أدب

فضاءات رواية: “من خبايا الواقع العجيب” للكاتب عبد الحق السرغبني

بقلم: د. عمر كناوي

حول فضاء العنوان
تعد رواية “من خبايا الواقع العجيب”، الصادرة عن شركة دار الصحافة، في طبعتها الاولى 2010 بمكناس، أول رواية صدرت للكاتب عبد الحق السرغيني.وقد استهل عتبة عنوانها بتركيبة هي عبارة عن شبه جملة، ترتبط في دلالتها بالفعل أو شبه الفعل الذي ينوب منابه في المعنى. الشيء الذي ينتج عنه احتمالان إعرابيان: احتمال تعلق الجار والمجرور بفعل ناسخ محذوف على أساس الجملة فعلية. واحتمال ثاني، يقضي اعتبار شبه الجملة خبرا لمبتدإ محذوف، تقديره “قصص”.

ولعل في الاستتار الملاحظ في العنوان، ما يحمل على الاستفهام وجواز التأويل. ولهذا الغرض بالذات، وردت أداة “من” لإفادة التبعيض وتأكيد معنى الغياب. ذلك أن الكاتب، وهو يقف على جزء من خبايا الواقع الموسوم بالعجيب، يخفي في قراة نفسه عدم استعداده لتعريةجزئياته وذكر تفاصيله، حفاظا على ما هو مستتر فيه، وانبهارا بما هو مدهش منه. وبلجوئه لذكر البعض من هذه الخبايا، يكون قد أخفى الجل، الذي يحتمل جدا أن يكون أشد إيلاما، وأكثر كلفة على مدينة الأضرحة وزوايا الصالحين؛ بل إن فضاء الرواية نفسها، لم يكن يتسع لذكر كل الخبايا، لولا لطف التبعيض، الذي طالما أكدت نهايات فصول الرواية، منذ نهاية الفصل1، حتى آخر فصولها، الإقرار بحقيقة إيقاعاته في اللازمة النصية التالية: “مدينة تعج بأضرحة الأولياء وزوايا الصالحين، وفي مجتمع تتملك النية ناصيته ويؤمن بخبايا الواقع العجيب”، وغير هذه اللازمة من مبثوثات خبايا الواقع العجيب، الممتدة على طول صفحات الرواية.
ومما يوسع دائرة الغرابة، ويقر بمفهوم التعجب والاستعظام، ما يستدرجنا إليه مصطلح العجيب والغريب، اللذين ينتميان إلى جذر  عجب وتعجب، ويشتركان معا في إحداث الدهشة والإعجاب،فضلا عما يحدثانه من مشاعر الغبطة والسرور.

ومصطلح الغريب، كما يتمثله  ابن منظور في معجم لسان العرب، يتضمن فكرة البعد والغموض والالتباس والسر الخفي. وهي المعاني التي يجتمع فيها، دفعة واحدة، العجب والتعجب والاندهاش، كلحظات استعظام فعل ظاهر المزية يقل نظيره، بغرض استحسانه واستملاحه، أو استقباحه واستهجانه.
وفي موضوع العجيب (merveilleux le )، حاول  الكاتب،  منذ صفحة الإهداء، أن يتبنى تعريف أندري بروتون (Andre breton) قائلا: “العجيب دائما جميل، أي عجيب فهو جميل؛ بل ليس هناك من جميل إلا وهو عجيب.” (الروايةص: 4). لهذه وغيرها، لم يجد الكاتب بدا من شكر أبيه الذي هيأ له سبل هذا الإنجاز”(الرواية. ص:الإهداء)، وهي المعاني نفسها التي تجمع في أبعادها الدلالية بين مفهوم الروع والروعة. وما كان لهذه الثنائية أن تتحقق ل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى