من أدباء بلاد الرافدين
الصديق الأيسري | المغرب
بلاد الرافدين بلاد الحضارة والفكر والحب، بلاد الخير والجمال والعطاء بما وهبت، بلاد الشعر والقيادة والريادة والزهو والعجب،بلاد الجبال الشماء والأنهار والنخيل والرطب بلاد المسارح والجنائن المعلقة والمعادن والذهب، بلاد المتنبي والرصافي والجواهري وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة وكل السمو والارتقاء والأدب، منها نبحر مع رافدين كدجلة والفرات ونتأمل جريانهما وأمواجهما وعطاؤهما.
يعتبر الكاتب والأديب أحمد لفته علي من بين الأدباء المرموقين ومن ضمن المثقفين الطلائع الذي أنجبتهم بلاد الرافدين وتتسم كتاباته بالواقعية وتحليلاته النقدية بالجدية وبمنهجية تتبنى آليات تجسيدية منطقية حيث يلاحظ عبر قراءاته المتعددة أنه يلامس الإنسانية من خلال تسلحه بالتفاؤل والمحبة نحو غد ومستقبل يسوده الوئام والتسامح ويطغى عليه السلام والوفاء والإخلاص لمبادئ الإنسانية السمحاء ومن بين مقالته الزاخرة بالمحبة والدعوة للخير نختار من كنوزه المعرفية دعوته:
(مازال دعوتي قائمة إلى المحبة بين العراقيين ومنها نستطيع بناء جنة أرضية بدلا من جنة خيالية بتوفير الخبز والسكن اللائق والصحة والتعليم المنتج المجاني، وبناء الزراعة والمصانع، وتنشيط السياحة بكل أشكالها الدينية والترفيهية، وإنشاء مراكز البحث العلمي والتقدم التكنولوجي، والعراقيون هم من يزرعون الحب ويبنون الأوطان ويكسرون شوكة الفاسد والسارق والمرتشي بتعاونهم وتعاضدهم وتسامحهم، وهل نتعظ من الأزمات والنكبات).
فما اختياره الغوص في بحر كتابات الأديب والشاعر العراقي الكردي عصمت شاهين دوسكي سوى تواصل وتناغم الشامخين بما يحملان من فكر إنساني ينادي بالسلام والمحبة بين كل طوائف مجتمع أنهكته الحروب وأفقدته روابط المودة والرحمة والضمير الحي، كلاهما يعتبر وجها لعملة واحدة عملة نفيسة خلقيا وأدبيا وإبداعيا، عملة تنادي بتضافر الجهود من أجل عراق متقدم وأحداث تعيش تحت راية المساواة والديمقراطية والحرية الحقيقية، يتسم الكاتب والأديب أحمد لفته علي بجرأة قوية من النقد الأدبي الجاد والتحليل المنطقي المفيد وذلك لغزارة قراءاته ومطالعته لأمهات الكتب والمراجع الأدبية والثقافية العالمية من مختلف الأجناس من شعر وقصة ورواية ونقد ومعظم الأساطير الثقافية القديمة، وبهذا تمكن بكفاءاته المعرفية أن ينثر تحليلاته النقدية العميقة والجمالية الفكرية والواقعية الخلاقة ليكشف لنا عن عوالم وروعة أشعار الأديب عصمت شاهين دوسكي ليعطينا أطباقا غنية بكل ألوان الإبداع في شتى مجالات الحياة من غزل وحب الوطن وقصائد أوجاع الغربة وويلات الحروب والتناقضات الاجتماعية من كراهية وحب ومن تفشي البطالة والعمل ومن الكذب والصراحة ومن الجشع والقناعة ومن الفساد والأنانية من الجهل والجوع ومن غياب العدالة ووطأة الفقر واللا مبالاة فمعظم قصائد عصمت دوسكي تعني الواقع وتجسد بصور شعرية راقية مكامن الوجع وفي نفس الوقت ايجاد الحل الأمثل وهو بذلك أكثر جرأة من الجراح حينما يعالج الوجع وأقوى من المحامي حينما يدافع عن المظلوم ويتناغم مع الفنان حينما يرسم بكلماته حقيقة الإنسانية ويداعب الألوان بصوره الشعرية حينما يكون الإطار الشعري التكويني المرأة والوطن والإنسانية .
تحياتي وتقديري من المغرب للشامخين الأديب أحمد لفته علي وشاعر الإنسانية والرومانسية عصمت شاهين دوسكي المكافحين بكل إبداعاتهما في سبيل عراق يسوده العلم والمعرفة تحت مظلة السلام والتسامح والمحبة والكرامة رغم إنهما لم ينالا ما يستحقانه من اهتمام الجهات الثقافية المعنية في كوردستان العراق ولا في بلاد الرافدين