نظام الأسرار المصري القديم.. مصر القديمة ” فجر الضمير ”
د. هبة الغنيمي | القاهرة
العلم سلاح ذو حدين، يمكن استخدامه في الخير أو الشر، البصيرة العلمية التي يقودها الضمير تجاه الانسانية هي خير، عكس ذلك هي شر محض، ولذلك كان عند المصري القديم نظام اسمه نظام الأسرار، ملخصه أن المعرفة العلمية التي يمكن أن تقود Yلى الشر تظل من الأسرار لدى كبار العلماء والعارفين حتى لا يستخدمها الجهلة في التدمير .
هذا القانون المعرفي يعرج بنا لفهم أعمق لأحد أهم قوانين الفكر والمعرفة في مصر القديمة ألا وهو “نظام الماعت”، أطلق المصريون القدماء كلمة (ماعت) على جوهر النظام والعدالة للكون والملك والمجتمع والفرد، ولخصت هذه الكلمة الفلسفة الروحية العميقة للأخلاق والقيم والعدل والمثالية.
في مصر القديمة، يتعلم المرء الملك كما يتعلم أية مهنة. إنه الدرس القاسي المستفاد من الثورات. إنها تبين أن أفضل وسيلة لاستتباب النظام هو الالتزام بالمعيار الكوني الذي أسسه الخالق ذاته: معيار “ماعت”، وهي عبارة نترجمها بـ “العدالة” أو “الحقيقة”، ودلالتها أكثر شمولاً: فبفضلها يؤدي العالم وظائفه، لأنها تبقي كل شيء في مكانه الصحيح، ابتداء من قوى الطبيعة وحتى الشعائر التي على البشر أن يقيموها من أجل الإله. وجوهر واجبات الملك القائم بالحكم، إن أراد حقاً أن يحافظ على التوازن، هو أن يسعى ليعمل الناس بمقتضاها وأن يجعلهم يحترمونها فلقد بنى الانسان المصري نظام حياته العادية بحيث يتوافق مع النظام الكونى. واحترم المعرفة والعلم بعد أن بحث في أسرار الطبيعة.
شبهت الاستقامة والعدل بالميزان، ويعد هذا هو أول ذكر لاستخدام هذه الكلمات لمثل هذه المعاني واتخاذه من أجزاء الميزان ومقارنتها بأجزاء جسم الإنسان كالشفتين والقلب العقل والوعي أساساً لتحري الصدق والتمسك بالعدل وهو ما استخدم وعبرت عنه الأديان السماوية فيما بعد، ويدل في الوقت نفسه على نضج فكر وضمير الإنسان المصري القديم من حيث توصله إلى هذه القيم الخلقية والسلوكية الهامة في حياته والتعبير عنها. “اتبع إيقاع الطبيعة ولا تعزف وحدك” .
ففي قانون الطبيعة يكون اتجاهك منسجما ومتناغما مع القانون الإلهي الذي وضعه الله من أجلك دائما.