نظرية المؤامرة وإمكانية المقامرة مع خطورة المغامرة!
عبد اللطيف أجدور | المغرب
طالعت قبل أيام تقريرا مطولا في جريدة عريقة يعدد هفوات المؤمنين السذج بنظرية المؤامرة، ولإعجابي بالمقال يمكنني بدوري إيراد الملاحظات التالية:
ابتداء أستطيع أن أؤكد أنه ليس هناك شيء اسمه نظرية مؤامرة، لأن هناك أشياء حقيقية على الميدان ولم تعد مجرد نظريات، وأيضا لأن هناك مؤامرات عدة وليست مؤامرة واحدة.
يتبدى لي أنه من غير المعقول (مع أن المنكرين على أنصار فكر المؤامرة يرون أنفسهم غاية في العقلانية والواقعية) أن تقنعني منطقيا في الألفية الجديدة، وبعد زهاء قرن ونيف على بداية انفجار تقني وعلمي ومعلوماتي غير مسبوق، ألا يحتمل أنه قد صيغت خطط لتسيير البشر ولإخضاعهم، ولتوجيه العالم باتجاه مضبوط، في عصر الذكاء الاصطناعي، عصر تضاجع فيه دمية نسخة طبق الأصل من شاكيرا، تتمنى لك ليلة سعيدة بعد وقبل العملية وتصفك بشوازينغر أثناءها، دون أن تخشىى أن تؤذيك برائحة أمعائها ليلا كما تفعل – على الأرجح- شاكيرا نفسها، وأداء بيكيه على الملعب هذه الأيام خير دليل.
عصر مرت معه حتى الآن ستون سنة على وصولنا للفضاء ، واستنساخ الحيوانات، والتحكم بصفات النبات وتركيباتها واستنساخ فواكه وخضراوات، وكذا حيوانات هجينة وسلالات مستجدة والتجارب للتدخل في المادة الوراثية للبشر جارية فكيف بالفيروسات والعضويات الأخرى.
ألم يتم استخدام الحاسوب بعد اختراعه لسنوات عدة خفية من أجل أغراض تجسسية عسكرية قبل أن يقدموه لنا، ونغرم من خلاله بشاكيرا!
نعلم أن لغز تفشي كوفيد لم يتم حله بعد، وها نحن ذا نواجه فيروسا جديدا كان لوقت قريب موجودا ووديعا، فما الذي دهاه ليصبح فجأة بهذه الشراسة، ولماذا يتم ككل مرة التركيز على تهويل الأمر والضغط لتلقي اللقاحات باستعجال، وكيف لا يتم التركيز بنفس الشكل على التحذير من مخاطر التبغ والمواد المعلبة والكحول والإنبعاثات التي تنفثها المصانع، والأخطار الجانبية للعديد من العقارات والأدوية التي نستهلكها ولا تجعلنا سوى زبناء مداومين عليها… لا يمكننا طبعا المقامرة بتكذيب كل شيء وزرع الشك الذي قد يتحول إلى هوس، لكن بالمقابل لا يمكن بحال المقامرة بكل شيء وإسلام رقابنا لكل شيء وكل أحد..
من غير المعقول يا صاح بعد كل هذا أن تقنعني أننا خيرون جدا، وسذج جدا، حتى لا تلوح فكرة تنميط الإنسان وتسليعه وقولبته، مع صعوبة الأمر وإمكانيته الكبيرتين، على أحد هؤلاء القابعين في المختبرات تحت الأرضية، أو في قاعات الإجتماعات المغلقة في أقاصي آسيا.
ثم إن الإنسان الروماني بسيفه الصدئ ودرعه الخشبي كما العربي قبله والإسكندر المقدوني وجنده والمغول، حاولوا جميعا إخضاع الدنيا بالحديد والدم وأن يسيطروا وأن يسودوا البقاع مع ما كلفته تلك المجازر الضارية من رؤوس وأشلاء ومحن وعذابات.
فكيف لا والأمر صار أهون بكثير لا يكلف غير تكتيكات إعلامية، وبروباغندا مدروسة بدقة علمية متناهية، ومؤسسة على تحليلات علمية وثيقة لطريقة تصرفنا، وقدرة كبيرة مجربة على استباق تفكيرنا، مع تحقيق عائدات مادية ضخمة من هذه الثقافة الإستهلاكية الواحدة، ولإشباع هذه الرغبة الإنسانية النهمة الغريبة في اقتراف اللامعقول.
ينبغي لكل مطالع منصف لصفحات التاريخ الطويل أن يدرك أنه نفس الصراع الحضاري/غير الحضاري التقليدي العتيق لإخضاع العالم بوسائل وصيغ غير تقليدية بالمرة، معظمها لا يكاد يخطر على البال ولا تسعنا المغامرة بالسعي وراء الخبز اليومي دون أخذ ما يكفي من وعي وترو في ما يقدم عليه الإنسان من سلوكات واعتيادات واعتقادات.