التعليم:  المدرسة وصناعة المواطن (1)

د. فيصل رضوان | أستاذ التكنولوجيا الطبية الحيوية الولايات المتحدة الأمريكية

المدارس مهمتها الأساسية الظاهرة هى تعليم المعرفة والمهارات الأكاديمية مثل القراءة والكتابة والحساب. لكنها، فى ذات الوقت تخدم أيضًا وظائف أخرى كامنة ربما تساعد فى تشكيل عقل ووجدان الطلاب فى المستقبل.

  على سبيل المثال، في مراحل التعليم الابتدائي، يتوقع الآباء أن يتعلم أطفالهم معلومات جديدة بجانب القراءة والحساب، وهى كيفية “التعايش” مع الأطفال الآخرين، مع اختلافهم فى الجنس واللون والدين والمستوى الاجتماعي. يبدأ الطلاب في فهم كيفية عمل المجتمع وتقدير دور وأهمية كل مواطن فيه. لذا، بخلاف تدريس المعرفة بالمواد، فإن هناك  وظيفتان من أهم وظائف المدارس لصناعة المواطن: هما التنشئة الاجتماعية السليمة، ونقل المعايير والقيم الثقافية.

 التنشئة الاجتماعية تتم عن طريق  تأهيل الطالب لقبول”الهوية الشخصية”، حيث يتعلم فى مراحل الدراسة من دروب المعرفة واللغة والمهارات الاجتماعية بالكم المطلوب للتفاعل مع الآخرين. مرة أخرى، لا يتعلم الطلاب “فقط” المناهج الأكاديمية وكيفية تحصيل الدروس. لكنهم يتعلمون أيضًا القواعد التربوية والتوقعات الاجتماعية، والسلوك القويم فى التفاعل مع الآخرين. في أمريكا، يتلقى الطلاب مكافآت وجوائز لأتباعهم الجداول والتوجيهات، والوفاء بالمواعيد النهائية. كما يتعلم الطلاب كيفية تجنب العقوبة عن طريق الحد من السلوكيات غير المرغوب فيها.  وتدريجيا يكتشف الطلاب،  أنه لكي يكونوا ناجحين اجتماعيًا، يجب أن يتعلموا أن يكونوا هادئين، وأن ينتظروا دورهم بصبر، وأن يتصرفوا فى الامور بجدية وإهتمام، وأن يرضوا معلميهم، ويتعاونوا مع أقرانهم.

 وإلى جانب التنشئة الاجتماعية،  هناك وظيفة بارزة أخرى للمدرسة وهي نقل الأعراف المحلية والقيم الثقافية إلى الأجيال الجديدة.  تساعد دور التعليم على صياغة وتشكيل وجدان الأفراد، فى مجتمع واحد وبهوية وطنية مشتركة، وإعداد الأجيال القادمة لأدوار المواطنة الخاصة بهم فى مجالات الحياة. يتم تعليم الطلاب إحترام القوانين المنظمة للمجتمع المدنى، والحقوق والواجبات والحريات المشروعة من خلال دروس عملية وانشطة يومية، لتنمية شعور الولاء وحب الوطن من خلال طقوس شيقة وغير تقليدية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى