قراءة في رواية: الصّامت، للكاتب شفيق التلولي -2021- غزّة
بقلم: رفيقة عثمان
أصدر الكاتب شفيق التلولي، رواية “الصّامت” والتي تحتوي على 176 صفحة في غزّة.
نسج الكاتب روايته التي سيطر عليها الخيال الجّامح،حول تقفّي آثار الصّامت، اوالمنسي الفلسطيني جد الرّواي، والّذي سطّر بطولات غير عاديّة ضد المحتلّين الصهاينة والإنجليز في فلسطين، واختفت آثاره عن أعين مطارديه الصهاينة والإنجليز.
من هنا تبيّن لنا الزّمن الّذي اختاره الكاتب للرواية عنه، مستخدمًا أسلوب الإسترجاع الفنّي في الرّواية، برأيي هذا الأسلوب في استخدام الاسترجاع غير موفّق.
إنّ أحداث الرّواية تأخذ القارئ نحو التوهان؛ نظرًا لتكرار الأحداث المُتلاحقة، وخوض المعارك المختلفة مع المُحتل مرارًا وتكرارًا، ممّا بعثت على الملل، وعدم القدرة على متابعة الأحداث؛ لانتقال الراوي مع الشخصيّة المُرافقة “داليا” التي هدفت للوصول لفك رموز المخطوطة، بالتعاون مع الرّاوي حفيد المنسي.
إنّ الخيال الجامح الّذي نهجه الكاتب غلب على الحقائق التّاريخيّة المُنتقاه؛ لتأريخ فلسطين، وخوض المعارك الباسلة ضد المحتلّين، وكان دور “الصّامت” دورًا غير عادي، بل هو شخصيّة أسطوريّة لا تُهزم، ولا تعرف الموت أو الاستسلام، في كل مرّة يحيا بعد الموت ويستيقظ من جديد كالفينيق، ويحارب حتّى النّهاية.
يبدو لي بأنّ هنالك مبالغة في عرض صورة البطل الأسطوريّة، والّتي بعيدة كل البُعد عن الحقيقة؛ إلّا أنّ مُراد الكاتب هو تجسيد البطولة الفلسطينيّة وتخليدها كرمز خالد للمناضلين الفلسطينيين.
في نهاية الرّواية، لم يكن اختيار الكاتب للمكان الّذي وصل إليه الصّامت واختار أسوان في جنوب مصر ليكون له مسكنًا؟ هل أراد الكاتب أن يُقحم مصر في روايته؟ أم أراد تكريم مصر في وجود الصّامت فيها، وانخراط مصر في الدّفاع عن فلسطين؛ خاصّةً بعد أن خاض الصّامت المعركة مع الزّعيم جمال عبد النّاصر في الفالوجة، وإنّ طلب الصّامت أن يسكن في أسوان لم يوضح الكاتب مبتغى الصّامت لهذا الاختيار.
يبدو لي من الواضح، بأنّ الكاتب كان متمكّنًا من المعرفة لتاريخ فلسطين السّياسي والاجتماعي، فازدحمت الأحداث بشكل متواصل، وتعدّدت الأماكن فانتقل الكاتب بين الأماكن المختلفة والبعيدة المسافات فيما بينها؛ هذا الاسلوب، يفقد التشويق لقراءة الرّواية.
امتازت اللّغة بالبساطة، والبلاغة الجميلة، والوصف الرّائع للأماكن والأحداث. استخدم الكاتب لغة الحوار والّتي اعتمدت على شخصيّتين، شخصيّة الرّاوي والبطلة “داليا”؛ وقلّ الحوار الذَاتي في الرّواية.
أنوّه بأنّه وردت أخطاء لغويّة ونحويّة وأخطاء مطبعيّة عديدة، كان من المُمكن تلافيها؛ ومن المفضّل مراجعة نصوص الرّواية وتنقيحها قبل نشرها، خسارة جدّا الوقوع بهذه الإشكاليّة الهامّة.
خلاصة القول: حملت هذه الرّواية في طيّاتها رموزًا متعددة، وأتاحت للقارئ تفعيل الخيال والتفكر في حل رموزها وأحجيتها.
هذه الرّواية تستحق القراءة، وهي إضافة نوعيّة للكتابات التأريخيّة، والّتي توضّح النضال للشعب الفلسطيني العصور، وتخطيط البطولات الّتي اشتهرت بالدّفاع عن فلسطين وحقوقها، أمام المحتلّين الغاصبين.
هذه الرّواية مجّدت الصمود الفلسطيني، والتي رمزت بأنّ قضيّتها خالدة وحيّة، ولم تُنسى أبدًا، مثل المنسي أو الصّامت في الرّواية.