاب يجعلني أقل جمالاً في الواقع وإن بدوت أكثر بهاء في الصور، فجادلت بأن الصورة أهم كونها أبقى كذكرى ستخلد في ذهن الأبناء وسيتوارثها الأحفاد، ومن ثم فالأولى الظهور بشكل رائع في الصورة وإن بدونا أقل جمالًا في الواقع لأن التأثير الزمني للصورة غالب ومداه أطول.. لكن العمر قصير.

لذا فنصيحتي أن تعتني بصورتك، لأنها ستعيش أكثر منك. 

بالأمس قالوا “الإنسان سُمعة” أما اليوم فأقول:”الإنسان صورة”  فالبقاء للصورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى