الشاعر الكبير أحمد سويلم يروي “سنوات التكوين” في”القاهرة الكبرى

إذاعة القاهرة الكبرى | خاص

استضاف الإعلامي حسين الناظر من خلال برنامجه “سنوات التكوين”، الذي أذيع أمس مساء الخميس 7.30 مساء على موجات إذاعة القاهرة الكبرى. الشاعر الكبير أحمد سويلم، مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، الذي يتحدث عن سنوات التكوين التربوي والفكري والثقافي في حياته.
ويروي سويلم نشأته في مدينة بيلا في محافظة كفر الشيخ، حيث ولد في ٨ ديسمبر عام ١٩٤٢، في أسرة متوسطة، وكان والده أحد مشايخ الطرق الصوفية، ومن أتباع الطريقة الأحمدية، لذا سمى ابنه أحمد تيمنا بالشيخ أحمد البدوي، وكان والده يقيم حضرة أو مجلس ذكر في البيت كل أربعاء أسبوعيا، يحضرها المشايخ من العلماء والقراء والمنشدين، ما جعله مولعا بهذا الجو الصوفي الفريد، ودفعه لحفظ وإنشاد قصائد ابن الفارض وابن عربي وحفظ المنظومة الصوفية، وغيرها، مؤكدا أن هذا جعل التصوف جزء أساس في تكوينه ورافد مهم من روافد الإبداع في مسيرته الإبداعية.
ويتحدث “سويلم” عن وفاة والده وهو في التاسعة من عمره، ما جعله يتجرع مرارة اليتم وألم الفقد، ما غرس في نفسه مبكرا قيم المسؤولية والرجولة وأخذ كل الأمو بجدية، والاعتماد على النفس، وجعله وهو الابن الأكبر أن يضطلع بمسؤولية رعاية إخوته، ومساندة والدته في تربيتهم، مشيرا إلى أن اليتم وألم الفقد لايقتصر على يتم الأب فقط، بل يمتد لفقد كل ما هو جميل ومهم في حياتنا من مبادئ وقيم نبيلة وعادات إيجابية أصيلة، أو نفقد ذواتنا أحيانا، وهذا ما يعبر عنه الشاعر، فهو يعبر عن هذه الفلسفة وراء اليتم باعتباره مظهرا من مظاهر الحياة،
ويشيد “سويلم” بوالدته التي قامت بدور الأم والأب معا ووهبت حياتها لأبنائها، ورفضت أن تتزوج وأصرت على تعليمهم جميعا، ويقول : أن موقف الأم هذا دعاني وإخوتي لأن نقدر هذه المسؤولية ونجتهد ونتفوق في مراحل التعليم المختلفة.

وعن تعلقه بالقراءة والروافد الثقافية يقول “سويلم” أنها انطلقت من مكتبة والده بالبيت، حيث اطلع على أمهات الكتب العربية، حيث طالع لأول مرة كتاب “ألف ليلة وليلة” و”كليلة ودمنة” وكتب الشعر العربي قديمه وحديثه، وهي الكتب التي يصفها بأنها هي الكتب المهمة التي يؤسس عليها أي مبدع جذوره الفكرية والثقافية التي تعيش معه طوال عمره.
ثم يروي دور مكتبة المدرسة حيث كانت حصة المكتبة مقدسة عند الجميع، وكان كل طالب يختار كتابا يحبه من بين الكتب، وعليه قراءته بتركيز، وفي حصة الخطابة يقوم بعرض ملخص للكتاب” ويشرحه لزملائه، ويتذكر أن أول كتاب اختاره وقرأه كان “الأيام” لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين رحمه الله، ويروي المشهد الجميل: المدرس يجلس مكاني وأنا أقف مكان المدرس، أمسك الطبشور وأكتب على السبورة: الأيام لطه حسين. وأشرح مافهمته من الرواية، والأستاذ وزملائي يناقشونني ويطرحون الأسئلة وأنا أجيبهم. مستطردا : هذا غرس في الثقة والجرأة وعلمني ألا أهاب الجمهور عندما ألقي كلمة أو قصيدة.
وعن بدايته مع الشعر يروي “سويلم” أنها بدأت عام ١٩٥٦ عندما استمع عبر الراديو لأغنية محمد عبد الوهاب “سلح جيش أوطانك واتبرع لسلاحه”، فاعجبته جدا الأغنية وما تحمله من معنى ومن رسالة، فكتب قصيدة بالعامية المصرية، وعندما عرضها على أستاذه الشيخ حسن الحويني، قال له: أنت مميز في اللغة العربية فلماذا تكتب بالعامية، جرب أن تكتب بالفصحى، وكان هذا التوجيه له عميق الأثر في اكتشاف موهبته وتوجهه نحو كتابة الشعر والعمل على الاهتمام بهذه الملكة وتنميتها، فكتب قصائد في مدح الرسول متأثرا بالمناخ الصوفي المحيط، وتوالت القصائد.
ويروي “سويلم” دور المدرسة في تنمية موهبته، حيث كانت المدرسة منارة ومركزا لممارسة جميع الأنشطة حيث كانت توجد جماعة الخطابة وجماعة الإذاعة، وجماعة التمثيل والمسرح، وجماعة الموسيقى وجماعة الادخار وجماعة الكشافة وغيرها، والألعاب الرياضية المختلفة، ويتحدث عن دور معلم اللغة العربية في تنمية موهبته وتوجيهه وتشجيعه وتعليمه العروض وموسيقى الشعر.

ويؤكد الشاعر الكبير أحمد سويلم أن البداية الحقيقية كانت عندما جاء إلى القاهرة ملتحقا بكلية التجارة، والصدمة الثقافية والحضارية والإبداعية التي حدثت له ونجح في تجاوزها سريعا بتوفيق الله، إذ كانت القاهرة تموج بالتغيرات الكبرى نتيجة ما أحدثته ثورة يوليو من حراك كبير على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، وتأثره وأبناء جيله بالمد الثوري والقومي الذي تحمسوا له وعبروا عنه في إبداعاتهم.
يقول “سويلم”: استطعت أن أحافظ على توازن جيد جدا حتى لا تطغى المدينة بقيمها وثقافتها على التكوين الفطري والقيم النبيلة التي توجد في داخلي”.

ويروي “سويلم” أن سنواته الأولى في القاهرة مضت بين عمله الذي التحق به ليستطيع الحياة ورعاية إخوته، ومواصلة دراسته، وحرصه على التعرف على الحركة الثقافية في القاهرة، وقراءة كل ما تقع عليه عيناه، والبدء في تأسيس مكتبته الخاص فراح يجمع شتى أنواع الكتب والمراجع والتراجم، ويقتني أعمال جميع دواوين الشعراء القدامى والمعاصرين، العرب والأجانب، ويشترى الأعمال القصصية والروائية والمسرحيات وأنواع الفنون الأخرى، وكل شئ، يقول سويلم : ” لقد تكونت لدي مكتبة غنية أفخر بها، فيها كل شئ وليس كتب الأدب فقط، فأنا عندنا أكتب بحثا لا أعتمد على الإنترنت، وإنما على المراجع والكتب التي بمكتبتي، ولها كبير الأثر في إعادة قراءة الكتب أكثر من مرة خاصة كتب التراث، ما جعلني أكون نظرة مغايرة تتغير بتغير الزمن والمعطيات، وعدم التشبث بانطباعات وأحكام ثابتة، ما جعلني أقدم قراءات موضوعية من خلال ما أكتبه من دراسات “.
ويتحدث عن نشره لأول قصيدة بمجلة ثقافية في بيروت، ا كان اعترافا رسميا بموهبته، ثم نشر العديد من القصائد بمجلة الشعر بدعم وتشجيع الدكتور عبدالقادر القط رئيس التحرير وقتها، وصدور أول ديوان شعري له وهو الطريق والقلب الحائر، وبعدها توالت الأعمال في الشعر والمسرحية الشعرية.

ويروي ” سويلم مرحلة تردده على الجمعيات الثقافية مثل نادي الأدب والجمعية الأدبية ودار الأدباء، وتعرفه وتأثره بالشعراء المعاصرين خاصة رواد الشعر الحديث مثل: صلاح عبد الصبور، وأحمد عبدالمعطي حجازي، ثم نازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، وعلاقته بأبناء جيله، مثل أمل دنقل، ومحمد عفيفي مطر، وفاروق شوشة، ومحمد إبراهيم أبو سنة، ود. حسن طلب وغيرهم.. وانخراطه في كتابة القصيدة الحديثة ليصبح واحد من أهم شعراء جيله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى