الدكتور عمّار النهار ومدرسة التاريخ في سورية

حاوره: أبو الحسن الجمال – كاتب ومؤرخ مصري

الدكتور عمار النهار، رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب – جامعة دمشق بالجمهورية العربية السورية، من أعلام مدرسة سوريا التاريخية؛ التي أنجبت العشرات من الأعلام في كافة التخصصات، وقد تخصص في التاريخ المملوكي في مصر والشام؛ وكان دافعه للتخصص في هذا المجال أن هذا العصر قد ظلم رغم الدراسات الكثيرة حوله وقد كتبها المستشرقون والمؤرخون العرب، وقد تمخضت رحلته في هذا المجال عن مؤلفات عديدة تنوعت بين التأليف والتحقيق، إضافة إلى مشاركته في المؤتمرات والفعاليات الثقافية.
ولد عمّار محمد النهار في مدينة دمشق في 21 ديسمبر سنة 1973، وتعلم في مدارسها ثم التحق بقسم التاريخ في كلية الآداب جامعة دمشق، وتخرج فيها بتفوق، ثم أكمل دراساته العليا فحصل على الماجستير في رسالة بعنوان “دراسة وتحقيق قطعة من مخطوط مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (الدولة العباسية) لابن فضل الله العمري”، 2002، ثم على حصل على الدكتوراه في رسالة بعنوان “الحياة الفكرية في مصر في عصر دولة المماليك البحرية” 2005، وقد تدرج في الوظائف حتى حصل على الأستاذية في التاريخ والحضارة الإسلامية، ثم توج هذا النجاح بتوليه رئاسة قسم التاريخ بآداب دمشق.


وقد أثرى الدكتور عمار النهار المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات التي بلغت أربعين كتاباً، وتنوعت بين التأليف والتحقيق إضافة إلى عشرات الأبحاث ومن مؤلفاته نذكر: “موسوعة الدُّول العربية الإسلامية وحكامها”،و”العصر المفترى عليه- عصر المماليك البحرية”، و”تاريخ المماليك”،و”مصر وبلاد الشام في عصر المماليك”،و”المدخل إلى تاريخ الحضارات”، و”هكذا سلَّم هؤلاء بيت المقدس للفرنج الصليبيين”،و”حضارة العرب والمسلمين في كتابات علماء الغرب المنصفين”،و”دور علماء الحضارة العربية الإسلامية في تأسيس العلوم الحديثة”، و”العصر العباسي والأندلسي السياسي والحضاري”،و”المذاهب الفكرية والحضارة الإسلامية”،كما هذب العديد من كتب التراث مثل: “الدارس في تاريخ المدارس”، و”أبو علي الحسن بن الهيثم الممهد للصعود للقمر”، و”الرازي أبو الطب العربي”، و”أمير الأطباء الشيخ الرئيس ابن سينا”، وحقق بعض كتب التراث مثل: “نزهة الأنام في محاسن الشام”، و”النقود” للمقريزي.
له العديد من المقالات والأبحاث في عدد من الصحف والمجلات فاقت المئتين ونشرت في المجلات الآتية:مجلة دراسات تاريخية (جامعة دمشق) – مجلة جامعة دمشق – مجلة المعهد الفرنسي – مجلة اللغة العربية في الهند – مجلة الخزانة في العراق – مهد الحضارات (سورية المديرية العامة للآثار والمتاحف) – الأدب العلمي (سورية) – دوائر الإبداع (سورية) – الخيال العلمي (سورية) – تاريخ دمشق (سورية) – التراث الشعبي (سورية) – التراث العربي (سورية) – المعلم العربي (سورية) – الحرفيون (سورية) – تاريخ دمشق (سورية) – مجلة أصدقاء دمشق.
وفي حوارنا معه حدثنا عن نشأته وأثرها في حياته العلمية فيما بعد، والدوافع التي جعلته يتخصص في تاريخ دولة المماليك في مصر والشام، وجهوده الأخرى في تحقيق التراث والتراث الشعبي، ثم دور المدرسة السورية في الدراسات التاريخية، وموضوعات نطالعها في هذا الحوار:

حدثني عن النشاة وكيف كان لها الأثر في كونك مؤرخا بعد ذلك؟
– كانت نشأتي في أجواء علمية متشابكة وأحياناً متعاكسة، أبلغ الأثر لما بأت الدراسة في المعهد الشرعي الإعدادي الثانوي، هنالك بدأت أشعر _ من خلال طروحات أساتذة مخلصين غيورين _ أنني أمام تحديات تتعلق بتشويه تاريخنا العربي الإسلامي، فبدأت ومنذ كنت في الثانوية أكتب بعض الصفحات الخجولة، لكنها كانت المنطلق نحو تشكيل منهج تاريخي في عقلي، ثم نحو شغف كبير بدراسة التاريخ العربي الإسلامي، ثم التعمق به، ثم التأليف عنه، ثم التصدي للتزويرات التي طالته.

ما الدوافع التي جعلتك تتخصص في التاريخ الإسلامي ؟
– الدافع الأول: ما رأيته من ضعف ثقافة المجتمع عن التاريخ العربي الإسلامي.
الثاني: تداول الناس لأكاذيب في التاريخ وأغاليط على أنها حقائق.
الثالث: ما درسته عن تزويرات المستشرقين لتاريخنا.
الرابع: شغفي بالسيرة النبوية خاصة.
الخامس: هدف وضعته نصب عيني، وهو التصدي للذين يحاربون تاريخنا بوسائل كثيرة.

الأستاذ القدوة في حياة الدكتور عمار النهار وذكرياتك مع أساتذتك الآخرين؟
– كان هناك أستاذ له أثر كبير في ظهور شخصيتي العلمية التحليلية، وهو الأستاذ مروان شيخ الأرض – رحمه الله تعالى -، ومثله الدكتور سلطان محيسن، والدكتور مفيد رائف العابد.
لكن أبرز هؤلاء في مسيرتي العلمية كانوا ثلاثة من النساء رحمهم الله تعالى: الدكتورة ليلى الصباغ، ونجدة خماش، وخيرية قاسمية.
وكان لمؤرخين لم ألتق بهم أثر كبير في تكوين شخصيتي العلمية ومنهجيتي التاريخية، ومنهم: الدكتور محمد الغزالي، والدكتور محمد عمارة.

تخصص الدكتور عمار في تاريخ المماليك في ما عطائكم في هذا المجال؟
– بداية كان لموسوعة مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري الفضل الأول في تعرفي على عصر المماليك، ثم بدأت أبحث فيه، فوجدته عصراً تعرض للظلم والتشويه، فأقبلت بكل حافزية نحو دراسته، وكتبت عنه قريب من عشر مؤلفات وعشرات الأبحاث والندوات والمؤتمرات.

دور مدرسة سورية في التاريخ الإسلامي وأهم أعلامها وعطائها في التأليف وتحقيق التراث؟
– أقول وبكل شفافية: لا يمكن أن أتحدث عن مدرسة تاريخية في سوريا مقارنة بالمدرسة التاريخية في مصر مثلاً، فهناك فروق كثيرة وبون شاسع بين الجهتين، لذلك أتمنى أن تتشكل مدرسة تاريخية سورية على أيدينا، وهذا كله يحتاج إلى دعم وإلى تأهيل أجيال، وإلى بناء أساس منهجي يمكن الاستناد عليه.
أما أبرز أعلام التاريخ الإسلامي في سورية فهم: صلاح الدين المنجد، محمد أحمد دهمان، مطيع الحافظ، قتيبة الشهابي، أكرم العلبي، شوقي أبو خليل، نزار أباظة، إياد الطباع، محمد رضوان الداية.

حققتم قطعة من “مسالك الإبصار” هل يختلف هذا تعاطيكم مع تحقيق الكتاب كاملا في هذا التوقيت؟
– كانت تجربتي مع تحقيق قطعة من مسالك الأبصار في مقتبل تجربتي البحثية والتحقيقية، ولا أستطيع أن أجعل هذه التجربة نموذجاً أبني عليه، بل كانت منطلقاً نحو التدرب على تحقيق التراث وصولاً إلى التخمر في التعاطي معه، حتى صار ابن فضل الله العمري صاحب هذه الموسوعة شيخي.
أما تجربة تحقيق هذه الموسوعة كاملة: فأنا أدعو بقوة إلى إعادة تحقيقها تحقيقاً علمياً منهجياً يتوازى مع أهميتها الكبيرة، لأن التحثيق المتوافر بين أيدينا أساء إلى هذا الموسوعة فائقة الأهمية، ولا أريد أن أستفيض في الحديث عن عيوب هذا التحقيق.

ما دوركم في تحقيق التراث وعطائكم في هذا المجال؟
– أرجو الله عز وجل أن يكون أثري في تحقيق التراث مؤثر ويصب في جهود أجدادنا في إخراج مخطوطات حضارتنا إلى النور، وتجربتي في ذلك شملت العمل على تحقيق مخطوطات في الزراعة مثلاً، ومخطوطات تاريخية في السيرة النبوية وقبلها أيام العرب، وفي التاريخ المملوكي والأيوبي، وفي تحقيق المخطوطات المتخصة بتاريخ دمشق.
وبفضل الله تعالى نعمل منذ مدة على دورات تأسيسية لتعليم تحقيق المخطوطات، وأنجزنا مع الطلبة مراحل لا بأس فيها في هذا المجال.

هناك هناك فرق بين التراث الشعبي والتراث التاريخي القائم على الدقة وتعزيته إلى مصادره؟
– كلاهما له مصادر الخاصة به، وكلاهما له أهميته الدقيقة، وكلاهما يحتاج إلى عناية خاصة، وكلاهما يشكل مصدراً أساسياً من مصادر تاريخنا.

ما دوركم في نشر ودراسة التراث الشعبي؟ وهل جهودكم قاصرة على منطقة الشام وحدها؟
-ألفت في ذلك كتاب واحد، ونشرت قريب من عشرة أبحاث، كلها تتعلق بالشام، وشاركت عن ذلك بورشات كثيرة مع اليونسكو ومع المؤسسات الثقافية في سورية، وأعمل حالياً كخبير في هذا المجال.

الرحلة ودورها في حياة الدكتور عمار النهار؟
– رحلتي الخارجية اقتصرت على زيارات قصيرة لبعض البلدان العربية والأجنبية، ولغايات علمية بحتة، ولا أستطيع أن أعدها وصلت إلى مرحلة التخمر، بل أعدها تجربة بسيطة.
أما أثر الرحلة الكبير علي، فيتجلى بما أسميه بالرحلة الداخلية، وأقصد في أرجاء مدينة دمشق القديمة، إذ استغرقمعي ذلك قرابة عشر سنوات، فلم أترك مكاناً تاريخياً أو أثرياً تقريباً إلى وثقته وعملت عليه وبذلت في تأريخه جهداً كبيراً.

الدكتور عمار النهار:
1- في المرحلة الثانوية كتبت بعض الصفحات الخجولة، لكنها كانت المنطلق نحو تشكيل منهج تاريخي في عقلي، ثم نحو شغف كبير بدراسة التاريخ العربي الإسلامي.
2- دافعي الأول لدراسة التاريخ ما رأيته من ضعف ثقافة المجتمع عن التاريخ العربي الإسلامي.
3- كان لموسوعة مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري الفضل الأول في تعرفي على عصر المماليك.
4- أتمنى أن تتشكل مدرسة تاريخية سورية على أيدينا، وهذا كله يحتاج إلى دعم وإلى تأهيل أجيال.
5- كانت تجربتي مع تحقيق قطعة من مسالك الأبصار في مقتبل تجربتي البحثية والتحقيقية.
6- تجربة تحقيق موسوعة “مسالك الأبصار” كاملة: فأنا أدعو بقوة إلى إعادة تحقيقها تحقيقاً علمياً منهجياً يتوازى مع أهميتها الكبيرة.
7- وتجربتي في التحقيق شملت العمل على تحقيق مخطوطات في الزراعة مثلاً، ومخطوطات تاريخية في السيرة النبوية وقبلها أيام العرب.
8- رحلتي الخارجية اقتصرت على زيارات قصيرة لبعض البلدان العربية والأجنبية، ولغايات علمية بحتة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى