د. محمد بكر البوجي، رئيس جمعية النقاد الفلسطينيين والمذيعة حنان أبو دغيمة وجها لوجه
جريدة عالم الثقافة | خاص
الثقافة هذه الجبهة الأخرى من الحرب مع الاحتلال،هي الحارس الروحي وهي من تحافظ على روح الإنسان، تمنعه من الاندثار والموت لذلك إن أردنا كما نقول علينا أن نحافظ على ثقافة هذا الإنسان وأن نحافظ على هويته من الضياع، الجهود مستمرة من المثقفيين والأدباء والكتاب والمؤرخين لحفظ الكنز التاريخي والأدبي، نهاية يوليو الماضى أنهى الدكتور محمد البوجي أستاذ الأدب والفكر في جامعة الأزهر بغزة أنهى انجازموسوعة التجربة الأدبية في فلسطين بعد النكبه هذه الموسوعة تحتوى على أهم مائة أديب وناقد ومفكر من فلسطين.
س ـ نبدأ الحديث عن فكرة الموسوعة الحديثة الجديدة، التجربة الأدبية في فلسطين بعد النكبة، من أين استوحيت هذه الفكرة وما الحاجة إلى مثل هذه الموسوعة؟
– في العشر سنوات الأخيرة أنجزت موسوعتين الموسوعة، الأولى وهي، نفحات جذور شعبية في التراث الشعبي الفلسطيني، مكان البحث من يافا حتى رفح والنقب جنوبا، وفيها خلال ستة عشر عاما استطعت أن أجمع كل مايقال في المثل الشعبي وفي الحكاية الشعبية وفي قصة المثل وفي العادات والتقاليد الشعبية وقد صدرت هذه الوسوعة في جامعة الأزهر بغزة، وقصة إنجاز موسوعة الأدب الشعبي طريفة جدا، بعد اتفاقية أوسلو، يدرس في جامعة الأزهر صبايا طلاب وطالبات جاءوا من الكويت والسعودية من سوريا ومن أوروبا من كل دول العالم، جاءت مكتبي تشكولي يا دكتور لسنا قادرين على العيش بغزة غير قادرين عن الانسجام غير قادرين على الحياة في غزة، طبعا هذه الشكوى الإجابة عليها كانت مهمة على عاتقي أنا أن أقوم بعملية اندماج لهؤلاء بالمجتمع الفلسطيني فطلبت من كل شخص من طلابي قادم من خارج قطاع غزة أن يذهب إلى المختار أو إلى مقعد العائلة أو إلى كبار السن في العائلة ويجمع لى أمثلة شعبية، فعلا نجحت بأن استطاع هؤلاء الاندماج بسرعة في المجتمع الفلسطينى من خلال تجميع التراث الشعبي، ثم تطورت الأمور خلال ستة عشر عاما استطعت أن أجمع أكثر من ألف صفحة في التراث الشعبي الفسطيني.
أما قصة التجربة الأدبية فهي قصة طويلة، الوضع العربي والقومي صعب، كانت لدينا رؤية من سنوات سابقة أن الاستعمار العسكري سيعود للوطن العربي، وقد كتبت في هذا عن طريق أمريكا وإسرائيل عندما تم تحييد قطاع غزة، وهذا إنجاز إسرائيلى من المستوي الأول، إنجاز تحييد قطاع غزة، بدأت إسرائيل تلعب في الوطن العربي كما تشاء وتنشر المخدرات كما تشاء وتعمل على دعم الانقلابيين والإنفصاليين في الوطن العربي ولابد من تدخل الجيش الأمريكى وبعض الجيوش الأجنبية،هذا تنبأت به قبل سنوات، إذن لابد من نقل التجربة الفلسطينية إلي العرب لأن التجربة الفلسطينية من أهم التجارب في العصر الحديث كيف أنتج أدبا راقيا وأدبا عالميا ونحن تحت الدبابات الأمريكية الإسرائيلية ونحن نخضع للبندوقية الإحتلالية، هذه التجربة الخطيرة ينبغي أن ننقلها إلى إخواننا في الوطن العربي حتى يستفيدوا من التجربة الفلسطينية، هذه الأفكار كانت تدور في ذهني لكن أن أقوم بعمل موسوعة من هذا المجال لم يكن بخاطري فجأة ذات مساء اتصلت بي باحثة من شمالي فلسطين من مدينة الطيبة المحتلة قالت لى: يا دكتور بحاجة أن تعمل بحثا عن فلان ذكرت اسم الأستاذ زكي العيلة، الله يرحمه، وقالت أيضا: أسمع أنك تعمل موسوعة قلت: أبدا ماعندى فكرة عن هذه الموسوعة، طبعا لم أنم تلك الليلة، موسوعة، تمسكت بهذه الكلمة وبدأت أبحث في المقربين عندي بأن أجمع التجارب الأدبية من داخل المعتقلات ومن خارج المعتقلات ومن كل الأدباء في قطاع غزة لهم كتابات قديمة فبدأت أجمع وأعيد صياغة وأكتب ونشرت أول كتاب أسمه، السرد والدلالة في الرواية والقصة الفلسطينية، صدر في جامعة الأزهر ثم بدأت تتوسع إلي إخواننا داخل خط 48 ثم بدأت اتصل بالأردن واتصل في مصر واتصل في المنافي الفلسطينية كتبت قائمة أهم مئة أديب ومفكر وناقد فلسطيني،علي أن اتصل بهؤلاء جميعا وأوجه لهم أسئلة كيف كتبوا في التجربية الأدبية الفلسطينية.
س ـ إذن المائة أديب والناقد والمفكر الفلسطيني الموجودين في هذه الموسوعة هم على قيد الحياة ؟
– هي إشكالية كبيرة واجهتنى، منهم من رحل وتلك المدة الزمنية من 48 حتى الآن من تجاوز الستين في عمره، من حضر النكبة، أريد تجارب من عاصر حرب 67 وعايش قضاياها ومشاكلها العويصة يعنى لم آخذ أقل من ستين سنة على الإطلاق واجهنا عدة مشاكل كثيرة، أول مشكلة كيف أتواصل مع هؤلاء في سوريا كيف أتواصل معهم في العراق وفي مصروأمريكا و كندا في كل الأماكن كيف اتواصل مع هؤلاء؟ طبعا علاقاتي طبعا الحمد الله في الوطن وخارج الوطن ساعدتنى كثيرا كان وقتها يوجد الايميل فقط قبل ظهور الفيس، فصرت اتقرب من فلان أخذ لفلان لفلان فتوصلت لكثير من الناس ثم ظهر الفيس الذي ساعدني أكثر وهناك شخصيات لم أستطع التواصل معها حتى الآن لم أجد لها أى عنوان، بعض الشخصيات التى رحلت اتصلت بالعائلة اتصلت بالزوجة اتصلت بالأولاد وأرسلوا لى أوراق هم كتبوها قبل الرحيل هذه الأوراق هي شهادات هي أفكار كتبوها ولم تطبع وأنا أعيد طباعتها في هذه الموسوعة،هناك من لم يسأل ولم يردعلى تواصلي فلجأت إلي وسائل الإعلام ،وأخذت الأفكار التي كتبوها وأعدت ترتيبها، الشئ الغريب أن معظم الناس خارج قطاع غزة لم يصدقوا أن هناك باحث من غزة يلعب هذه اللعبة يعتقدون أن غزة فقط هي عملية طخ هي عملية مجاري فقط مثلا على سبيل المثال الدكتور حسام الخطيب ربنا يعطيه الصحة من أهم النقاد العرب وله باع طويل في تأسيس منظمة التحرير وهو ناقد كبير جدا في الوطن العربي لدي إصرار أن اتواصل مع هذا الرجل لم أجد له عنوانابأي حال من الأحوال، تمكنت عن طريق الفيس فكتبت، الخطيب، ظهرت لي أسماء كثيرة جدا ظللت أجرى وراءها إلى أن عثرت على صبيه فسألتها عن الأستاذ يوسف الخطيب فقالت لي ليس أبي، قلت لها: من أبوك؟ قالت: أبي يكتب نثرا، قلت لها: أنا عاوز حسام الخطيب، إنه أبي وأعطتني إيميل وقالت لي هو يتعالج في كندا أعطتنى ايميل ابنه في كندا، تواصلت معه وأرسلت له رسالة فرد علي برسالة وهو يبكي، غزة تعرفني فقلت له: وتقرأ لك كتبا، فأرسل لي رسالة فيها عميق الامتنان وعميق المحبة لغزة وقد صدرت هذه هذه الرسالة في جزء من الموسوعة، المدهش بعد أن أرسل لي الرسالة وكل ما طلبت بشهر واحد أصب بحالة من الزهايمر، كلمته فلم يعرفني ذكرته باسمي لم يعرفي فاعتذرت السيدة زوجته لي وأخذت الهاتف بعد نصف دقيقة من المكالمة معه، الأن هو في قطر لا يستطيع أن يفعل شيئا، من الانجازات أيضا أيام تلفزيون فلسطين كنت أنا مذيع في تلفزيون فلسطين كانت لي برامج أدبية في تلفزيون فلسطين وأستضفت أكثر من مئة أديب فلسطيني وعربي من الضفة الغربية ومن داخل خط 48 و من تونس من ومصر أستضفت هؤلاء، للأسف معظم الأشرطة حوالى مئة شريط مئة حلقة نقلت إلى موقع تلفزيون فلسطين في المنطار فضربها الطيران الإسرائيلى فأفتقدت كل هذه الأشرطة، بقي عندي في البيت عشرين شريطا هي الآن موجود على اليويتوب، افتخر أنني عملت لقاء ساعتين مع الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد واعتز بهذا اللقاء وهو يقول هذا أهم لقاء في حياتي لأنه أول لقاء له على شاشة تلفزيون فلسطين فقمت بتجميع هذه اللقاءات ضمن النشاط الذي أمارسه في هذه الموسوعة.
س ـ يمكن الوصول دكتور لهذا الكم الكبير من المعلومات حول النقاد والمفكرين والأدباء الفلسطينيين والتواصل بشكل شخصي مع كل منهم طبعا يضيف كثير من هذه الموسوعة، لكن أيضا يمكن كثير من الصعوبات واجهتك مثل صعوبة الحصول على عناوينهم أو صعوبة التواصل خصوصا أن الجهد في التجميع هو جهد فردي لحضرتك بدون وجود مجموعة مساعدة من زملاء أو حتى طلبة العلم لديك في الجامعة؟
– الطلبة الشهادة لله أنهم ساعدوني كثيرا في موسوعة التراث الشعبي كنت عندما أريد شيا ما أكتب الأسئلة لطلابي وأرسلهم للمختار في المكان الفلاني في بني سهيلا في خانيونس في رفح في جباليا في كل زوايا قطاع غزة أرسلت طلابي وعادوا لي بالإجابات التي أشرفت على طرح أسئلتها، لكن في موسوعة التجربة الأدبية ساعدني زملاء من 48 خاصة الدكتورة هيفاء مجادلة، ومن الأردن زملاء بصفة شخصية، هناك بعض العائلات الذين لم يستجيبوا لي في غزة أو في 48 مثلا عائلة يوسف الخطيب وهو شاعر كبير ومؤسس في منظمة التحرير لم أجد من يدعمني رغم أن ابنته موجودة في غزة الآن وهو من الخليل أصلا لكن بعثت لها عدة رسائل لم تستجب لي، وهو متوفى وعائلته مشردة ولم أستطع العثور على شيء فأعتمدت على ما كتبه عنه الزملاء وماكتبه هو في الإعلام، ما كتبه هنا وهناك استطعت أن أجمع، هناك مثلا كتاب على قيد الحياة لكن لم يستجيبوا لي بسبب انشغالهم مثل الدكتور فيصل دراج وهو أهم ناقد عربي الآن رجل كبير في السن لا عنده تلفون ولا عنده جوال ولا عنده إيميل ولا فيس، حاولتأن اتصل عدة مرات لم اتمكن فقمت بتجميع كتبه ومقالاته ولخصت ما أريد ، لأن تجربته مليئة بأهم الأفكار لكن بعد أن صدرت النبذة عنه استطعت أن أكلمه على الفيس في مناسبة معينة فقلت له عملت عنك فرحب وقال لي دكتور محمد أفعل ما تشاء واعتذر لي أنه لم يستطع، أصلا كان في سوريا ثم غادر سوريا وترك مكتبته وترك بيته وأقام في الأردن لاجئا جديدا بعد أحداث سوريا .
س ـ العمل في إعداد الموسوعة استغرقت أكثرمن سبع سنوات صحيح دكتور 2800 صفحة يمكن الصعوبات اللي واجهتها في التوصل لهذا الكم الكبير من الكتاب والأدباء والمفكرين في الداخل والشتات أدى إلي طول الوقت في إعدادها؟
– هي سبع سنوات ليست كثيرة، أعتبرها سريعة جدا، هذا العمل يحتاج إلي فريق عمل وقد لا تنجز في ثمانية سنوات لكن طبيعتي أنا نشيط جدا لا أنام الليل قلق وطبيعة الأدب يحتاج إلى قلق إنساني وقلق قومي ليتم إنجازه لا أيأس ولا أحب اليأس بأي حال ولا الملل خلاص أريد فلانا يعني أريده، سواء وافق أو لميوافق أريد أن أعمل معه مقابلة الآن، بعد أن نشر الخبر بعد ثلاثة أيام عن إنجاز الموسوعة بدأت الاتصالات من البعض الذين لم يتفاعلوا معي، دكتور آسفين ممكن نبعتلك؟ قلت: أنا أرسلت لكم رسالة رقم كذا بتاريخ كذا من خمس سنوات فيها أسئلة قالوا: آسفين الآن جاهزون ما رأيك؟ طبعا أشعربحرج شديد جدا الرد صعب أن أقول له انتهي وأعطيه فرصة أسبوع أن يجهز أجابة على الأسئلة في أسبوع، أشك أن يجهز في أسبوع لأن الكتابة عن الذات صعبة، الإجابة على أسئلة تجربة من الطفولة حتى الآن صعبة.
حقيقة وأنا أقرأ تجارب الزملاء أحيانا قاسية جدا كل فلسطيني له تجربة خاصة تصلح فيلم تصلح دراما كل فلسطيني حتى الباقون هناك عام 48 حتى بالضفة الفلسطينية حتى في المنفى الحياة قاسية مع الفلسطيني في كل مكان. طرحت في الموسوعة عشرات القضايا في الأدب الفلسطيني لأن المقيم في الخليج يتبع ثقافة النظام الحاكم هناك، المقيم في سوريا يتبع ثقافة الحاكم في سوريا، كذلك في كندا عنده أفق أوسع عنده أفق إنساني، هذا التمزق المكاني أوجدت تعدد ثقافات في الأدب الفلسطيني وهذه إشكالية تطرح الآن على بساط البحث، ما الذي يحدث فلسطين مقيم في دول الخليج يتبنى الاتجاه الديني،الفلسطيني المقيم بالعراق يكتب في الاتجاه القومي، فلسطيني مقيم في مصر يكتب في الاتجاه الناصري، هذه إشكالية، نحن أيضا في غزة نكتب مختلفين هي إشكالية تواجه المكان الجغرافي في الأدب الفلسطيني غالبا أنه يؤثر في الرؤية.
س ـ يمكن دكتور بالعكس بدل أن تكون نقطة سلبية قد تكون نقطة إيجابية وهي أثرت في الأدب أنه يكون منوع بتنوع هذه التقافات التي يعيش فيها الأدباء والمفكرين؟
– كلام رائع جدا وكلام ممتاز جدا هذا سر ثراء الأدب الفلسطيني أننا موزعون على عدة ثقافات على عدة اتجاهات فكرية بالتالي الأدب الفلسطيني يعج بكل أنواع الثقافات الموجودة على وجه الأرض، ليس هناك ثقافة على وجه الأرض يخلو منها الأدب الفلسطيني حتى الثقافة الإيرانية موجودة في الأدب الفلسطيني، الثقافة في أمريكا موجودة في الأدب الفلسطيني، الثقافة في البرازيل موجودة في الأدب الفلسطيني، قمت بتجميعه خلال الثمانية سنوات في عدة أجزاء صدرت في جامعة الأزهر، خلال ستة سنوات أصدرت ستة أجزاء، لكن الآن أريدها أن تصدر مجموعة كاملة في جزئين في ثلاثة أجزاء، لا أعرف، مشكلة النشر مشكلة صعبة .
س ـ سنتحدث عن موضوع النشر خصوصا مشاكل دور النشر في غزة لا توجد دور نشر، ولكن عندما نحكى عن موسوعة تشمل تجربة مائة أديب ومفكر وناقد فلسطيني، دكتور محمد مهم جدا أن نتطرق إلى تجربتك الخاصة، التجربة الغنية أيضا والتي أوصلتك بأن تكون محمولا بهذا الهم والقلق الأدبي الفلسطيني؟
– أنجزت كتابا ملخصا عن تجربتي قبل يومين جعلتها آخر تجربة أختم بها هذه الموسوعة، كتبت عن طفولتي وأنا عمرى ثلاثة سنوات أتذكر حرب 1956 م، ثم حفظت جزء عم قبل أن أدخل المدرسة ، دخلت المدرسة وأنا عمرى خمس سنوات ونص.
حضرت عدوان 1967 م بكل تفاصيله وتكلمت عن علاقاتي بالشقيري وجيش تحرير الفلسطيني وكل القضايا لخصتها في أربعين صفحة تقريبا . عملت في كل شي وبالتالي عاصرت الحروب كلها وسافرت هنا وهناك، لي دور إيجابي غالبا في المجتمع في تأسيس أشياء كثيرة جدا سنتحدث عنها وبالتالي الشي الذى أعتز به كثيرا أن كثيرا من أدباء فلسطين بدأوا يكتبون سيرتهم الذاتيه في كتاب من خلالى من خلال تجربتي أن أطلب منهم في أسئلتي أن يكتبوا عن التجربة وأوجه مرة ومرتين وثلاثة في الآخر انطلق أن يكتب سيرته الذاتيه في كتاب، أعرف أن أكثرمن ثمانية أدباء فلسطينيين باشروا ومنهم أديبة أنجزت سيرتها الذاتية وكتبت لها مقدمة وهي تعتز، فخور جدا بأنني دفعت بعض الأدباء الفلسطينيين أن يكتبوا تجربتهم الأدبية والحياتية، كنت أقول أن التاريخ الفلسطيني المكتوب بالصفة الرسمية فيه كثير من الخلل وبالتالي أطالب كل من له تجربة إيجابية في القضية الفلسطينية أن يكتب سيرته الذاتيه، أن يكتب تجربته الذاتيه بدون مواربة بدون مجاملة بدون كذب يكتبها كما هي، هذا هو التاريخ الصحيح للقضية الفلسطينية دون تجميل.
س ـ هذا التاريخ والتوثيق للأدب الفلسطيني عبر التجارب الشخصية إلى أي حد يخدم تاريخنا الفلسطيني ويحميه من التزوير والسرقات، سرقات الاحتلال التى وصلت إلى سرقة التراث وسرقة التاريخ وتجاوزنا مرحلة سرقة الأرض؟
– سؤالك رائع جدا وملغوم وفيه كتير محتوى أسئلة يعنى تكلمت عن سرقة التراث في موسوعة التراث الشعبي التى صدرت قبل خمسة أشهر في جامعة الأزهر تكلمت بتوسع كيف إسرائيل تسرق التراث الشعب الفلسطيني كيف إسرائيل تدمر التراث الشعب الفلسطيني كيف إسرائيل تزرع لها تراثا في فلسطين تكلمت بموسوعية وقلت حاجتين وأصيب اليهود بجامعة حيفا بالدهشة والذهول كيف توصلت إلى هذه النتيجة ولم يستطيعوا الرد بسهولة، قلت: أن الشيكل الموجود الآن هو ليس إسرائيليا بأي حال من الأحوال هو فلسطيني، لليوم نحن نقول الشقلة، الشقلة هي الشيكل التي كان معمول بها في فلسطين قبل أربعة الآف سنه ومن التوراة استطعت أن أستدل على ذلك لأنه في التوراة وحدة الوزن لدى بنى إسرائيل هي المثقال، المثقال كما هو موجود بالتوراة، وبالتالى لاعلاقة لهم بالشيكل وبالتالي وجدوهافي فلسطين وجدوها لدى الفلسطينيين، هي أصلا عملة بابلية لكن كان معمولا بها في فلسطين وكان الجيش الفلسطيني في تلك الفترة أقوىجيوش في المنطقة أدخل صناعة الحديد إلى الشام والعراق والملك داود تعلم صناعة الحديد عند الفلسطينيين.
شيء ثان النجمة السداسية التى يعتز بها اليهود لا علاقة لهم بها بأى حال من الأحوال وقد أثبت هذا في موسوعة التراث الشعبي أن النجمة السداسية هي ملك للقائد الفلسطيني جالوت لأنه كان يؤمن بالمعتقد الفرعوني والمعتقد الفرعوني يعتبر أتون إله الشمس هو الأساس، فالشمس كانت مقدسة عند الفراعنة، القائد الفلسطيني جالوت رسم الشمس على درعه وهي عبارة عن دائرة وستة إشعاعات عليها، الملك داود قتل جالوت وأخذ الدرع والرمح إلى بني إسرائيل، ثم قاموا بنسبها إلي داود، هي عملية سطو على التراث الشعبي الفلسطيني.
الشيء الغريب وأنا شاهدته بعينى ذلك قبل أربعين سنة كان اليهود يفعلون أشياء غريبه جدا في بلادنا كانوا إذا أراد أحد من غزة أن يبني سطح باطون بعهد الحاكم العسكري أنه بحاجة إلى تصريح والحاكم العسكري يقول له إياك أن تصب الباطون إلا بوجودى أنا، فكان الحاكم يحضر ومعه عملة معدنية إسرائيلية ينثرها ويرميها في الباطون ويقول: حتى يحميها الرب، القضية ليست قضية رب، هو يزرع تراثا هنا وهذا أيضا موجود في إسرائيل وموجود في الضفة الغربية الفلسطينية يصعب بناء سطح باطون في إسرائيل إلا وينثر فيه عملة معدنية، هم يقولون حتى يبارك الرب ولكن القضية يزرعون تراثا هنا شئ غريب، أيضا قبل أن ينسحبوا من سيناء بأيام حفروا حفرا عميقة في سيناء وصبوا فيها أطنانا من المعادن العبرية المكتوب عليها كلام عبريا حديثا وقديما وطمروها، يريدون أن يزرعوا لهم ثراثا في سيناء.
قام اليهود بعملية سطو وتزوير سرقوا الأرض وأرادوا السطو على إفرازات الأرض والتراث الشعبي، الآن يحاولون تغير الذاكرة الفلسطينية وتشويش الذاكرة الفلسطينية من خلال بعض الاتجاهات الدخيلة على القضية الفلسطينية وإلغاء تاريخ فلسطين وإلغاء تاريخ منظمة التحرير الفلسطينية وتشويه صورة ابو عمار وتشويه القيادة الفلسطينية مقصود من يقوم بذلك هو مدفوع الأجر من إسرائيل للإلغاء الذاكرة الفلسطينية.
زارت فدوى طوقان مدينة يافا الفلسطينية عام 1968 كان باستقبالها إيميل حبيبي وسميح القاسم وتوفيق زياد ومحمود درويش ومعظم الأدباء، ألقت قصيدة، رد عليها محمود درويش بقصيدة رائعة جدا ومن ضمنها: أختاه نحن هنا لا نكتب أشعارا ولكنا نقاوم، يقاوم بالشعر، والكلمة لها تأثير بالعالم، إسرائيل استطاعت أن تستغل الكلمة استغلالا قويا جدا ضد الشخصية الفلسطينية في أوروبا .
س ـ هذا الهم الفردي على الكتاب والادباء والمفكرين والنقاد إلي أي حد يمكن أن نقول أن هنالك اهتمام من قبل المؤسسات خصوصا المؤسسات الرسمية وأيضا تأخذ وتهتم حتى يتجاوز الموضوع الهم الفردي لكل مثقف وكاتب ومفكر ويكون هنالك تبني بشكل حقيقي من قبل المؤسسات الرسمية تحديدا؟
– تفتحين جرحا عميقا وتضعين عليه الملح من أراد أن ينتظر المؤسسات الوطنية أو المؤسسات الرسمية عليه أن يجلس بجوار زوجته، المؤسسات الوطنية قليلة العطاء لأنه أصلا ميزانيتها ضعيفة ليس لديها العطاء من أراد أن يعتمد على مؤسسات الوطن عليه أن يجلس وينام، المؤسسات الوطنية القومية يمكن أن تطبع ديوان شعر من عشرين صفحة كبيرها مئة صفحة لأن ميزانيتها بسيطة لكن ان تطبع موسوعة ثلاثة الآف صفحة يكلفها عشرين ألف دولار فوق طاقتها، الأخوة القائمون على هذه المؤسسات هم شرفاء مجاهدون نقاد رائعون ممتازون لكن القيمة المالية عندهم لا تسمح، ميزانية وزارة الثقافة الفلسطينية تعادل مائة الف دولار سنويا ،بينما ميزانية وزارة الثقافة في إسرائيل أكثر من أربعمائة مليون دولار وبالتالى لا أعتمد كثيرا على المؤسسات الوطنية .
س ـ غير قادرين أن نطبع موسوعة فلسطينية توثق للأدب الفلسطيني وللأدباء والمفكرين، أحكي في نقطة تانية نقطة الوصول للعالمية بأدبنا الفلسطيني وترجمة الكتب، لدينا هذا الكم الكبير والمخزون الكبير من الأدب الفلسطيني والموسوعات التوثيقية وتاريخ الحركة الأدبية بحاجة إلى ترجمتها أو نشرها على مستوي عالمي دكتور محمد لمقاومة الاحتلال ولمقارعة الاحتلال على مستوي العالم ونصرة القضية الفلسطينية؟
– سيدتي كلامك يفتح أفكارا وقضايا ملتهبة في الأدب الفلسطيني نحن لدينا أدب فلسطيني يصل إلى العالمية، محمود درويش عالمي وإيميل حبيبي عالمى وغسان كنفاني عالمي وجبرا إبراهيم جبرا عالمى وتوفيق زياد عالمي وسميح القاسم وفدوى طوقان، كثير جدا من الأدباء في فلسطين تترجم أعمالهم إلى أكثر من عشرين لغة عالمية محمود درويش معروف في ألمانيا أكثر من أبو عمار، والذي يترجم لدرويش يفتخر بأنه ترجم لدرويش، لدينا أدب راق جدا ولدينا أدباء على مستوى عال جدا لكن المؤسسة الإسرائيلية تحارب هؤلاء قدر الإمكان في كل أماكن العالم تحاول أن تشوه صور هؤلاء قدر الإمكان، الأدب الفلسطيني بخير لدينا شعراء ممتازون لدينا كتاب على قدر عال جدا من الأهمية، الرواية الفلسطينية حازت على جوائز عالمية في الفترة الأخيرة رواية مصائر للأستاذ ربعي المدهون، رواية حياة معلقة للدكتور عاطف أبو سيف وصلت إلى المرحلة النهائية، لدينا كتاب من يقرأ لهؤلاء في فلسطين من يقرأ لهم في الادب العربي، لدى الشعب العربي المؤسسة غائبة عن تكريم هؤلاء والاحتفاء بهؤلاء والقليل من الناس من يعرف عاطف ابو سيف، وربعي المدهون أهم كتاب رواية في فلسطين وهو من المجدل من مخيم خانيونس يقيم الأن في لندن تاريخه النضالى مشرف.
س ـ طباعة ونشر الموسوعة انتهيت من إعداد الموسوعة ألفين وسبعمئة صفحة، مائة ناقد ومفكر وأديب فلسطيني موجودون داخل الموسوعة كل هذه التجارب لكن تواجه الآن مشكلة ليس هناك من يتبني أو يدعم أويمول أو يتبرع من أجل نشر هذه الموسوعة طباعتها ونشرها؟
– في غزة نعاني من أزمة المكان لو طبعت في غزة كيف ترسل ألى مصر وإلى الضفة الغربية، الآن موسوعة التراث الشعبي النسخة الواحدة تكلفنا ثلاثة دولار اذا أرسلتها إلى رام الله، كيف أبعت مائتي نسخة؟! من سيدفع تكاليف إذا ارسلت؟ لايمكن أن تجتاز الحدود بصورة طبيعية، وبتفتيش إسرائيلي صادروا أحيانا كتب نحن بحاجة الى تنسيق حتى أبعث عشر نسخ إلى رام الله لتباع هناك، بل ذهبت إلى الناصرة وتم بيعها بسرعة ولكن التكلفة عالية جدا، موسوعة التجربة تباع بغزة بعشرة دولار وتباع بالناصرة بثلاثين، وتباع برام الله بعشرين دولار، من يستفيد من إنتاج الكاتب؟ الكاتب لن يستفيد قرشا واحدا في جيبه، المستفدون هم التجار والمطابع، وبالتالى لا بد من وجود دار نشر محلية أعرفها وتعرفنى للتفاوض حول الموضوع، الآن اتصلت بنا دار النشر من 48 لكن كان عرضهم ضعيفا جدا، مشكلة المعابر والحصار وهل قطاع غزة سيشتري مائة نسخة من الموسوعة ولا خمسين نسخة وبالتالي الخسارة ورادة مالية، هذه إشكالية نعاني منها في الطباعة والنشر في غزة بالذات.