يقولون إنني أتكلم أثناء نومي
د. أسماء السيد سامح | مصر
لا يعلمون أنني لا أنام..أجل.. لا أظنني أنام.. أنا فقط أنتقل من واقع مزدحم بك إلى حلم هو بك أكثر ازدحاما
يتعجبون ابتسامة أستيقظ بها.. ابتسامة تعانق دمعة.. وكلتاهما تحمل اسمك!
لكنهم يتعجبون أكثر عندما يرون شرودي الصباحي أمام فرن الموقد حيث قالب الكيك الذي اراقبه يرتفع.. يرتفع.. حتى يكاد يقارب الشكل المثالي ثم يهبط فجأة تاركاَ تجويفاً مخيفاً في منتصفه!
هذا المشهد الكارثي الذي كنت أنت كفيلاً بتحويله لموجة من المرح وأنت تهتف بعبث الحل في إعاده تدوير .مهارتك الخبيرة تسعفك لتقطعه قطعاَ صغيرة تسقيها بشراب ما ثم تمنحه زينة خادعة وتمنحه اسماً غير اسمه فتحل المشكلة!
ربما تكون حقاً قد رحلت تاركاَ ندبتك على جبيني.. لكنني لازلت أحفظ نصيحتك.. فأحاول إصلاح ما أفسدتَه أنت بإعادة تدوير
ضحكتي هذه الطفولية العالية التي أفسدتها طعنات الغدر تارة وضربات الخذلان أخرى.. الآن أعدت تدويرها لأجيد ترويض صوتها فأحيلها لابتسامة متزنة تعرف كيف تتحايل على يبس الشفاه!
دموعي هذه التي قديماَ طالما مارست عادتها في الهطول كغيث مالح لا يسقي غرساً ولا ينبت زرعاً.. الآن أعدت تدويره ليسكن في حدقتيّ شاهداَ أخرس على وجع .. وحارساً أميناَ لا يخون.. فقط يلكزني رمحه بخفة كلما تماديت كي لا أعيد الخطأ.
اشتياقي هذا الذي كان يدفعني قسراَ كل مرة لفتح الباب المغلق بيننا.. لصعود السلم الذي لا تنتهي درجاته أبداً مهما تلاحقت أنفاسي.. الآن أعيد تدويره فأحيله لقفل كبير يرقد صارماَ على نفس الباب بيننا بينما أعطي ظهري للسلم الذي ما عاد يعنيني طول درجاته!
قلبي مثلاً! آه! بقي هذا العنيد المراوغ الذي يتهرب من إعادة التدوير..! يختبئ مني فيك.. ويهرب مني إليك.. أبني أسواراَ يهدمها.. أشهر أسلحتي فيخفضها.. فمتى يكبر الطفل المكابر ليدرك أن خسارة العمر ليس بعدها خسارة؟!
وأن الحقائب التي يمني نفسه بفتحها فارغة؟!
متى يدرك الفارق بين الحارس و السجان قبل أن تخنقه رائحة الجدران؟!
متى يستجيب لدعوتي باعادة تدوير فتستحيل خفقاته ل”ممحاة” تطمس نقوش جدراننا القديمة أو “فرشاة” ترسم أخرى جديدة