تمزيق السلطة إلى سلطات 

بقلم : عدنان الصباح 

 تمزيق السلطة إلى سلطات هدف إسرائيل الأول بامتياز وذلك بهدف شطب اسم فلسطين من التاريخ والجغرافيا والذاكرة حتى عبر تمزيق وحدة الوطن الممزق أصلا بيد أبنائه فبعد أن صارت غزة أمرا واقعا على ما يبدو ولا أحد  يفكر بحكاية الوحدة الوطنية التي أصبحت في خبر كان، والوسطاء توقفوا عن وساطتهم كليا ونسي المشتغلون بالوحدة مهنتهم واختاروا مهن بديلة تعفيهم من مهمتهم الاصل وراحت غزة تبحث عن ممر لها خارج الخناق بوضع حجر الاساس للممر البحري لكسر الحصار (الخناق) الذي لم يعد محتملا لان لا طريق لغزة الى الوطن وجهات الارض موصدة فلا سبيل اذن سوى السماء او البحر فالعالم ادار ظهره لنا بعد ان ضمن كليا ان ظهورنا نحن استدارت لبعض ولم نعد نتقابل الا في بيوت العزاء او على ضفاف السفر او بصدفة الاصدقاء المشتركين ان بقي منهم احد.

اليوم وبعد عقد ونصف من الانقسام تؤسس اسرائيل لتمزيق جديد عبر ترديد حكاية شمال الضفة الغربية واعتباره جسما مختلفا عن جنوبها ووسطها ناهيك عن القدس التي تركناها وحدها بعد ان صارت جنين ونابلس نجوم البطولة وصارت القدس محطة المستوطنين الدائمة وانشغل كل بحاله فالداخل الفلسطيني لا يصحو من موت الجريمة وشمال الضفة لا يصحو من فاشية جيش الاحتلال وتبث وسائل اعلام الاحتلال يوميا صورا واخبارا وتصريحات الهدف منها تسخيف السلطة وتحييدها عن شمال الضفة الغربية بتقديمها على انها مؤسة عاجزة وان مهمتها فقط هي لجم المقاومة لا حماية شعبها وتستسلم السلطة كثيرا لرواية الاحتلال الذي يسعى الى تمزيقها الى سلطات منفصلة لا يربطها احد وقد يكون الرابط الوحيد اليوم بين جهات الضفة الغربية هو ان الرئيس محمود عباس لا زال على قيد الحياة.

كل السيناريوهات القادمة والتي يتحدث عنها الاحتلال بكل اصواته السياسية والامنية تقوم على فصل شمال الضفة الغربية عن باقي المناطق فاليوم لدينا غزة التي تبحث عن مخرج لذاتها بذاتها والقدس الت يتحارب وحدها على كل الجبهات المفتوحة من مقدساتها الى التعليم الى المواطنة ومكان السكن بعد ان تمكنت دولة الاحتلال من تهريب معظم ساكنيها الى الاحياء الخارجية ككفر عقب والتي تريد ان تسميها القدس البديلة ليصبح لنا قدسنا المزورة وتبقى القدس حية بين انيابهم بدون اهلها فتصنع دولة الاحتلال كانتون الوسط الذي سيشمل رام الله والقدس المزورة وشمال الضفة الغربية وجنوبها أي الخليل وبيت لحم وتبقى اريحا مخنوقة بالأغوار التي منحتهم اياها صفعة القرن الترامبية.

السؤال الأهم هو أين نحن من كل هذا أين نحن – ونحن تلك لا حدود لها – فقد يجوز اليوم أن نسال أين حكومة عموم فلسطين التي لم يعلن عن وفاتها رسميا وأين الهيئة العربية العليا التي نامت في ثلاجتها دون أن يوقظها أحد وأين المجلس الوطني وأين المجلس المركزي وأين كل منظمة التحرير بعد أن التهمتها السلطة بموافقتها الضمنية جماعة وفصائل بعد ان تركنا السلطة تطفو على السطح بلا اسس ثابتة الى حد الذي وصلنا اليه مكبلي الايدي امام فعل الاحتلال وسيناريوهاته عن غدنا الذي يريده لنا والمعلن عنها بصراحة بخطط الون ونجوم شارون وموقف بينيت الذي الغى نهائيا حكاية ابريق الزيت ” دولتان لشعبان ” وابلغنا علنا ان كل ما نستحقه من المحتلين بعض منح معلقة على صمتنا يوما بيوم فاليوم نمنح تصاريح العمل والسفر لجنين ونمنعها عن الخليل ثم يكون العكس الى حد عزل قرية عن باقي الوطن واعتبارها عاصية وبات العدو يقرر من العاصي ومن المطيع ويعاقب هذا ويمنح ذاك او يعاقب من اراد ويعاقب من اراد ونحن لا حول لنا ولا قوة.

لا يمكن لشعب ان يموت مهما كانت أوضاعه ومهما كانت درجة ضعفه وكل حالنا اليوم يقول انه يمكننا اكثر بكثير مما نحن فيه وان اجيالنا الجديدة قادرة على صناعة المعجزات وان حالة الموات هذه في اوساط الساسة لا تشبه حالة الحياة في اوساط الجيل القادم وان لم نصحوا فقد نحتاج عقودا وعقود لنستعيد وحدة جنين مع الخليل لا الضفة مع غزة ناهيك عن الجليل والمثلث والنقب ووادي عارة والساحل ولا عزاء بدون غزة.

المهمة التهمة هذه لا يحملها أحد وحده بل كل فلسطيني على وجه الأرض وقد يكون الأفراد مسئولين أكثر ممن يجلسون خلف عجلة القيادة دون أن يسائلهم أحد فإما الصحة او انتظار المهدي أو غودو أو المسيح لعله يعيدنا إلى جادة الصواب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى