قراءة في رواية: بيت من قصب للدكتور إبراهيم خفاجة

بقلم: د. جمال فودة
عضو الاتحاد الدولي للغة العربية
كاتب وناقد واكاديمي مصري

إنّ القالب الروائي في (بيت من قصب) استند على مشاعر إنسانية خالدة، اكتسبت أهميتها من خلال الحقبة الزّمنيّة المذكورة التييقوم فيها الكاتب بنبش الذّاكرة، وسرد أحداث الماضي البعيد باستحضاره في الوقت الحالي لإسقاط الواقع عليه، والرواية ذات قيمة عالية، حيث راعت معظم العناصر الفنية المطلوبة للرواية؛ وقدّمت تأريخًا هامًّا عن مرحلة مهمة من حياة نبينا محمد، في حقبة زمنيّة صعبة، لقد حرّك الكاتب الشّخصيّات ببراعة في المواقف المختلفة، وأخرج لنا رواية اجتماعيّة دينيّة وإنسانيّة تجمع بين جودة الأسلوب وروعة المضمون.
فمن ناحية الموضوع ركز الكاتب علىالحياة الاجتماعية (لرسولنا وأم المؤمنين خديجة) بشكل عام واتخذها مصدراً للرواية ،وإن كان لا يعنى بموضوعه فحسب، بل يحاول أن يؤديه أداءً فنياً يتخير فيه اللفظ، ويحاول أن يؤثر به في عقل القارئ وقلبه؛ باستخدام عبارات تمتاز بالتصوير والتشخيص مماأضفى مسحة بيانيةعلى صوره .
ويتميّز أسلوب (خفاجة) بحسن الصياغة وجمال الإيقاع مع الميل إلى الترسل والتفصيل، والإكثار من المحسنات اللفظية كالطباق، وبعض السجع المطبوع الذي يبرز بين الحين والآخر للإسهام في موسيقى الصياغة التي تهدف إلى التأثير في سمع القارئ، وإن كان يلجأ إلىالتكرار والإطناب، وكثيراً ما يعيد في معانيه على طريقة الخطباء، ومع الاهتمام البالغ بالأسلوب إلا أن فقر الجانب الفكري قد نال من بنية الرواية لمحدودية الأحداث وقلتها، فضلاً عن الميل إلى حشد الألفاظ المترادفة والكلمات المؤكدة دون حاجة إلى ذلك يقتضيها الموقف أو تحتاجها الفكرة.
ولم يستطع كاتبنا التحرر من المنهج العلمي والشكل الأكاديمي في الكتابة؛ إذ غلبه تخصصه في تناول أحداث الرواية بمقدمة وخاتمة وتوثيق للمصادر، واستعانة بشواهد عقلية ونقلية، وكأننا أمام بحث علمي، ومن وجهة نظري المتواضعة لو أعاد صياغة بعض أحداث الرواية متحرراً من ذلك المنهج لأخرج لنا عملاً أروع سبكاً، وأكثر تشويقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى