ثلاثية أمي

مازن دويكات | فلسطين

(1)
يدكِ الصغيرةُ لا تصلني
لا أحسُ بها تفتشُ في دمي
عن طعنةٍ قطعتْ وريدي
يا نجمة النجماتِ
أشعلني غيابُكِ
قلتُ يا روح اذهبي
ذهبتْ بكامل ضوئها
جلستْ على عتباتِ بابك ِ
انتظرنا أن تعودي لم تعودي!
خانني ساعي البريد ِ
أنا لا أرى إلاّكِ واقفةً
على حجرِِ ٍ من البلور ِ
هذا الضوءُ منكِ
شعاعهُ القُدُسيّ خرَّ على قيودي
حرٌّ أنا!
منْ أينْ؟
كيفَ؟
متى؟
لماذا أنكرتني الأمهاتُ بعيدهنِّ
وعيدكِ الذهبي،أرجعني صغيراً
في سريرِ الوردِ ألفُ يدٍ تهزُّ
ونشوتي الخضراءُ ترفعني
رأيت أبي وأمي وأخوتي
ويدُ الوحيدِ
تشدُ لي عُنقي وجيدي
حريتي، ولدٌ يعلقُ ملصقَ الياقوتِ
فوقَ جدارِنا العالي
ملائكتي الصغار على سرير ِ الفجر ِ
مبتهجين، قلتُ لهم:
غداً أمي ستأتي منْ بعيد ِ
هذا الرفيفُ لمنْ؟حديقةُ بيتنا سوداءْ
قلتُ لمنْ؟ ووردةُ الأموات في تشرينَ
يحملها جناحُ الماءْ
تصعدُ
ثمّ تصعدُ
ثمّ تصعدُ
يا إلهي
أينَ ترفعها
فدعني في خريفِ الروح أتبعها
وأمشي في الصدى معها
وأصعدُ
ثمّ أصعدُ
ثمّ أصعدُ مرة أخرى
فأهبط في صعودي
لا لونَ في هذا الفراغ
ولا روائحَ في جناح ِفراشةٍ
لا طعمَ في قرص العسلْ
يا أيها الولد الميتّم،حزنك العالي
توهّجَ واشتعلْ
هذا مثلث مائك العدمّي، زمزمُه يسيلُ
على طريق ِ الذاهبين على عجلْ
وصلتْ هناك، وأنتَ أول منْ وصلْ
ورأيتَ زنبقة َ التراب ِتطلُّ من حجر ٍ
وترفع قرصَها الدامي وتنثره
على جسدِ الملاكْ
يا أيها الوجهُ المبللُ بالندى إني أركْ
قمراً يسافرُ في وريدي.

(2)
أناديها… تسمعني فتأتي
تجيء بطيفها المحزون ِ
كما خرجتْ من شرفةِ الصمت ِ
تلامسُ غرتي
وترتّبُ فوضى الروح ِ
وتقطفُ وردة الأوجاع ِ من صوتي
تعدُّ على أصابع كفها
ما أحضرت لي في سلةِ الوقت ِ
تنثرها فوق الأريكة ِ
وتمضي والضوء يتبعها
وأتبعها لعلي أعود معها
فأسقط ُعلى عتبة ِ البيت ِ !

(3)
على قلق ٍ أعشقُ النومَ
حتى أرى وجهها في منامي
ويقتلني الصحو حين أراها
وحين تمدُّ يداً في الزحام ِ
على درج ِ الحلم ِ أحبو
إلى أن أصوّبني نحوها
وكسهم ٍ مسننّ بالأقحوانْ
أشقّ ا لمكانْ
إلى أن استقرّ على صدرها الرحب ِ
كيْ أستعيد فطامي
فنامي على أيكة ِ الروح ِ
يا طفلة القلب ِ نامي
ولا تستيقظي إلى أن أراكِ
ترفّين مثل الملاك ِ
على شرفةِ الصحو ِ
في ليل هذا الجدارْ
وفوق مرايا النهارْ
وأصرخُ في فرح ٍ:
هاهنا سيكون مقامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى