فسحقا للظلام الدامس!

 

صبري الموجي | رئيس التحرير التنفيذي لجريدة (عالم الثقافة)

قبل أن تأذن الشمسُ بالمغيب، ويُرخى الليل سدوله ، فيلف الكونَ ظلامٌ دامس ، قال ابنى الأصغر دون السادسة من عمره والمحترف فى رياضة الشطرنج لأخيه الأكبر، وهما يتنافسان فى مباراة حامية الوطيس قدَح كلٌ منهما فيها زناد فكره أملا فى الفوز على أخيه لينعم بنشوة النصر و(كيس)شيبسى وحاجة ساقعة مكافأة الفوز : فكر سريعا فى نقل قطع الشطرنج لننهى جولتنا قبل انقطاع التيار الكهربائى، والذي اعتاد أن ينقطع يوميا في ذلك الوقت، ثم انبرى فى تضييق الخناق على أخيه بقتل جنوده، وحبس وزيره، ومحاصرة ملكه، وما إن قال له ( كش ملك) حتى انقطع التيار، فجلس حزينا متكئا بصدغه على راحة كفه الصغير ينتظر مجئ الكهرباء التى غابت وطال انتظارها.

والحقيقة أن انقطاع الكهرباء مُؤخرا بصورة يومية أضحى مشكلة تجعل الحليم غضبانا، وذا النفس المطمئنة مضطربا حيرانا، وذلك لانقطاعه يوميا وفى أى وقت دونما سابق إنذار، بل ويستمر انقطاعه ـ الذى تتعطل معه المصالح وتتوقف الحياة ـ ساعة بل قل ساعتين وربما ثلاثا أو يزيد!

وبالسؤال عن السبب يأتي الردُ السمج: بأنه تخفيفُ أحمال لتهالك المحطات، وعدم توافر وقود التغذية .. والسؤال المتبادر للذهن : وهل حلُ أزمة عدم توافر الوقود وتهالك المحطات يكمن فى تخفيف الأحمال؟

إن ذلك التصرف أشبه بمسلك النعامة التى ( دفنت )  وجهها فى التراب فرارا من عدوها، ظانة أنها تُحسن صنعا، فقدمت نفسها إليه لقمة سائغة بدلا من النجاة .

إن مشكلة انقطاع الكهرباء أكبرُ وأفدح من أن تُواجه بمثل هذه الحلول الساذَجة التى هى أشبه بمسكنات الداء .
إن حلها الجذرى والناجع يتمثل ـ بجانب ترشيد الاستهلاك من قبل المواطنين ـ فى التوسع فى إنشاء  محطات توليد الطاقة خاصة الطاقة الشمسية التى تتمتع بها مصر طوال العام، و تجديد الشبكات على مستوى الجمهورية بمساعدة رجال الأعمال والمستثمرين كواجب وطنى نظير امتيازات وتسهيلات توفرها لهم الدولة، بالإضافة إلى توفير وقود التغذية من سولار وبنزين ومازوت بمقايضته بالغاز الطبيعى الذى تحتل فيه مصر المركز 18 عالميا حسب إحصاءات 2007، واستخدام ذلك الوقود وفقط قى تشغيل محطات الكهرباء والمصانع لا  فى تمويل السيارات والمركبات، وتحويل السيارات ووسائل النقل للعمل بالغاز الطبيعى بدلا من السولار والبنزين الذى يؤدى غيابهما إلى شلل الحياة المصرية والمعاناة من الظلام الدامس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى