الذبابة
حميد عقبي – فرنسا
يبدو له المنظر لوحة فنية سوريالية، يحدق بالكأس الأخير، قطعة الثلج تذوب ببطء.. محاط بهالة ضوء تنسكب حوله تتزحلق على حوافه قطرات ندى تتسابق للنزول.. ما حول الكأس فوضاء بقايا أعقاب السجائر تتخذ اشكالاً نحتية معبرة، بعضها معكوف والبعض الآخر مهروس!! .
حين يرى نهاية سيجارته يحلو له توديعها بنظرة قد تكون سريعة واحيانا تستمر للحظات يتأملها ثم ينهي حياتها بالضغط عليها بهذا الصحن الأخضر على الطاولة، بعض الأوقات يتلذذ بنهايتها، يظل ممسكاً بها لآخر رمق ثم يضعها بهدوء يرمق احتراق الفلتر للحظات بعدها تضعف نارها.. لثوان.. تنتهي تماماً مخلفة حفنة رماد… تثيره هذه الاحداث.. يظل هائماً بداخله، متسمراً بمكانه يرقب كأسه الاخير، يُشعل سيجارته الأخيره يعيش كل نفس بكل حواسه، يأخذ نفس يحبسه للحظة ينفث الدخان يتابع مسار تحليقه… هنا يرمق ذبابة لا يعلم كيف وصلت لعالمه؟ تحوم حول الكأس تغامر بالهبوط.. تذهب أبعد من ذلك.. تنغمس سابحة بداخله، ثم بصعوبة تنجح بالخروج، يحسها ترتعش، يظل مجرد مشاهد للحدث، يبدو انها تحاول استعادة توازنها، تطير بارتباك لزواية الجدار.. يود تحذيرها هناك بيت العنكبوت.. ينهض يتابع ما سيحدث، تستمر الذبابة بالتحليق المرتبك.. لعل قدرها العاثر قادها لهذا المكان، لهذا الكأس، لهذه النهاية لعلها خططت لانهاء حياتها ثملة.. يغمض عينيه للحظة… تعلق بخيوط العنكبوت.