لماذا أحبّ الرّسول محمّد صلوات الله عليه؟

د. رافع يحيى | فلسطين

قد يبدو السّؤال أو العنوان للبعض غريبًا! لكن في الحقيقة، لهذا الاعتراف ما يبرّره.

لقد تمّ تسليط الضوء على الرّسول الكريم النّبي في أكثر من نص تعليميّ أو تاريخي أو غيره، وهذا بلا شك هام، ولكن هناك جوانب انسانيّة هامّة جميلة ورائعة في حياة الرّسول يمكن الاستفادة منها أيضًا، لتكون عبرة لنا جميعًا.

التّركيز على معجزات الرّسول يهدف إلى تسليط الضّوء على نبوّته، وهذا ما نلمسه أيضًا خلال قراءة سير أنبياء آخرين، فالمعجزات من ملامح النّبوّة الهامّة، وقد وهبها الله عزّ وجل للأنبياء ليميّزهم عن غيرهم ولتكون لهم بيّنة وعون في نشر الرّسائل المباركة الّتي وكّلوا بها. “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” الأنبياء(107).

برأينا التّركيز على الصّفات البشريّة للرسول محمّد صلّى الله عليه وسلم، مثل: الصّبر على المعاناة والشّدائد خلال سنوات حياته، وهذه السجيّة مدرسة لنا جميعًا. معاناة اليُتم وفقدان حنان الأب والأم ومجافاة زعامة قريش له، وتعرّضه للأذى ومحاولات متكرّرة لقتله، كما أنّ الأذى الكلامي تجاه الرّسول محمد صلى الله عليه وسلم من قبل كفّار قريش كان حادًا وقاسيًا. ومن باب تكريم الرّسول لن أذكر هذه الألفاظ هنا. أصف لذلك وفاة أبنائه عبد الله وابراهيم، ومن نافلة القول أن نذكّر بعام الحزن وهو العام الذي توفي فيه عمّ الرسول أبو طالب الذي كان يدفع عنه أذى قريش ثم زوجته خديجة بنت خويلد التي كانت تسانده في الدعوة. وهو ما يقارب العام العاشر للبعثة (الثالث قبل الهجرة).

لقد تحمّل الرّسول وصبر وعانى ورغم كلّ ذلك تمكّن من نشر الدّعوة الإسلامية في كلّ أنحاء العالم!

الثّبات في ظلّ المعاناة القاسية والدّائمة من أجل نشر النّور في العالم – برأينا- من أهمّ ملامح شخصيّة الرّسول الإنسانيّة. وأذكر في هذا المقام أنّه خلال تواجدي في تركيّا زرت احدى الجزر التّركيّة بعد بوم بحري طويل، وفور وصولنا للشاطىء استقبلنا صوت آذان العصر، اعترف أنّ الآذان هزّني آنذاك من الأعماق، فقد استحضرت حينها مراحل المعاناة الّتي مرّ بها النّبي اليتيم وتجاوزها، وصوت الآذان الّذي كنت أسمعه في تلك اللّحظة في هذا المكان البعيد عن شبه الجزيرة العربيّة، عن مولد الرّسول مكّة، من انجازات الرّسول العظيمة وهي من معالم تجاوزه طول المعاناة الّتي عاشها ليبلّغ الرّسالة. وطبعًا استطاع الرّسول نشر الرّسالة إلى مناطق نائية في العالم تبعد عن مكّة أكثر من هذه الجزيرة بكثير.

الكتابة عن الرّسول الإنسان يحتاج لموسوعات كاملة حتّى تنصفه. وفقط من باب التّذكير نذكّر ببعض الجوانب الانسانية الّتي ميّزت الرّسول، منها: حبّه لبناته وزوجاته، كظم الغيظ، التّسامح والعفو، التبشير باللّين والكلمة الطّيّبة، التّواضع، القيادة الحكيمة، العمل والتّعب، حبّ المعرفة، المشورة، التّأمّل، الإصغاء، الوجه الطّلق، العدل، الشّجاعة، التّضحية من أجل البشريّة. انسانيّة تجلّت خلال كلّ مراحل حياته في أجمل وأبهى صورها، وكذلك اهتم الرّسول جدًا باحترام الآخر وبتذويت فكرة احترام الدّيانات الأخرى بين المسلمين.

لقد كدّ الرّسول وتعب وعانى كثيرًا كانسان وكنبي لنشر الدّعوة الإسلاميّة واخراج البشريّة من الظّلال إلى الهدى ومن الظّلمات إلى النّور، ولكن….! للأسف انقسمنا لمذاهب وملل لم يستفد الإسلام ولا البشريّة منها شيئًا. نتجادل بلا توقّف في قضايا هامشيّة ونهمل الجوهر. نصرّح فننفّر. فئات واسعة أساءت بسلوكها وتصريحاتها للدين لأنّها لا تفقه منه إلّا القليل. إنّ الرّسول مدرسة في حسن التّعامل فسيروا على هديه وتعاليمه ولا تنفّروا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى